بازگشت

احتجاجاته ومناظراته عليه السلام


الأوّل ـ احتجاجه عليه السلام علي اليهود في معجزات النبيّ صلي الله عليه و آله وسلموالإمامة وعلوم

الأئمّة عليهم السلام:

(3381) 1 ـ الحميريّ رحمه الله: الحسن بن ظريف، عن معمّر، عن الرضا، عن أبيه

موسي بن جعفر عليهم السلام قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ذات يوم ـ وأنا طفل خماسيّ ـ إذ

دخل عليه نفر من اليهود، فقالوا: أنت ابن محمّد، نبيّ هذه الأمّة، والحجّة علي أهل

الأرض؟ قال لهم: نعم.

قالوا: إنّا نجد في التوراة أنّ اللّه تبارك وتعالي آتي إبراهيم عليه السلام وولده الكتاب

والحكم والنبوّة، وجعل لهم الملك والإمامة، وهكذا وجدنا ذرّيّة الأنبياء لا تتعدّاهم

النبوّة والخلافة والوصيّة، فما بالكم قد تعدّاكم ذلك، وثبت في غيركم، ونلقاكم

مستضعفين مقهورين لا ترقب فيكم ذمّة نبيّكم؟!

فدمعت عينا أبي عبد اللّه عليه السلام، ثمّ قال: نعم، لم تزل أمناء اللّه مضطهدة مقهورة

مقتولة بغير حقّ، والظلمة غالبة، وقليل من عباد اللّه الشكور.

قالوا: فإن الأنبياء وأولادهم علموا من غير تعليم، وأوتوا العلم تلقينا، وكذلك

ينبغي لأئمّتهم وخلفائهم وأوصيائهم، فهل أوتيتم ذلك؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أدن يا موسي! فدنوت، فمسح يده علي صدري، ثمّ قال:

«اللّهمّ أيّده بنصرك، بحقّ محمّد وآله».

ثمّ قال: سلوه عمّا بدا لكم.

قالوا: وكيف نسأل طفلاً، لا يفقه؟

قلت: سلوني تفقّها، ودعوا العنت.

قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسي بن عمران؟

قلت: العصا، وإخراجه يده من جيبه بيضاء، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم،

ورفع الطور، والمنّ والسلوي آية واحدة، وفلق البحر.

قالوا: صدقت، فما أعطي نبيّكم من الآيات اللاتي نفت الشكّ، عن قلوب من

أرسل إليه؟

قلت: آيات كثيرة، أعدّها إن شاء اللّه، فاسمعوا وعوا، وافقهوا.

أمّا أوّل ذلك: أنتم تقرّون أنّ الجنّ كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه، فمنعت في

أوان رسالته بالرجوم، وانقضاض النجوم، وبطلان الكهنة والسحرة.

ومن ذلك: كلام الذئب يخبر بنبوّته، واجتماع العدوّ والوليّ علي صدق لهجته،

وصدق أمانته، وعدم جهله أيّام طفوليّته، وحين أيفع وفتي وكهلاً، لا يعرف له

شكل، ولا يوازيه مثل.

ومن ذلك: أنّ سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة، وفد عليه وفد قريش، فيهم

عبد المطّلب، فسألهم عنه ووصف له صفته، فأقرّوا جميعا بأنّ هذا الصفة في

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم، فقال: هذا أوان مبعثه، ومستقرّه أرض يثرب وموته بها.

ومن ذلك: أنّ أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة إلي بيت اللّه الحرام ليهدمه، قبل مبعثه،

فقال عبد المطّلب: إنّ لهذا البيت ربّا يمنعه، ثمّ جمع أهل مكّة فدعا، وهذا بعد ما أخبره

سيف بن ذي يزن، فأرسل اللّه تبارك وتعالي عليهم طيرا أبابيل، ودفعهم عن مكّة

وأهلها.

ومن ذلك: أنّ أبا جهل عمرو بن هشام المخزوميّ، أتاه ـ وهو نائم خلف جدار ـ

ومعه حجر يريد أن يرميه به، فالتصق بكفّه.

ومن ذلك: أنّ أعرابيّا باع ذودا[1] له من أبي جهل، فمطله بحقّه، فأتي قريشا

وقال: أعدّوني علي أبي الحكم، فقد لوي حقّي، فأشاروا إلي محمّد صلي الله عليه و آله وسلم، وهو يصلّي

في الكعبة، فقالوا: ائت هذا الرجل فاستعدّه عليه، وهم يهزؤون بالأعرابيّ، فأتاه

فقال له: يا عبد اللّه أعدّني علي عمرو بن هشام، فقد منعني حقّي.

قال: نعم، فانطلق معه فدقّ علي أبي جهل بابه، فخرج إليه متغيّرا، فقال له: ما

حاجتك؟

قال: أعط الأعرابيّ حقّه، قال: نعم.

وجاء الأعرابيّ إلي قريش فقال: جزاكم اللّه خيرا، انطلق معي الرجل الذي

دللتموني عليه، فأخذ حقّي.

فجاء أبو جهل، فقالوا: أعطيت الأعرابيّ حقّه؟ قال: نعم.

قالوا: إنّما أردنا أن نغريك بمحمّد، ونهزأ بالأعرابيّ.

قال: يا هؤلاء! دقّ بابي، فخرجت إليه، فقال: أعط الأعرابيّ حقّه، وفوقه مثل

الفحل فاتحا فاه، كأنّه يريدني، فقال: أعطه حقّه.

فلو قلت: لا، لابتلع رأسي، فأعطيته.

ومن ذلك: أنّ قريشا أرسلت النضر بن الحارث، وعلقمة بن أبي معيط بيثرب

إلي اليهود، وقالوا لهما: إذا قدمتها عليهم فسائلوهم عنه، وهما قد سألوهم عنه،

فقالوا: صفوا لنا صفته؟

فوصفوه، وقالوا: من تبعه منكم؟

قالوا: سفلتنا، فصاح حبر منهم، فقال: هذا النبيّ الذي نجد نعته في التوراة، ونجد

قومه أشدّ الناس عداوة له.

ومن ذلك: أنّ قريشا أرسلت سراقة بن جعشم حتّي خرج إلي المدينة في طلبه،

فلحق به فقال صاحبه: هذا سراقة، يا نبيّ اللّه!

فقال: «اللّهمّ اكفنيه»، فساخت قوائم ظهره، فناداه: يا محمّد! خلّ عنّي بموثق

أعطيكه أن لا أناصح غيرك، وكلّ من عاداك لا أصالح.

فقال النبيّ عليه السلام: «اللّهمّ إن كان صادق المقال فأطلق فرسه».

فانطلق، فوفي وما انثني بعد ذلك.

ومن ذلك: أنّ عامر بن الطفيل وأربد بن قيس أتيا النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فقال عامر

لأربد: إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك فأعله بالسيف، فلمّا دخلا عليه، قال عامر: يا

محمّد! حال.

قال: لا، حتّي تقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّي رسول اللّه. وهو ينظر إلي أربد،

وأربد لا يحير شيئا.

فلمّا طال ذلك نهض وخرج وقال لأربد: ما كان أحد علي وجه الأرض أخوف علي

نفسي فتكا منك، ولعمري لا أخافك بعد اليوم، فقال له أربد: لا تعجل، فإنّي ما هممت بما

أمرتني به إلاّ ودخلت الرجال بيني وبينك، حتّي ما أبصر غيرك، فأضربك؟!

ومن ذلك: أنّ أربد بن قيس والنضر بن الحارث اجتمعا علي أن يسألاه عن

الغيوب فدخلا عليه، فأقبل النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم علي أربد فقال: يا أربد! أتذكر ما جئت له

يوم كذا ومعك عامر بن الطفيل؟

فأخبره بما كان فيهما، فقال أربد: واللّه ما حضرني وعامرا، وما أخبرك بهذا إلاّ

ملك من السماء، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له وأنّك رسول اللّه.

ومن ذلك: أنّ نفرا من اليهود أتوه، فقالوا لأبي الحسن جدّي: استأذن لنا علي ابن

عمّك نسأله، فدخل عليّ عليه السلام، فأعلمه، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: وما يريدون منّي؟ فإنّي

عبد من عبيد اللّه، لا أعلم إلاّ ما علّمني ربّي، ثمّ قال: ائذن لهم، فدخلوا عليه فقال:

أتسألوني عمّا جئتم له، أم أنبّئكم؟

قالوا: نبّئنا.

قال: جئتم تسألوني عن ذي القرنين.

قالوا: نعم، قال: كان غلاما من أهل الروم ثمّ ملك، وأتي مطلع الشمس ومغربها،

ثمّ بني السدّ فيها، قالوا: نشهد أنّ هذا كذا.

ومن ذلك: أنّ وابصة بن معبد الأسديّ أتاه فقال: لا أدع من البرّ والإثم شيئا إلاّ

سألته عنه، فلمّا أتاه، قال له بعض أصحابه: إليك يا وابصة! عن رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم،

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: ادنه يا وابصة! فدنوت.

فقال: أتسأل عمّا جئت له، أو أخبرك؟

قال: أخبرني، قال: جئت تسأل عن البرّ والإثم.

قال: نعم، فضرب بيده علي صدره ثمّ قال: يا وابصة! البرّ ما اطمأنّ به الصدر،

والإثم ما تردّد في الصدر، وجال في القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك.

ومن ذلك: أنّه أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه، فلمّا أدركوا حاجتهم عنده

قال: ائتوني بتمر أهلكم ممّا معكم، فأتاه كلّ رجل منهم بنوع منه، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم:

هذا يسمّي كذا، وهذا يسمّي كذا، فقالوا: أنت أعلم بتمر أرضنا، فوصف لهم

أرضهم، فقالوا: أدخلتها؟

قال: لا، ولكن فصح لي، فنظرت إليها.

فقام رجل منهم فقال: يا رسول اللّه! هذا خالي وبه خبل، فأخذ بردائه ثمّ قال:

أخرج عدوّ اللّه ـ ثلاثا ـ، ثمّ أرسله فبرأ.

وأتوه بشاة هرمة، فأخذ أحد أذنيها بين أصابعه، فصار ميسما، ثمّ قال: خذوها،

فإنّ هذا السمة في آذان ما تلد إلي يوم القيامة، فهي توالد وتلك في آذآنها معروفة

غير مجهولة.

ومن ذلك: أنّه كان في سفر، فمرّ علي بعير قد أعيي، وقام منزلاً علي أصحابه،

فدعا بماء فتمضمض منه في إناء، وتوضّأ وقال: افتح فاه، فصبّ في فيه، فمرّ ذلك الماء

علي رأسه وحاركه[2]، ثمّ قال:

«اللّهم احمل خلاّدا وعامرا ورفيقيهما» ـ وهما صاحبا الجمل ـ فركبوه وإنّه

ليهتزّ بهم أمام الخيل.

ومن ذلك: أنّ ناقة لبعض أصحابه ضلّت في سفر كانت فيه، فقال صاحبها: لو

كان نبيّا لعلم أمر الناقة. فبلغ ذلك النبيّ عليه السلام فقال: الغيب لا يعلمه إلاّ اللّه، انطلق يا

فلان! فإنّ ناقتك بموضع كذا وكذا، قد تعلّق زمامها بشجرة، فوجدها كما قال.

ومن ذلك: أنّه مرّ علي بعير ساقط فتبصبص له، فقال: إنّه ليشكو شرّ ولاية أهله

له، يسأله أن يخرج عنهم، فسأل عن صاحبه فأتاه، فقال: بعه وأخرجه عنك، فأناخ

البعير يرغو ثمّ نهض، وتبع النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم فقال: يسألني أن أتولّي أمره، فباعه من

عليّ عليه السلام، فلم يزل عنده إلي أيّام صفّين.

ومن ذلك: أنّه كان في مسجده، إذ أقبل جمل نادّ حتّي وضع رأسه في حجره، ثمّ

خرخر، فقال النبيّ عليه السلام: يزعم هذا أن صاحبه يريد أن ينحره في وليمة علي ابنه،

فجاء يستغيث.

فقال رجل: يا رسول اللّه! هذا لفلان، وقد أراد به ذلك. فأرسل إليه وسأله أن لا

ينحره، ففعل.

ومن ذلك: أنّه دعا علي مضر فقال: «اللّهمّ اشدد وطأتك علي مضر، واجعلها

عليهم كسنين يوسف». فأصابهم سنون، فأتاه رجل فقال: فو اللّه! ما أتيتك حتّي

لا يخطر لنا فحل، ولا يتردّد منّا رائح.

فقال رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم: «اللّهمّ دعوتك فأجبتني، وسألتك فأعطيتني،

اللّهمّ فاسقنا غيثا مغيثا مريئا سريعا طبقا سجالاً عاجلاً غير ذائب نافعا غير

ضارّ»، فما قام حتّي ملأ كلّ شيء ودام عليهم جمعة، فأتوه فقالوا: يا رسول اللّه!

انقطعت سبلنا وأسواقنا، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: «حوالينا ولا علينا» فانجابت السحابة

عن المدينة، وصار فيما حولها، وأمطروا شهرا.

ومن ذلك: أنّه توجّه إلي الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش، فلمّا كان بحيال

بحيراء الراهب نزلوا بفناء ديره، وكان عالما بالكتب، وقد كان قرأ في التوراة مرور

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم به، وعرف أوان ذلك، فأمر فدعي إلي طعامه، فأقبل يطلب الصفة في

القوم فلم يجدها، فقال: هل بقي في رحالكم أحد؟

فقالوا: غلام يتيم، فقام بحيراء الراهب فأطلع، فإذا هو برسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمنائم،

وقد أظلّته سحابة، فقال للقوم: ادعوا هذا اليتيم، ففعلوا، وبحيراء مشرف عليه، وهو

يسير والسحابة قد أظلّته، فأخبر القوم بشأنه، وأنّه سيبعث فيهم رسولاً، ويكون من

حاله وأمره.

فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويجلّونه، فلمّا قدموا أخبروا قريشا بذلك، وكان عند

خديجة بنت خويلد، فرغبت في تزويجه، وهي سيّدة نساء قريش، وقد خطبها كلّ

صنديد ورئيس قد أبتهم، فزوّجته نفسها للذي بلغها من خبر بحيراء.

ومن ذلك: أنّه كان بمكّة أيّام ألبّ عليه قومه وعشائره، فأمر عليّا أن يأمر خديجة

أن تتّخذ له طعاما ففعلت، ثمّ أمره أن يدعو له أقرباءه من بني عبد المطّلب، فدعا

أربعين رجلاً فقال: [ هات] لهم طعاما يا عليّ! فأتاه بثريدة وطعام يأكله الثلاثة

والأربعة، فقدّمه إليهم، وقال: كلوا وسمّوا، فسمّي ولم يسمّ القوم، فأكلوا، وصدروا شبعي.

فقال أبو جهل: جاد ما سحركم محمّد، يطعم من طعام ثلاث رجال أربعين رجلاً،

هذا واللّه! هو السحر الذي لا بعده.

فقال عليّ عليه السلام: ثمّ أمرني بعد أيّام فاتّخذت له مثله، ودعوتهم بأعيانهم، فطعموا

وصدروا.

ومن ذلك: أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: دخلت السوق، فابتعت لحما بدرهم،

وذرّة بدرهم، فأتيت به فاطمة عليهاالسلام حتّي إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو

دعوت أبي، فأتيته وهو مضطجع، وهو يقول: «أعوذ باللّه من الجوع ضجيعا».

فقلت له: يا رسول اللّه! إنّ عندنا طعاما، فقام واتّكأ عليّ، ومضينا نحو

فاطمة عليهاالسلام، فلمّا دخلنا قال: هلمّ طعامك يا فاطمة! فقدمت إليه البرمة والقرص،

فغطّي القرص، وقال: «اللّهمّ بارك لنا في طعامنا».

ثمّ قال: اغرفي لعائشة، فغرفت، ثمّ قال: اغرفي لأُمّ سلمة، فغرفت، فما زالت

تغرف حتّي وجّهت إلي نسائه التسع قرصة قرصة، ومرقا.

ثمّ قال: اغرفي لأبيك وبعلك، ثمّ قال: اغرفي وكلي واهدي لجاراتك، ففعلت، وبقي

عندهم أيّاما يأكلون.

ومن ذلك: أنّ امرأة عبد اللّه بن مسلم أتته بشاة مسمومة، ومع النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم بشر

بن البراء بن عازب، فتناول النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم الذراع، وتناول بشر الكراع، فأمّا

النبيّ عليه السلام فلاكها ولفظها، وقال: إنّها لتخبرني أنّها مسمومة، وأمّا بشر فلاك المضغة،

وابتلعها فمات، فأرسل إليها فأقرّت، وقال: ما حملك علي ما فعلت؟

قالت: قتلت زوجي وأشراف قومي، فقلت: إن كان ملكا قتلته، وإن كان نبيّا

فسيطلعه اللّه تبارك وتعالي علي ذلك.

ومن ذلك: أنّ جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال: رأيت الناس يوم الخندق

يحفرون وهم خماص، ورأيت النبيّ عليه السلام يحفر وبطنه خميص، فأتيت أهلي فأخبرتها

فقالت: ما عندنا إلاّ هذه الشاة، ومحرز من ذرّة.

قال: فاخبزي وذبح الشاة، وطبخوا شقّها، وشووا الباقي، حتّي إذا أدرك، أتي

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم فقال: يا رسول اللّه! اتّخذت طعاما فائتني أنت ومن أحببت، فشبك

أصابعه في يده، ثمّ نادي: ألا إنّ جابرا يدعوكم إلي طعامه.

فأتي أهله مذعورا خجلاً، فقال لها: هي الفضيحة، قد حفل بهم أجمعين. فقالت:

أنت دعوتهم، أم هو؟

قال: هو، قالت: فهو أعلم بهم، فلمّا رآنا أمر بالأنطاع، فبسطت علي الشوارع،

وأمره أن يجمع التواري ـ يعني قصاعا كانت من خشب ـ والجفان، ثمّ قال: ما

عندكم من الطعام؟ فأعلمته، فقال: غطّوا السدانة، والبرمة، والتنّور، واغرفوا

وأخرجوا الخبز واللحم، وغطّوا فما زالوا يغرفون، وينقلون، ولا يرونه ينقص شيئا

حتّي شبع القوم، وهم ثلاثة آلاف، ثمّ أكل جابر وأهله، وأهدوا، وبقي عندهم أيّاما.

ومن ذلك: أنّ سعد بن عبادة الأنصاريّ أتاه عشيّة، وهو صائم فدعاه إلي

طعامه، ودعا معه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلمّا أكلوا قال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: نبيّ ووصيّ،

يا سعد! أكل طعامك الأبرار، وأفطر عندك الصائمون، وصلّت عليكم الملائكة،

فحمله سعد علي حمار قطوف، وألقي عليه قطيفة، فرجع الحمار، وإنّه لهملاج ما

يساير.

ومن ذلك: أنّه أقبل من الحديبيّة، وفي الطريق ماء يخرج من وشل بقدر ما يروي

الراكب والراكبين، فقال: من سبقنا إلي الماء فلا يستقين منه.

فلمّا انتهي إليه دعا بقدح فتمضمض فيه، ثمّ صبّه في الماء، ففاض الماء، فشربوا،

وملؤوا أدواتهم ومياضيهم، وتوضّؤوا.

فقال النبيّ عليه السلام: لئن بقيتم، أو بقي منكم، ليتّسعنّ بهذا الوادي بسقي ما بين يديه

من كثرة مائه، فوجدوا ذلك كما قال.

ومن ذلك: إخباره صلي الله عليه و آله وسلم عن الغيوب، وما كان وما يكون، فوجد ذلك موافقا

لما يقول.

ومن ذلك: أنّه أخبر صبيحة الليلة التي أسري به، بما رأي في سفره، فأنكر ذلك

بعض وصدّقه بعض، فأخبرهم بما رأي من المارّة، والممتارة، وهيآتهم، ومنازلهم،

وما معهم من الأمتعة، وأنّه رأي عيرا أمامها بعير أورق، وأنّه يطلع يوم كذا من

العقبة مع طلوع الشمس، فغدوا يطلبون تكذيبه للوقت الذي وقّته لهم.

فلمّا كانوا هناك طلعت الشمس، فقال بعضهم: كذب الساحر، وأبصر آخرون

بالعير قد أقبلت يقدمها الأورق، فقالوا: صدق، هذه نعم قد أقبلت.

ومن ذلك: أنّه أقبل من تبوك فجهدوا عطشا، وبادر الناس إليه يقولون: الماء

الماء، يا رسول اللّه! فقال لأبي هريرة: هل معك من الماء شيء؟

قال: كقدر قدح في ميضاتي.

قال: هلمّ ميضاتك، فصبّ ما فيه في قدح، ودعا وأوعاه وقال: ناد: من أراد

الماء، فأقبلوا يقولون: الماء يا رسول اللّه! فما زال يسكب، وأبو هريرة يسقي حتّي

روي القوم أجمعون، وملؤوا ما معهم، ثمّ قال لأبي هريرة: اشرب، فقال: بل آخركم

شربا، فشرب رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، وشرب.

ومن ذلك: أنّ أخت عبد اللّه بن رواحة الأنصاريّ مرّت به أيّام حفرهم الخندق،

فقال لها: إلي أين تريدين؟

قالت: إلي عبد اللّه بهذه التمرات، فقال: هاتيهنّ. فنثرت في كفّه، ثمّ دعا بالأنطاع،

وفرّقها عليها، وغطّاها بالأزر، وقام وصلّي، ففاض التمر علي الأنطاع، ثمّ نادي:

هلمّوا وكلوا، فأكلوا وشبعوا، وحملوا معهم، ودفع ما بقي إليها.

ومن ذلك: أنّه كان في سفر فأجهدوا جوعا، فقال: من كان معه زاد فليأتنا به،

فأتاه نفر منهم بمقدار صاع، فدعا بالأزر والأنطاع، ثمّ صفّف التمر عليها، ودعا ربّه،

فأكثر اللّه ذلك التمر حتّي كان أزوادهم إلي المدينة.

ومن ذلك: أنّه أقبل من بعض أسفاره فأتاه قوم، فقالوا: يا رسول اللّه! إنّ لنا بئرا

إذا كان القيظ اجتمعنا عليها، وإذا كان الشتاء تفرّقنا علي مياه حولنا، وقد صار من

حولنا عدوّا لنا، فادع اللّه في بئرنا، فتفل صلي الله عليه و آله وسلم في بئرهم، ففاضت المياه المغيبة،

فكانوا لا يقدرون أن ينظروا إلي قعرها ـ بعدُ ـ من كثرة مائها.

فبلغ ذلك مسيلمة الكذّاب، فحاول ذلك في قليب قليل ماؤه، فتفل الأنكد في

القليب، فغار ماؤه، وصار كالجبوب.

ومن ذلك: أنّ سراقة بن جعشم حين وجّهه قريش في طلبه، ناوله نبلاً من كنانته،

وقال له: ستمرّ برعاتي فإذا وصلت إليهم فهذا علامتي، أطعم عندهم واشرب، فلمّا

انتهي إليهم، أتوه بعنز حائل، فمسح صلي الله عليه و آله وسلم ضرعها فصارت حاملاً، ودرّت حتّي

ملؤوا الإناء، وارتوا ارتواءا.

ومن ذلك: أنّه نزل بأمّ شريك فأتته بعكّة فيها سمن يسير، فأكل هو وأصحابه، ثمّ

دعا لها بالبركة، فلم تزل العكّة تصبّ سمنا أيّام حياتها.

ومن ذلك: أنّ أُمّ جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة (تبّت)، ومع

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم أبو بكر بن أبي قحافة، فقال: يا رسول اللّه! هذه أُمّ جميل، محفظة ـ أي

مغضبة ـ تريدك، ومعها حجر تريد أن ترميك به.

فقال: إنّها لا تراني. فقالت لأبي بكر: أين صاحبك؟

قال: حيث شاء اللّه، قالت: لقد جئته، ولو أراه لرميته، فإنّه هجاني، واللات

والعزّي! إنّي لشاعرة، فقال أبو بكر: يا رسول اللّه! لم ترك؟

قال: لا، ضرب اللّه بيني وبينها حجابا.

ومن ذلك: كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين، مع ما أعطي من الخلال التي إن

ذكرناها لطالت.

فقالت اليهود: وكيف لنا أن نعلم أنّ هذا كما وصفت؟

فقال لهم موسي عليه السلام: وكيف لنا أن نعلم أنّ ما تذكرون من آيات موسي علي ما

تصفون؟

قالوا: علمنا ذلك بنقل البررة الصادقين.

قال لهم: فاعلموا صدق ما أنبأتكم به، بخبر طفل لقّنه اللّه من غير تلقين، ولا

معرفة عن الناقلين.

فقالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّكم الأئمّة القادة،

والحجج من عند اللّه علي خلقه.

فوثب أبو عبد اللّه عليه السلام، فقبّل بين عينيّ، ثمّ قال: أنت القائم من بعدي.

فلهذا قالت الواقفة: إنّه حيّ، وإنّه القائم، ثمّ كساهم أبو عبد اللّه عليه السلام، ووهب لهم،

وانصرفوا مسلمين[3].

الثاني ـ احتجاجه عليه السلام علي اليهود في إثبات نبوّة رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم:

(3382) 1 ـ الراونديّ رحمه الله: إنّ قوما من اليهود قالوا للصادق عليه السلام: أيّ معجز يدلّ

علي نبوّة محمّد صلي الله عليه و آله وسلم؟

قال عليه السلام: كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين، مع ما أعطي من الحلال والحرام،

وغيرهما ممّا لو ذكرناه لطالت.

فقال اليهود: وكيف لنا بأن نعلم أنّ هذا كما وصفت؟

فقال لهم موسي بن جعفر عليه السلام - وهو صبيّ وكان حاضرا -: وكيف لنا بأن نعلم

ما تذكرون من آيات موسي أنّها علي ما تصفون؟

قالوا: علمنا ذلك بنقل الصادقين.

قال لهم موسي بن جعفر عليهماالسلام: فاعلموا صدق ما أنبأكم به بخبر طفل لقّنه اللّه من

غير تعليم، ولا معرفة عن الناقلين.

فقالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّكم الأئمّة الهادية،

والحجج من عند اللّه علي خلقه.

فوثب أبو عبد اللّه عليه السلام، فقبّل بين عيني موسي بن جعفر عليهماالسلام، ثمّ قال: أنت القائم

من بعدي. ( فلهذا قالت الواقفيّة: إنّ موسي بن جعفر عليهماالسلامحيّ وأنّه القائم)، ثمّ

كساهم أبو عبد اللّه عليه السلام، ووهب لهم، وانصرفوا مسلمين[4].

الثالث ـ احتجاجه عليه السلام علي أبي حنيفة في صدور المعصية وانتسابها:

(3383) 1 ـ أبو عليّ الطبرسيّ رحمه الله: روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت، قال:

دخلت المدينة، فأتيت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهماالسلام، فسلّمت عليه وخرجت من

عنده، فرأيت ابنه موسي عليه السلام في دهليزه قاعدا في مكتبه، وهو صغير السنّ، فقلت:

أين يضع الغريب إذا كان عندكم، إذا أراد ذلك؟

فنظر إليّ، ثمّ قال: يجتنب شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية الدار، والطرق

النافذة، والمساجد، ويضع بعد ذلك، أين شاء؟

فلمّا سمعت هذا القول: نبل في عيني، وعظم في قلبي.

وقلت له: جعلت فداك! ممّن المعصية؟

فنظر إليّ، ثمّ قال: اجلس، حتّي أخبرك، فجلست.

فقال عليه السلام: إنّ المعصية لابدّ أن تكون من العبد، أو من ربّه، أو منهما جميعا، فإن

كانت من الربّ فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده، ويأخذه بما لم يفعله، وإن

كانت منهما فهو شريكه، والقويّ أولي بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد

وحده فعليه وقع الأمر، وإليه توجّه النهي، وله حقّ الثواب والعقاب، ولذلك وجبت

له الجنّة والنار.

فلمّا سمعت ذلك قلت: «ذُرِّيَّةَم بَعْضُهَا مِنم بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»[5].

ونظم بعضهم هذا المعني شعرا[6]، وقال:

لم تخل أفعالنا اللاّتي نذمّ بها

إحدي ثلاث خلال حين نأتيها

إمّا تفرّد بارينا بصنعتها

فيسقط اللوم عنّا حين ننشيها

أو كان يشركنا فيه فيلحقه

ما سوف يلحقنا من لائم فيها

أو لم يكن لإلهي في جنايتها

ذنب فما الذنب إلاّ ذنب جانيها[7].

الرابع ـ احتجاجه عليه السلام علي أبي حنيفة في أفعال العباد:

(3384) 1 ـ الديلميّ رحمه الله: وروي عن أبي حنيفة أنّه قال: أتيت الصادق عليه السلام

لأسأله عن مسائل فقيل لي: إنّه نائم، فجلست أنتظر انتباهه، فرأيت غلاما ـ خماسيّا

أو سداسيّا ـ جميل المنظر، ذا هيبة وحسن سمت، فسألت عنه، فقالوا: هذا موسي بن

جعفر، فسلّمت عليه وقلت له: يا ابن رسول اللّه! ما تقول في أفعال العباد، ممّن هي؟

فجلس ثمّ تربّع وجعل كمّه الأيمن علي الأيسر وقال عليه السلام: يا نعمان! قد سألت

فاسمع، وإذا سمعت فعه، وإذا وعيت فاعمل: إنّ أفعال العباد لا تعدو من ثلاث

خصال: إمّا من اللّه علي انفراده، فما باله ـ سبحانه ـ يعذّب عبده علي ما لم يفعله، مع

عدله ورحمته وحكمته! وإن كانت من اللّه والعبد شركة، فما بال الشريك القويّ

يعذّب شريكه علي ما قد شركه فيه وأعانه عليه؟

ثمّ قال: استحال الوجهان، يا نعمان!

فقال: نعم.

فقال له: فلم يبق إلاّ أن يكون من العبد علي انفراده، ثمّ أنشأ يقول:

لم تخل أفعالنا اللاتي نذمّ بها

احدي ثلاث خصال حين نبديها

إمّا تفرّد بارينا بصنعتها

فيسقط اللوم عنّا حين نأتيها

أو كان يشركنا فيها فيلحقه

ما كان يلحقنا من لائم فيها

أو لم يكن لإلهي في جنايتها

ذنب فما الذنب إلاّ ذنب جانيها[8].

الخامس ـ احتجاجه عليه السلام علي هارون الرشيد في تفضيل أولاد أبي طالب علي

أولاد العبّاس:

(3385) 1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أبو أحمد هاني محمّد بن محمود العبديّ،

قال: حدّثنا محمّد بن محمود بإسناده رفعه إلي موسي بن جعفر عليهماالسلام، أنّه قال: لمّا

دخلت علي الرشيد سلّمت عليه، فردّ عليَّ السلام، ثمّ قال: يا موسي بن جعفر!

خليفتين يجبي إليهما الخراج؟!

فقلت: يا أمير المو?نين! أعيذك باللّه أن تبوء بإثمي وإثمك، وتقبل الباطل من

أعدائنا علينا، فقد علمت أنّه قد كذب علينا منذ قبض رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمبما علم

ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أن تأذن لي أحدّثك بحديث

أخبرني به أبي، عن آبائه، عن جدّه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم؟

فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جدّه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أنّه قال: إنّ الرحم إذا

مسّت الرحم تحرّكت واضطربت، فناولني يدك، جعلني اللّه فداك!

فقال: أدن، فدنوت منه، فأخذ بيدي، ثمّ جذبني إلي نفسه وعانقني طويلاً، ثمّ

تركني وقال: اجلس يا موسي! فليس عليك بأس، فنظرت فإذا أنّه قد دمعت عيناه،

فرجعت إلي نفسي.

فقال: صدقت وصدق جدّك صلي الله عليه و آله وسلم، لقد تحرّك دمي واضطربت عروقي حتّي

غلبت عليَ الرقّة، وفاضت عيناي وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في

صدري منذ حين لم أسأل عنها أحدا، فإن أنت أجبتني عنها خلّيت عنك، ولم أقبل

قول أحد فيك، وقد بلغني أنّك لم تكذب قطّ، فاصدقني عمّا أسألك ممّا في قلبي.

فقلت: ما كان علمه عندي، فإنّي مخبرك إن أنت أمنتني.

فقال: لك الأمان إن صدقتني، وتركت التقيّة التي تعرفون بها معشر بني فاطمة.

فقلت: اسأل يا أمير المو?نين! عمّا شئت؟

قال: أخبرني لِمَ فضّلتم علينا ونحن في شجرة واحدة، وبنو عبد المطّلب، ونحن

وأنتم واحد، إنّا بنو العبّاس، وأنتم ولد أبي طالب، وهما عمّا رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم

وقرابتهما منه سواء!

فقلت: نحن أقرب.

قال: وكيف ذلك؟

قلت: لأنّ عبد اللّه وأبا طالب لأب وأُمّ، وأبوكم العبّاس ليس هو من أُمّ عبد

اللّه، ولا من أُمّ أبي طالب.

قال: فلِمَ ادّعيتم أنّكم ورثتم النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، والعمّ يصحب ابن العمّ، وقبض

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، وقد توفّي أبو طالب قبله والعبّاس عمّه حيّ؟

فقلت له: إن رأي أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ويسألني عن كلّ باب

سواه يريده؟

فقال: لا، أو تجيب.

فقلت: فآمنّي؟

فقال: قد آمنتك قبل الكلام.

فقلت: إنّ في قول عليّ بن أبي طالب عليه السلام: أنّه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو

أنثي لأحد سهم إلاّ للأبوين والزوج والزوجة، ولم يثبت للعمّ مع ولد الصلب

ميراث، ولم ينطق به الكتاب إلاّ أنّ تيما وعديّا وبني أُميّة قالوا: العمّ والد، رأيا منهم

بلا حقيقه، ولا أثر عن الرسول صلي الله عليه و آله وسلم.

ومن قال بقول عليّ صلي الله عليه و آله وسلم من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح

بن درّاج يقول في هذه المسألة بقول عليّ عليه السلام، وقد حكم به، وقد ولاّه أمير المؤمنين

المصرين الكوفة والبصرة، وقد قضي به فأنهي إلي أمير المؤمنين، فأمر بإحضاره،

وإحضار من يقول بخلاف قوله، منهم: سفيان الثوريّ، وإبراهيم المدنيّ، والفضيل بن

عياض، فشهدوا: أنّه قول عليّ عليه السلام في هذه المسألة، فقال لهم: فيما أبلغني بعض

العلماء، من أهل الحجاز، فلم لا تفتون به وقد قضي به نوح بن درّاج؟

فقالوا: جسر نوح وجبنا، وقد أمضي أمير المؤمنين عليه السلام قضيّة يقول قدماء العامّة

عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: أنّه قال: عليّ أقضاكم، وكذلك قال عمر بن الخطّاب: عليّ أقضانا،

وهو اسم جامع لأنّ جميع ما مدح به النبيّ صلي الله عليه و آله وسلمأصحابه من القراءة والفرائض

والعلم داخل في القضاء.

قال: زدني، يا موسي!

قلت: المجالس بالأمانات وخاصّة مجلسك.

فقال: لا بأس عليك!

فقلت: إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لم يورّث من لم يهاجر ولا أثبت له ولاية حتّي يهاجر.

فقال: ما حجّتك فيه؟

فقلت: قول اللّه تعالي: «وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَـيَتِهِم مِّن

شَيْ ءٍ حَتَّي يُهَاجِرُواْ»[9] وإنّ عمّي العبّاس لم يهاجر.

فقال لي: أسألك يا موسي! هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا أم أخبرت أحدا

من الفقهاء في هذه المسألة بشيء؟

فقلت: اللّهمّ لا، وما سألني عنها إلاّ أمير المؤمنين.

ثمّ قال: لم جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، ويقولون

لكم: يا بني رسول اللّه! وأنتم بنو عليّ، وإنّما ينسب المرء إلي أبيه، وفاطمة إنّما هي

وعاء، والنبيّ صلي الله عليه و آله وسلم جدّكم من قبل أُمّكم؟

فقلت: يا أمير المو?نين! لو أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم نشر فخطب إليك كريمتك، هل كنت

تجيبه؟

فقال: سبحان اللّه! ولِمَ لا أجيبه، بل أفتخر علي العرب والعجم وقريش بذلك.

فقلت له: لكنّه صلي الله عليه و آله وسلم لا يخطب إليّ، ولا أزوّجه.

فقال: ولِمَ؟

فقلت: لأنّه صلي الله عليه و آله وسلم ولدني، ولم يلدك.

فقال: أحسنت، يا موسي!

ثمّ قال: كيف قلتم: إنّا ذرّيّة النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، والنبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لم يعقّب، وإنّما العقب

للذكر لا للأنثي، وأنتم ولد البنت، ولا يكون لها عقب!

فقلت: أسألك يا أمير المو?نين! بحقّ القرابة والقبر ومن فيه إلاّ ما أعفاني عن هذه

المسألة؟

فقال: لا، أو تخبرني بحجّتكم فيه، يا ولد عليّ! وأنت يا موسي! يعسوبهم وإمام

زمانهم، كذا أنهي إليّ، ولست أعفيك في كلّ ما أسألك عنه حتّي تأتيني فيه بحجّة من

كتاب اللّه تعالي، وأنتم تدّعون معشر ولد عليّ، أنّه لا يسقط عنكم منه بشيء ألف

ولا واو، إلاّ وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عزّ وجلّ: « مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَـبِ مِن

شَيْ ءٍ»[10]، وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم.

فقلت: تأذن لي في الجواب؟

قال: هات، قلت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم،

«وَمِن ذُرِّيَّتِهِي دَاوُودَ وَسُلَيْمَـنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَي وَ هَـرُونَ وَكَذَ لِكَ

نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَي وَعِيسَي وَإِلْيَاسَ»[11] من أبو عيسي، يا أمير

المو?نين!؟

قال: ليس لعيسي أب.

فقلت: إنّما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهم السلام من طريق مريم عليهاالسلام، وكذلك ألحقنا

بذراري النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم من قبل أُمّنا فاطمة عليهاالسلام، أزيدك يا أمير المؤمنين!؟

قال: هات، قلت: قول اللّه عزّ وجلّ: «فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ

الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْكَـذِبِينَ»[12]، ولم يدّع أحد أنّه أدخل

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم تحت الكساء عند المباهلة للنصاري إلاّ عليّ بن أبي طالب وفاطمة

والحسن والحسين، فكان تأويل قوله تعالي: «أَبْنَآءَنَا»الحسن والحسين،

و«نِسَآءَنَا » فاطمة، و« أَنفُسَنَا»عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، علي أنّ العلماء قد

أجمعوا علي أنّ جيرئيل عليه السلام قال يوم أُحُد: يا محمّد! إنّ هذه لهي المواساة من عليّ.

قال: لأنّه منّي وأنا منه.

فقال جبرئيل: وأنا منكما يا رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم! ثمّ قال: لا سيف إلاّ ذو الفقار،

ولا فتي إلاّ عليّ.

فكان كما مدح اللّه تعالي به خليله عليه السلام إذ يقول: «فَتًي يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُو

إِبْرَ هِيمُ»[13] إنّا معشر بني عمّك نفتخر بقول جبرئيل: إنّه منّا.

فقال: أحسنت يا موسي! ارفع إلينا حوائجك؟

فقلت له: أوّل حاجة أن تأذن لابن عمّك أن يرجع إلي حرم جدّه وإلي عياله.

فقال: ننظر إنشاء اللّه تعالي.

فروي: أنّه أنزله عند السنديّ بن شاهك، فزعم أنّه توفّي عنده، واللّه أعلم[14].

السادس ـ احتجاجه عليه السلام علي هارون في إثبات نسبهم إلي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم:

(3386) 1 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: محمّد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس،

عن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسماعيل العلويّ، قال: حدّثني محمّد بن الزبرقان

الدامغانيّ الشيخ، قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: لمّا أمرهم هارون

الرشيد بحملي دخلت عليه فسلّمت، فلم يردّ السلام، وأريته مغضبا فرمي إليّ

بطومار، فقال: اقرأه.

فإذا فيه كلام قد علم اللّه عزّ وجلّ براءتي منه، وفيه: أنّ موسي بن جعفر يجبي

إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة، ممّن يقول بإمامته، يدينون اللّه بذلك ويزعمون

أنّه فرض عليهم إلي أن يرث اللّه الأرض ومن عليها.

ويزعمون أنّه من لم يوهب إليه العشر، ولم يصلّ بإمامتهم، ويحجّ بإذنهم، ويجاهد

بأمرهم، ويحمل الغنيمة إليهم، ويفضّل الأئمّة علي جميع الخلق، ويفرض طاعتهم مثل

طاعة اللّه وطاعة رسوله فهو كافر حلال ماله ودمه، وفيه كلام شناعة مثل المتعة بلا

شهود، واستحلال الفروج بأمره ولو بدرهم، والبراءة من السلف، ويلعنون عليهم

في صلاتهم، ويزعمون أنّ من يتبرّأ منهم فقد بانت امرأته منه، ومن أخّر الوقت فلا

صلاة له، لقول اللّه تبارك وتعالي: «أَضَاعُواْ الصَّلَوةَ وَ اتَّبَعُواْ الشَّهَوَ تِ فَسَوْفَ

يَلْقَوْنَ غَيًّا»[15]، يزعمون أنّه واد في جهنّم ... والكتاب طويل.

وأنا قائم أقرأ وهو ساكت، فرفع رأسه وقال: قد اكتفيت بما قرأت، فكلّم بحجّتك

بما قرأته.

قلت: يا أمير المؤمنين! والذي بعث محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم بالنبوّة! ما حمل إليّ قطّ أحد

درهما ولا دينارا من طريق الخراج، لكنّا معاشر آل أبي طالب نقبل الهديّة التي

أحلّها اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلي الله عليه و آله وسلم في قوله: لو أهدي إليّ كراع لقبلته ولو دعيت إلي

ذراع لأجبت.

وقد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، وكثرة عدوّنا وما منعنا السلف من

الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، وحرمت علينا الصدقة، وعوّضنا

اللّه عزّ وجلّ منها الخمس، فاضطررنا إلي قبول الهديّة، وكلّ ذلك ممّا علمه أمير

المؤمنين، فلمّا تمّ كلامي سكت، ثمّ قلت: إن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمّه في

حديث عن آبائه، عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فكأنّه اغتنمها.

فقال: مأذون لك، هاته.

فقلت: حدّثني أبي، عن جدّي يرفعه إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: أنّ الرحم إذا مسّت رحما

تحرّكت واضطربت، فإن رأيت أن تناولني يدك، فأشار بيده إليّ، ثمّ قال: ادن،

فدنوت فصافحني وجذبني إلي نفسه مليّا، ثمّ فارقني، وقد دمعت عيناه، فقال لي:

اجلس يا موسي! فليس عليك بأس، صدقت، وصدق جدّك، وصدق النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم،

لقد تحرّك دمي واضطربت عروقي، واعلم أنّك لحمي ودمي، وأنّ الذي حدّثتني به

صحيح، وأنّي أريد أن أسألك عن مسألة، فإن أجبتني أعلم أنّك قد صدّقتني،

وخلّيت عنك، ووصلتك، ولم أصدّق ما قيل فيك.

فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لِمَ لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: يا ابن رسول اللّه! وأنتم ولد عليّ،

وفاطمة إنّما هي وعاء، والولد ينسب إلي الأب لا إلي الأُمّ؟

فقلت: إن رأي أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة، فعل.

فقال: لست أفعل، أو أجبت.

فقلت: فأنا في أمانك ألاّ تصيبني من آفة السلطان شيئا؟

فقال: لك الأمان.

قلت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم، «وَوَهَبْنَا لَهُو

إِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِي دَاوُودَ وَسُلَيْمَـنَ

وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَي وَ هَـرُونَ وَكَذَ لِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَي

وَعِيسَي»[16]، فمن أبو عيسي؟

فقال: ليس له أب، إنّما خلق من كلام اللّه عزّ وجلّ وروح القدس.

فقلت: إنمّا ألحق عيسي بذراري الأنبياء عليهم السلام من قبل مريم، وألحقنا بذراري

الأنبياء من قبل فاطمة عليهاالسلام لا من قبل عليّ عليه السلام.

فقال: أحسنت يا موسي! زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الأُمّة برّها وفاجرها أنّ حديث النجرانيّ حين دعاه

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم إلي المباهلة لم يكن في الكساء إلاّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم وعليّ وفاطمة والحسن

والحسين عليهم السلام، فقال اللّه تبارك وتعالي: « فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ

الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا

وَأَنفُسَكُمْ»[17] فكان تأويل « أَبْنَآءَنَا»الحسن والحسين، و« نِسَآءَنَا»فاطمة،

و« أَنفُسَنَا» عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

فقال: أحسنت، ثمّ قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعمّ مع ولد الصلب ميراث؟

فقلت: أسألك يا أمير المؤمنين! بحقّ اللّه، وبحقّ رسوله صلي الله عليه و آله وسلم أن تعفيني من

تأويل هذه الآية وكشفها، وهي عند العلماء مستورة.

فقال: إنّك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك ولست أعفيك.

فقلت: فجدّد لي الأمان، فقال: قد أمنتك.

فقلت: إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لم يوّرث من قدر علي الهجرة فلم يهاجر، وإنّ عمّي

العبّاس قدر علي الهجرة فلم يهاجر، وإنّما كان في عدد الأساري عند النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم،

وجحد أن يكون له الفداء.

فأنزل اللّه تبارك وتعالي علي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم يخبره بدفين له من ذهب، فبعث

عليّا عليه السلام فأخرجه من عند أُمّ الفضل، أخبر العبّاس بما أخبره جبرئيل عن اللّه

تبارك وتعالي، فأذن لعليّ، وأعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه، فقال العبّاس عند

ذلك: يا ابن أخي! ما فاتني منك أكثر، وأشهد أنّك رسول ربّ العالمين.

فلمّا أحضر عليّ الذهب، فقال العبّاس: أفقرتني يا ابن أخي! فأنزل اللّه تبارك

وتعالي: «إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ

لَكُمْ»[18]، وقوله: «وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَـيَتِهِم مِّن شَيْ ءٍ حَتَّي

يُهَاجِرُوا»، ثمّ قال: «وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ»[19]، فرأيته قد

اغتمّ.

ثمّ قال: أخبرني من أين قلتم: إنّ الانسان يدخله الفساد من قبل النساء لحال

الخمس الذي لم يدفع إلي أهله؟

فقلت: أخبرك يا أمير المؤمنين! بشرط أن لا تكشف هذا الباب لأحد ما دمت

حيّا، وعن قريب يفرّق اللّه بيننا وبين من ظلمنا، وهذه مسألة لم يسألها أحد من

السلاطين غير أمير المؤمنين.

قال: ولا تيم، ولا عديّ، ولا بنو أُميّة، ولا أحد من آبائنا؟

قلت: ما سئلت ولا سئل أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عنها.

قال: اللّه، قلت: اللّه.

قال: فإن بلغني عنك، أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عمّا

أمنتك منه.

فقلت: لك عليَّ ذلك.

فقال: أحبّ أن تكتب لي كلاما موجزا له أصول وفروع يفهم تفسيره ويكون

ذلك سماعك من أبي عبد اللّه عليه السلام؟

فقلت: نعم، وعلي عيني يا أمير المؤمنين! قال: فإذا فرغت فارفع حوائجك،

وقال: وكّل بي من يحفظني، وبعث إليّ في كلّ يوم بمائدة سرية، فكتبت: بسم اللّه

الرحمن الرحيم، جميع أمور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه وهو إجماع الأُمّة علي

الضرورة التي يضطرّون إليها، وأخبار المجمع عليها المعروض عليها كلّ شبهة

والمستنبط منها علي كلّ حادثة، وأمر يحتمل الشكّ والإنكار وسبيله استيضاح أهل

الحجّة عليه، فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله أو سنّة عن

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلملا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح

تلك الحجّة ردّها، ووجب عليه قبولها، والإقرار والديانة بها.

وما لم يثبت لمنتحليه به حجّة من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنّة عن

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، وسّع خاصّ الأُمّة،

وعامّها الشكّ فيه، والإنكار له كذلك.

هذان الأمران من أمر التوحيد، فما دونه إلي أرش الخدش فما دونه، فهذا

المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض

عنك ضوؤه نفيته، ولا قوّة إلاّ باللّه وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.

فأخبرت الموكّل بي أنّي قد فرغت من حاجته، فأخبره فخرج وعرضت عليه،

فقال: أحسنت، هو كلام موجز جامع، فارفع حوائجك يا موسي!

فقلت: يا أمير المؤمنين! أوّل حاجتي إليك أن تأذن لي في الانصراف إلي أهلي،

فإنّي تركتهم باكين آئسين من أن يروني.

فقال: مأذون لك ازدد.

فقلت: يبقي اللّه أمير المؤمنين لنا معاشر بني عمّه.

فقال: ازدد، فقلت: عليَّ عيال كثير، وأعيننا بعد اللّه تعالي ممدودة إلي فضل أمير

المؤمنين وعادته، فأمر لي بمائة ألف درهم وكسوة، وحملني وردّني إلي أهلي مكرما[20].

السابع ـ احتجاجه عليه السلام علي الرشيد في اختصاص لقب أمير المؤمنين بعليّ بن

أبي طالب عليه السلام:

(3387) 1 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: في كتاب الواحدة: لمحمّد بن جمهور العمّي،

عن مولانا موسي بن جعفر الكاظم صلوات اللّه عليه: أنّه احتّج علي الرشيد بأنّ

تسمية أمير المؤمنين يختصّ بها أمير المؤمنين مولانا عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه

عليه، بهذه الرواية، ووافقه هارون الرشيد عليها[21].

الثامن ـ احتجاجه عليه السلام علي هارون الرشيد في علم الأئمّة عليهم السلامبالنجوم وغيرها:

(3388) 1 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: روي أنّ هارون الرشيد أنفذ إلي موسي بن

جعفر عليهماالسلاممن أحضره، فلمّا حضر قال له: إنّ الناس ينسبونكم يا بني فاطمة ! إلي

علم النجوم، وإنّ معرفتكم بها جيّدة، وفقهاء العامّة يقولون: إنّ رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم

قال: إذا ذكر أصحابي فاسكتوا[22]، وإذا ذكر القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم

فاسكتوا.

وأمير المؤمنين عليّ كان أعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده وذرّيّته التي تقول

الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها.

فقال له الكاظم عليه السلام: هذا حديث ضعيف، وإسناده مطعون فيه، واللّه تبارك

وتعالي قد مدح النجوم، فلولا أنّ النجوم صحيحة ما مدحها اللّه عزّ وجلّ،

والأنبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها، قال اللّه عزّ وجلّ في إبراهيم خليله عليه السلام: «وَكَذَ لِكَ

نُرِي إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ»[23]، وقال في

موضع آخر: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ»[24]، فلو لم يكن عالما

بالنجوم ما نظر فيها، ولا قال: «إِنِّي سَقِيمٌ».

وإدريس عليه السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، واللّه عزّ وجلّ قد أقسم فيها بكتابه

في قوله تعالي: «فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَ قِعِ النُّجُومِ * وَ إِنَّهُو لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ»[25]،

وفي قوله بموضع آخر: «فَالْمُدَبِّرَ تِ أَمْرًا»[26] يعني بذلك اثني عشر برجا وسبع

سيّارات، والذيّ يظهر في الليل والنهار هي بأمر اللّه تعالي، وبعد علم القرآن لا

يكون أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء الذين

قال اللّه تعالي فيهم: «وَ عَلَـمَـتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»[27]، ونحن نعرف هذا العلم

وما ننكره.

فقال هارون: باللّه عليك يا موسي! هذا العلم لا تظهروه عند الجهّال وعوامّ

الناس، حتّي لا يشيعوه عنكم، وتنفّس العوامّ به، وغطّ هذا العلم، وارجع إلي حرم

جدّك.

ثمّ قال هارون: بقيت مسألة أخري، باللّه عليك أخبرني بها؟

قال: سل.

قال: بحقّ القبر والمنبر، وبحقّ قرابتك من رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أنت تموت قبلي أم أنا

أموت قبلك؟ فإنّك تعرف هذا من علم النجوم.

فقال له موسي: آمنّي حتّي أخبرك.

فقال: لك الأمان.

قال: أنا أموت قبلك ما كذبت، ولا أكذب، ووفاتي قريب.

قال: قد بقيت لي مسألة تخبرني بها؟ ولا تضجر.

قال: سل.

قال: أخبروني أنّكم تقولون: إنّ جميع المسلمين عبيدنا وإماؤنا، وأنّكم تقولون:

من يكون لنا عليه حقّ ولا يوصله لنا فليس بمسلم.

فقال موسي عليه السلام: كذب الذين زعموا أنّا نقول ذلك، وإذا كان كذلك فكيف يصحّ

البيع والشراء عليهم، ونحن نشتري عبيدا وجواري، ونعتقهم، ونقعد معهم، ونأكل

معهم ونشتري المملوك ونقول له: يا بنيّ! وللجارية: يا بنيّة! ونقعدهم يأكلون معنا

تقرّبا إلي اللّه تعالي.

فلو أنّهم عبيدنا وإماؤنا ما صحّ البيع والشراء، وقد قال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لمّا حضرته

الوفاة: اللّه! اللّه! في الصلاة، وما ملكت أيمانكم، يعني واظبوا علي الصلاة وأكرموا

مماليككم من العبيد والإماء، فنحن نعتقهم، فهذا الذي سمعته كذب من قائله،

ودعوي باطلة.

ولكن نحن ندّعي أنّ ولاء جميع الخلائق لنا، نعني ولاء الدين، وهؤلاء الجهّال

يظنّون ولاء الملك، حملوا دعواهم علي ذلك.

ونحن ندّعي ذلك لقول النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم يوم غدير خمّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه،

يعني بذلك ولاء الدين، والذي يوصلونه إلينا من الزكوة والصدقة فهو حرام علينا

مثل الميتة والدم ولحم الخنزير.

فأمّا الغنائم والخمس من بعد موت رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم فقد منعونا ذلك، ونحن إليه

محتاجون إلي ما في أيدي بني آدم الذين هم لنا ولاؤهم ولاء الدين، لا ولاء الملك،

فإن أنفذ إلينا أحد هديّة ولا يقول لنا صدقة نقبلها لقول النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: لو دعيت إلي

كراع لأجبت، (وكراع اسم قرية)، ولو أهدي إليّ كُراع لقبلت، (الكراع بالضمّ يد

شاة)، وذلك سنّة إلي يوم القيامة.

ولو حملوا إلينا زكوة وعلمنا أنّها زكوة لرددناها، فإن كانت هديّة قبلناها.

ثمّ إنّ هارون أذن له في الانصراف، فتوجّه إلي الرقّة، ثمّ تقوّلوا عليه أشياء

فاستعاده وأطعمه السمّ، فتوفّي صلوات اللّه عليه[28].

التاسع ـ احتجاجه عليه السلام علي المهديّ العبّاسيّ في الفدك:

(3389) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن بعض

أصحابنا أظنّه السيّاريّ، عن عليّ بن أسباط، قال: لمّا ورد أبو الحسن موسي عليه السلام

علي المهديّ رآه يردّ المظالم.

فقال عليه السلام: يا أمير المؤمنين! ما بال مظلمتنا لا تردّ؟

فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟!

قال: إنّ اللّه تبارك وتعالي لمّا فتح علي نبيّه صلي الله عليه و آله وسلم فدك، وما والاها لم يوجف

عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل اللّه علي نبيّه صلي الله عليه و آله وسلم: «وَ ءَاتِ ذَا الْقُرْبَي حَقَّهُو»[29] فلم

يدر رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم من هم، فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل عليه السلامربّه،

فأوحي اللّه إليه: أن ادفع فدك إلي فاطمة عليهاالسلام.

فدعاها رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، فقال لها: يا فاطمة! إنّ اللّه أمرني أن أدفع إليك فدك.

فقالت: قد قبلت يا رسول اللّه! من اللّه ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، فلمّا ولّي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته، فسألته أن يردّها

عليها؟

فقال لها: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلاموأُمّ

أيمن، فشهدا لها، فكتب لها: بترك التعرّض، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر،

فقال: ما هذا معك؟ يا بنت محمّد!

قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة.

قال: أرينيه، فأبت، فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثمّ تفل فيه ومحاه و خرقه، فقال

لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب، فضعيالحبال في رقابنا.

فقال له المهديّ: يا أبا الحسن! حدّها لي.

فقال: حدّ منها جبل أحد، وحدّ منها عريش مصر، وحدّ منها سيف البحر، وحدّ

منها دومة الجندل.

فقال له: كلّ هذا؟!

قال: نعم، يا أمير المؤمنين! هذا كلّه، إنّ هذا كلّه ممّا لم يوجف علي أهله رسول

اللّه صلي الله عليه و آله وسلم بخيل ولا ركاب.

فقال: كثير، وأنظر فيه[30].

العاشر ـ احتجاجه عليه السلام علي أبي يوسف قاضي بغداد:

1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: ... محمّد بن الفضيل، قال: كنّا في دهليز

يحيي بن خالد بمكّة، وكان هناك أبو الحسن موسي عليه السلام و أبو يوسف، فقام إليه

أبو يوسف، وتربّع بين يديه.

فقال: يا أبا الحسن! جعلت فداك، المحرم يظلّل؟

قال: لا، قال: فيستظلّ بالجدار، والمحمل، ويدخل البيت والخبا؟

قال: نعم. قال: فضحك أبو يوسف شبه المستهزيء.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: يا أبا يوسف! إنّ الدين ليس بالقياس كقياسك وقياس

أصحابك، إنّ اللّه عزّ وجلّ أمر في كتابه بالطلاق، وأكّد فيه بشاهدين ولم يرض بهما

إلاّ عدلين، وأمر في كتابه بالتزويج وأهمله بلا شهود، فأتيتم بشاهدين فيما أبطل اللّه،

وأبطلتم شاهدين فيما أكّد اللّه عزّ وجلّ، وأجزتم طلاق المجنون والسكران ... [31].

الحادي عشر ـ احتجاجه عليه السلام علي وكيله:

(3390) 1 ـ ابن شعبة الحرّانيّ رحمه الله: وقال له وكيله: واللّه! ما خنتك.

فقال عليه السلام له: خيانتك وتضييعك عليَّ مالي سواء، والخيانة شرّهما عليك[32].

الثاني عشر ـ مناظرته عليه السلام مع شقيق البلخيّ في سفر الحجّ:

(3391) 1 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال:

حدّثنا محمّد بن عليّ بن الزبير البلخيّ بلخ، قال: حدّثنا حسام بن حاتم الأصمّ، قال:

حدّثني أبي، قال: قال لي شقيق ـ يعني ابن إبراهيم البلخيّ ـ: خرجت حاجّا إلي بيت

اللّه الحرام في سنة تسع وأربعين ومائةفنزلنا القادسيّة.

قال شقيق: فنظرت إلي الناس في زيّهم بالقباب والعماريّات والخيم والمضارب،

وكلّ إنسان منهم قد تزيّا علي قدره، فقلت: اللّهمّ إنّهم قد خرجوا إليك فلا تردّهم

خائبين.

فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي، وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن

الناس، إذ نظرت إلي فتيً حدث السنّ حسن الوجه، شديد السمرة، عليه سيماء

العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجّادة كأنّها كوكب درّيّ، وعليه من فوق ثوبه شملة

من صوف، وفي رجله نعل عربيّ، وهو منفرد في عزلة من الناس، فقلت في نفسي:

هذا الفتي من هؤلاء الصوفيّة المتوكّلة، يريد أن يكون كلاًّ علي الناس في هذا

الطريق، واللّه ! لأمضينّ إليه، ولأوبّخنّه.

قال: فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلاً نحوه قال لي: يا شقيق! «اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ

الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لاَ تَجَسَّسُواْ»[33] وقرأ الآية، ثمّ تركني ومضي، فقلت في

نفسي: قد تكلّم هذا الفتي علي سرّي، ونطق بما في نفسي، وسمّاني باسمي، وما فعل هذا

إلاّ وهو وليّ اللّه، ألحقه وأسأله أن يجعلني في حلّ، فأسرعت وراءه، فلم ألحقه وغاب

عن عيني فلم أره.

وارتحلنا حتّي نزلنا واقصة، فنزلت ناحية من الحاجّ، ونظرت فإذا صاحبي قائم

يصلّي علي كثيب رمل، وهو راكع وساجد، وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تجري من

خشية اللّه (عزّ وجلّ).

فقلت: هذا صاحبي لأمضينّ إليه، ثمّ لأسألنّه أن يجعلني في حلّ، فأقبلت نحوه،

فلمّا نظر إليّ مقبلاً قال لي: يا شقيق! «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ ءَامَنَ وَ عَمِلَ صَــلِحًا

ثُمَّ اهْتَدَي»[34]، ثمّ غاب عن عيني فلم أره، فقلت: هذا رجل من الأبدال، وقد تكلّم

علي سرّي مرّتين، ولو لم يكن عند اللّه فاضلاً ما تكلّم علي سرّي.

ورحل الحاجّ وأنا معهم حتّي نزلنا بزبالة، فإذا أنا بالفتي قائم علي البئر، وبيده

ركوة يستقي بها ماءً، فانقطعت الركوة في البئر، فقلت صاحبي واللّه! فرأيته قد رمق

السماء بطرفه، وهو يقول:

أنت ربّي إذا ظمأت إلي الما

ء، وقوتي إذا أردت الطعاما

إلهي وسيّدي ما لي سواها، فلا تعدمنيها.

قال شقيق: فواللّه! لقد رأيت البئر، وقد فاض ماؤها حتّي جري علي وجه

الأرض، فمدّ يده فتناول الركوة فملأها ماءً، ثمّ توضّأ، فأسبغ الوضوء وصلّي ركعات،

ثمّ مال إلي كثيب رمل أبيض، فجعل يقبض بيده من الرمل، ويطرحه في الركوة، ثمّ

يحرّكها ويشرب، فقلت في نفسي: أتراه قد حوّل الرمل سويقا؟!

فدنوت منه فقلت له: أطعمني رحمك اللّه! من فضل ما أنعم اللّه به عليك، فنظر

وقال لي: يا شقيق! لم تزل نعمة اللّه علينا أهل البيت سابغة، وأياديه لدينا جميلة،

فأحسن ظنّك بربّك، فإنّه لا يضيّع من أحسن به ظنّا.

فأخذت الركوة من يده، وشربت فإذا سويق وسكّر، فواللّه! ما شربت شيئا قطّ

ألذّ منه، ولا أطيب رائحة، فشبعت ورويت وأقمت أيّاما لا أشتهي طعاما ولا شرابا،

فدفعت إليه الركوة.

ثمّ غاب عن عيني، فلم أره حتّي دخلت مكّة وقضيت حجّي، فإذا أنا بالفتي في

هدأة من الليل، وقد زهرت النجوم، وهو إلي جانب قبّة الشراب راكعا ساجدا، لا

يريد مع اللّه سواه، فجعلت أرعاه وأنظر إليه، وهو يصلّي بخشوع وأنين وبكاء،

ويرتّل القرآن ترتيلاً، فكلّما مرّت آية فيها وعد ووعيد ردّدها علي نفسه، ودموعه

تجري علي خدّه حتّي إذا دنا الفجر جلس في مصلاّه يسبّح ربّه ويقدّسه.

ثمّ قام فصلّي الغداة، وطاف بالبيت أسبوعا، وخرج من باب المسجد، فخرجت

فرأيت له حاشيةً وموال، وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، وإذا الناس من

حوله يسألونه عن مسائلهم، ويسلّمون عليه.

فقلت لبعض الناس أحسبه من مواليه: من هذا الفتي؟

فقال لي: هذا أبو إبراهيم، عالم آل محمّد، قلت: ومن أبو إبراهيم؟

قال: موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبيطالب عليهم السلام.

فقلت: لقد عجبت أن توجد هذه الشواهد إلاّ في هذه الذرّيّة[35].

الثالث عشر ـ مناظرته عليه السلاممع أبي يوسف قاضي بغداد:

1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... عثمان بن عيسي، عن أصحابه؛ قال:

قال أبو يوسف للمهديّ و عنده موسي بن جعفر عليهماالسلام: تأذن لي أن أسئله، عن

مسائل ليس عنده فيها شي ء؟

فقال له: نعم، فقال لموسي بن جعفر عليهماالسلام: أسألك؟

قال: نعم، قال: ما تقول في التظليل للمحرم؟

قال: لا يصلح، قال: فيضرب الخباء في الأرض ويدخل البيت؟

قال: نعم، قال: فما الفرق بين هذين؟

قال أبو الحسن عليه السلام: ما تقول في الطامث أتقضي الصلاة؟

قال: لا، قال: فتقضي الصوم؟

قال: نعم، قال: ولم؟

قال: هكذا جاء، قال أبو الحسن عليه السلام: وهكذا جاء هذا.

فقال المهديّ لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا؟!

قال: رماني بحجر دامغ[36].

الرابع عشر ـ مناظرته عليه السلام مع رجل نصرانيّ:

(3392) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: أحمد بن مِهْران وعليّ بن إبراهيم

جميعا، عن محمّد بن عليّ، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم،

قال: كنت عند أبي الحسن موسي عليه السلام إذ أتاه رجل نصرانيّ، ونحن معه

بالعريض[37]، فقال له النصرانيّ: أتيتك من بلد بعيد وسفر شاقّ، وسألت ربّي منذ

ثلاثين سنة أن يرشدني إلي خير الأديان، وإلي خير العباد وأعلمهم، و أتاني آت في

النوم فوصف لي رجلاً بعليا دمشق، فانطلقت حتّي أتيته فكلّمته، فقال: أنا أعلم

أهل ديني وغيري أعلم منّي، فقلت: أرشدني إلي من هو أعلم منك، فإنّي لا أستعظم

السفر، ولا تبعد عليّ الشقّة، ولقد قرأت الإنجيل كلّها، ومزامير داود، وقرأت أربعة

أسفار من التوراة، وقرأت ظاهر القرآن حتّي استوعبته كلّه.

فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانيّة، فأنا أعلم العرب والعجم بها، وإن

كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامريّ أعلم الناس بها اليوم، وإن كنت

تريد علم الإسلام، و علم التوراة، وعلم الإنجيل، وعلم الزبور، وكتاب هود، وكلّما

أنزل علي نبيّ من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك، وما أنزل من السماء من خبر،

فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد، فيه تبيان كلّ شيء، وشفاء للعالمين، وروح لمن

استروح إليه، وبصيرة لمن أراد اللّه به خيرا، وأنس إلي الحقّ فأرشدك إليه، فأته ولو

مشيا علي رجليك، فإن لم تقدر فحبوا علي ركبتيك، فإن لم تقدر فزحفا علي إستك،

فإن لم تقدر فعلي وجهك.

فقلت: لا، بل أنا أقدر علي المسير في البدن والمال.

قال: فانطلق من فورك حتّي تأتي يثرب.

فقلت: لا أعرف يثرب.

قال: فانطلق حتّي تأتي مدينة النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم الذي بعث في العرب، وهو النبيّ

العربيّ الهاشميّ، فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجّار، وهو عند باب

مسجدها، وأظهر بزّة[38] النصرانيّة وحليتها، فإنّ واليها يتشدّد عليهم، والخليفة

أشدّ، ثمّ تسأل، عن بني عمرو بن مبذول، وهو ببقيع الزبير.

ثمّ تسأل عن موسي بن جعفر، وأين منزله؟ وأين هو؟ مسافر أم حاضر، فإن

كان مسافرا فألحقه، فإنّ سفره أقرب ممّا ضربت إليه، ثمّ أعلمه أنّ مطران عليا

الغوطة - غوطة دمشق - هو الذي أرشدني إليك، وهو يقرئك السلام كثيرا،

ويقول لك: إنّي لأكثر مناجاة ربّي أن يجعل إسلامي علي يديك، فقصّ هذه القصّة،

وهو قائم معتمد علي عصاه، ثمّ قال: إن أذنت لي يا سيّدي كفّرت[39] لك وجلست؟

فقال عليه السلام: آذن لك أن تجلس، ولا آذن لك أن تكفّر.

فجلس ثمّ ألقي عنه برنسه[40].

ثمّ قال: جعلت فداك! تأذن لي في الكلام؟

قال: نعم، ما جئت إلاّ له.

فقال له النصرانيّ: اردد علي صاحبي السلام، أو ما تردّ السلام؟

فقال أبو الحسن عليه السلام: علي صاحبك أن هداه اللّه، فأمّا التسليم فذاك إذا صار في

ديننا.

فقال النصرانيّ: إنّي أسألك - أصلحك اللّه! -؟

قال: سل، قال: أخبرني عن كتاب اللّه تعالي الذي أنزل علي محمّد ونطق به، ثمّ

وصفه بما وصفه به، فقال: «حـم * وَ الْكِتَـبِ الْمُبِينِ * إِنَّـآ أَنزَلْنَـهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَـرَكَةٍ

إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»[41] ما تفسيرها في الباطن؟

فقال: أمّا حم، فهو محمّد صلي الله عليه و آله وسلم، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه، وهو

منقوص الحروف، وأمّا الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين عليّ عليه السلاموأمّا الليلة

ففاطمة، وأمّا قوله: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يقول: يخرج منها خير كثير،

فرجل حكيم، ورجل حكيم، و رجل حكيم.

فقال الرجل: صف لي الأوّل، والآخر من هؤلاء الرجال.

فقال: إنّ الصفات تشتبه، ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله، وإنّه

عندكم لفي الكتب التي نزّلت عليكم إن لم تغيّروا وتحرّفوا، وتكفروا، وقديما ما فعلتم.

قال له النصرانيّ: إنّي لا أستر عنك ما علمت، ولا أكذّبك وأنت تعلم ما أقول في

صدق ما أقول وكذبه، واللّه! لقد أعطاك اللّه من فضله، وقسّم عليك من نعمه ما لا

يخطره الخاطرون، ولا يستره الساترون، ولا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في

ذلك الحقّ كما ذكرت، فهو كما ذكرت.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلاّ قليل ممّن قرأ الكتب،

أخبرني ما اسم أُمّ مريم؟ وأيّ يوم نفخت فيه مريم؟ ولكم من ساعة من النهار؟

وأيّ يوم وضعت مريم فيه عيسي عليه السلام؟ ولكم من ساعة من النهار؟

فقال النصرانيّ: لا أدري.

فقال أبو إبراهيم عليه السلام: أمّا أُمّ مريم فاسمها مرثا، وهي وهيبة بالعربيّة، وأمّا اليوم

الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، وهو اليوم الذي هبط فيه الروح

الأمين، وليس للمسلمين عيد كان أولي منه عظّمه اللّه تبارك وتعالي، وعظّمه

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم، فأمر أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة.

وأمّا اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلثاء، لأربع ساعات ونصف من

النهار، والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسي عليه السلام هل تعرفه؟

قال: لا.

قال: هو الفرات، وعليه شجر النخل والكرم، وليس يساوي بالفرات شيء

للكروم والنخيل، فأمّا اليوم الذي حجبت فيه لسانها، ونادي قيدوس ولده

وأشياعه فأعانوه وأخرجوا آل عمران لينظروا إلي مريم، فقالوا لها: ما قصّ اللّه

عليك في كتابه، وعلينا في كتابه، فهل فهمته؟

قال: نعم، وقرأته اليوم الأحدث.

قال: إذن لا تقوم من مجلسك حتّي يهديك اللّه.

قال النصرانيّ: ما كان اسم أُمّي بالسريانيّة، وبالعربيّة.

فقال: كان اسم أُمّك بالسريانيّة عنقاليّة، وعنقورة كان اسم جدّتك لأبيك، وأمّا

اسم أُمّك بالعربيّة فهو ميّة، وأمّا اسم أبيك فعبد المسيح، وهو عبد اللّه بالعربيّة،

وليس للمسيح عبد.

قال: صدقت وبررت، فما كان اسم جدّي؟

قال: كان اسم جدّك جبرئيل، وهو عبد الرحمن، سمّيته في مجلسي هذا.

قال: أما إنّه كان مسلما؟

قال أبو إبراهيم: عليه السلام نعم، وقتل شهيدا، دخلت عليه أجناد، فقتلوه في منزله

غيلة، والأجناد من أهل الشام.

قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟

قال: كان اسمك عبد الصليب.

قال: فما تسمّيني؟

قال: أسمّيك عبد اللّه.

قال: فإنّي آمنت باللّه العظيم، وشهدت أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، فردا

صمدا، ليس كما تصفه النصاري وليس كما تصفه اليهود، ولا جنس من أجناس

الشرك، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ، فأبان به لأهله وعمي

المبطلون، وأنّه كان رسول اللّه إلي الناس كافّة إلي الأحمر والأسود، كلّ فيه مشترك،

فأبصر من أبصر، واهتدي من اهتدي، وعمي المبطلون، وضلّ عنهم ما كانوا يدّعون.

وأشهد أنّ وليّه نطق بحكمته، وأنّ من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة،

وتوازروا علي الطاعة للّه، وفارقوا الباطل وأهله، والرجس وأهله، وهجروا سبيل

الضلالة، ونصرهم اللّه بالطاعة له، وعصمهم من المعصية، فهم للّه أولياء، وللدين

أنصار، يحثّون علي الخير، ويأمرون به، آمنت بالصغير منهم والكبير، ومن ذكرت

منهم ومن لم أذكر، وآمنت باللّه تبارك وتعالي ربّ العالمين.

ثمّ قطع زنّاره[42] وقطع صليبا كان في عنقه من ذهب.

ثمّ قال: مرني حتّي أضع صدقتي حيث تأمرني

فقال: ههنا أخ لك كان علي مثل دينك، وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة، وهو

في نعمة كنعمتك، فتواسيا وتجاورا، ولست أدع أن أورد عليكما حقّكما في الإسلام.

فقال: واللّه! - أصلحك اللّه - إنّي لغنيّ، ولقد تركت ثلاثمائة طروق[43] بين فرس

وفرسة، وتركت ألف بعير فحقّك فيها أوفر من حقّي.

فقال له: أنت مولي اللّه ورسوله، وأنت في حدّ نسبك علي حالك، فحسن إسلامه

وتزوّج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم عليه السلام خمسين دينارا من صدقة عليّ

بن أبي طالب عليه السلام، وأخدمه وبوّأه، وأقام حتّي أخرج أبو إبراهيم عليه السلامفمات بعد

مخرجه بثمان وعشرين ليلة[44].

الخامس عشر ـ مناظرته عليه السلام مع راهب يمنيّ:

(3393) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عليّ بن إبراهيم وأحمد بن مِهْران

جميعا، عن محمّد بن عليّ، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، قال: كنت عند

أبي إبراهيم عليه السلام، وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة، فاستأذن

لهما الفضل بن سوار، فقال له: إذا كان غدا فأت بهما عند بئر أُمّ خير.

قال: فوافينا من الغد، فوجدنا القوم قد وافوا، فأمر بخصفة بواري[45]، ثمّ جلس

وجلسوا، فبدأت الراهبة بالمسائل، فسألت عن مسائل كثيرة كلّ ذلك يجيبها،

وسألها أبو إبراهيم عليه السلام، عن أشياء لم يكن عندها فيه شيء، ثمّ أسلمت.

ثمّ أقبل الراهب يسأله، فكان يجيبه في كلّ ما يسأله.

فقال الراهب: قد كنت قويّا علي ديني، وما خلّفت أحدا من النصاري في

الأرض يبلغ مبلغي في العلم.

ولقد سمعت برجل في الهند إذا شاء حجّ إلي بيت المقدس في يوم وليلة، ثمّ يرجع

إلي منزله بأرض الهند، فسألت عنه بأيّ أرض هو؟

فقيل لي: إنّه بسندان[46]، وسألت الذي أخبرني؟

فقال: هو علم الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لمّا أتي بعرش سبأ، وهو

الذي ذكره اللّه لكم في كتابكم، ولنا معشر الأديان في كتبنا.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم للّه من اسم لا يردّ؟

فقال الراهب: الأسماء كثيرة، فأمّا المحتوم منها الذي لا يردّ سائله فسبعة.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: فأخبرني عمّا تحفظ منها؟

قال الراهب: لا، واللّه الذي أنزل التوراة علي موسي، وجعل عيسي عبرة

للعالمين، وفتنة لشكر أولي الألباب، وجعل محمّدا بركة ورحمةً، وجعل عليّا عليه السلام

عبرة وبصيرة، وجعل الأوصياء من نسله ونسل محمّد، ما أدري، ولو دريت ما

احتجت فيه إلي كلامك، ولا جئتك، ولا سألتك.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: عد إلي حديث الهنديّ.

فقال له الراهب: سمعت بهذه الأسماء ولا أدري ما بطانتها، ولا شرائحها،

ولا أدري ما هي، ولا كيف هي، ولا بدعائها، فانطلقت حتّي قدمت سندان الهند،

فسألت عن الرجل؟

فقيل لي: إنّه بني ديرا في جبل، فصار لا يخرج، ولا يري إلاّ في كلّ سنة مرّتين،

وزعمت الهند أنّ اللّه فجّر له عينا في ديره، وزعمت الهند أنّه يزرع له من غير زرع

يلقيه، ويحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلي بابه، فأقمت ثلاثا لا أدقّ الباب،

ولا أعالج الباب.

فلمّا كان اليوم الرابع فتح اللّه الباب، وجاءت بقرة عليها حطب تجرّ ضرعها

يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن، فدفعت الباب، فانفتح، فتبعتها ودخلت

فوجدت الرجل قائما ينظر إلي السماء فيبكي، وينظر إلي الأرض فيبكي، وينظر إلي

الجبال فيبكي.

فقلت: سبحان اللّه! ما أقلّ ضربك[47] في دهرنا هذا.

فقال لي: واللّه! ما أنا إلاّ حسنة من حسنات رجل خلّفته وراء ظهرك.

فقلت له: أخبرت أنّ عندك اسما من أسماء اللّه، تبلغ به في كلّ يوم وليلة بيت

المقدس، وترجع إلي بيتك.

فقال لي: وهل تعرف بيت المقدس؟

قلت: لا أعرف إلاّ بيت المقدس الذي بالشام.

قال: ليس بيت المقدس، ولكنّه البيت المقدّس، وهو بيت آل محمّد صلي الله عليه و آله وسلم.

فقلت له: أمّا ما سمعت به إلي يومي هذا، فهو بيت المقدس.

فقال لي: تلك محاريب الأنبياء، وإنّما كان يقال لها: حظيرة المحاريب حتّي جاءت

الفترة التي كانت بين محمّد وعيسي صلّي اللّه عليهما، وقرب البلاء من أهل الشرك،

وحلّت النقمات في دور الشياطين، فحوّلوا وبدّلوا ونقلوا تلك الأسماء، وهو قول اللّه

تبارك وتعالي - البطن لآل محمّد، والظهر مثل ـ «إِنْ هِيَ إِلآَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ

أَنتُمْ وَ ءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـنٍ»[48].

فقلت له: إنّي قد ضربت إليك من بلد بعيد، تعرّضت إليك بحارا وغموما وهموما

وخوفا، وأصبحت وأمسيت مؤيسا ألاّ أكون ظفرت بحاجتي.

فقال لي: ما أري أُمّك حملت بك إلاّ وقد حضرها ملك كريم، ولا أعلم أنّ أباك

حين أراد الوقوع بأُمّك إلاّ وقد اغتسل وجاءها علي طهر، ولا أزعم إلاّ أنّه قد كان

درس السفر[49] الرابع من سحره ذلك، فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق

حتّي تنزل مدينة محمّد صلي الله عليه و آله وسلم التي يقال لها: طيّبة، وقد كان اسمها في الجاهليّة يثرب،

ثمّ اعمد إلي موضع منها، يقال له: البقيع، ثمّ سل عن دار يقال لها: دار مروان،

فأنزلها، وأقم ثلاثاً، ثمّ سل عن الشيخ الأسود الذي يكون علي بابها يعمل البواري،

وهي في بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشيخ، وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي

كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع، ثمّ سله عن فلان بن فلان

الفلانيّ، وسله أين ناديه؟ وسله أيّ ساعة يمرّ فيها؟ فليريكاه أو يصفه لك، فتعرفه

بالصفة، وسأصفه لك.

قلت: فإذا لقيته فأصنع ما ذا؟

قال: سله عمّا كان، وعمّا هو كائن، وسله عن معالم دين من مضي ومن بقي.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت.

فقال الراهب: ما اسمه جعلت فداك؟

قال: هو متمّم بن فيروز، وهو من أبناء الفرس، وهو ممّن آمن باللّه وحده

لا شريك له، وعبده بالإخلاص والإيقان، وفرّ من قومه لمّا خافهم، فوهب له ربّه

حكما، وهداه لسبيل الرشاد، وجعله من المتّقين، وعرّف بينه وبين عباده المخلصين،

وما من سنة إلاّ وهو يزور فيها مكّة حاجّا، ويعتمر في رأس كلّ شهر مرّة، ويجيء

من موضعه من الهند إلي مكّة فضلاً من اللّه وعونا، وكذلك يجزي اللّه الشاكرين، ثمّ

سأله الراهب عن مسائل كثيرة كلّ ذلك يجيبه فيها، وسأل الراهب عن أشياء لم يكن

عند الراهب فيها شيء، فأخبره بها، ثمّ إنّ الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف

نزلت فتبيّن في الأرض منها أربعة، وبقي في الهواء منها أربعة، علي من نزلت تلك

الأربعة التي في الهواء؟ ومن يفسّرها؟

قال: ذاك قائمنا ينزله اللّه عليه، فيفسّره، وينزل عليه ما لم ينزل علي الصدّيقين

والرسل والمهتدين.

ثمّ قال الراهب: فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض

ما هي؟

قال: أخبرك بالأربعة كلّها، أمّا أوّلهنّ فلا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له باقيا،

والثانية محمّد رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم مخلصا، والثالثة نحن أهل البيت، والرابعة شيعتنا منّا،

ونحن من رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، ورسول اللّه من اللّه بسبب.

فقال له الراهب: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّ ما جاء به

من عند اللّه حقّ، وأنّكم صفوة اللّه من خلقه، وأنّ شيعتكم المطهّرون المستبدلون،

ولهم عاقبة اللّه والحمد للّه ربّ العالمين.

فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبّة خزّ، وقميص قوهيّ[50]، وطيلسان وخفّ وقلنسوة،

فأعطاه إيّاها، وصلّي الظهر.

وقال له: اختتن، فقال: قد اختتنت في سابعي[51].

السادس عشر ـ مناظرته عليه السلام مع الراهب:

(3394) 1 ـ ابن شهرآشوب رحمه الله: دخل موسي بن جعفر عليهماالسلام بعض قري الشام

متنكّرا هاربا، فوقع في غار وفيه راهب يعظ في كلّ سنة يوما، فلمّا رآه الراهب

دخله منه هيبة، فقال: يا هذا! أنت غريب؟

قال عليه السلام: نعم.

قال: منّا، أو علينا؟

قال: لست منكم.

قال: أنت من الأُمّة المرحومة؟

قال: نعم.

قال: أفمن علمائهم أنت، أم من جهّالهم؟

قال: لست من جهّالهم.

فقال: كيف طوبي أصلها في دار عيسي، وعندكم في دار محمّد، وأغصانها في كلّ دار؟

فقال عليه السلام: الشمس قد وصل ضوؤها إلي كلّ مكان، وكلّ موضع، وهي في السماء.

قال: وفي الجنّة لا ينفد طعامها، وإن أكلوا منه، ولا ينقص منه شيء؟

قال: السراج في الدنيا يقتبس منه، ولا ينقص منه شيء.

قال: وفي الجنّة ظلّ ممدود؟

فقال عليه السلام: الوقت الذي قبل طلوع الشمس كلّها ظلّ ممدود، قوله:«أَلَمْ تَرَ إِلَي

رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّـلَّ »[52].

قال: ما يؤكل ويشرب في الجنّة لا يكون بولاً، ولا غائطا؟

قال عليه السلام: الجنين في بطن أُمّه.

قال: أهل الجنّة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟

فقال عليه السلام: إذا احتاج الإنسان إلي شيء عرفت أعضاؤه ذلك، ويفعلون بمراده

من غير أمر.

قال: مفاتيح الجنّة من ذهب أو فضّة؟

قال: مفتاح الجنّة لسان العبد «لا اله إلاّ اللّه».

قال: صدقت وأسلم، والجماعة معه[53].

السابع عشر ـ مناظرته عليه السلام مع الراهب النصرانيّ:

(3395) 1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي الله عنه،

قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيي، عن جدّه

الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، قال: سمعت أبا إبراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام

وهو يكلّم راهبا من النصاري، فقال له في بعض ما ناظره: إنّ اللّه تبارك وتعالي

أجلّ وأعظم من أن يحدّ بيد أو رجل أو حركة أو سكون أو يوصف بطول أو قصر أو

تبلغه الأوهام، أو تحيط به صفة العقول[54]، أنزل مواعظه ووعده ووعيده، أمر بلا

شفة ولا لسان، ولكن كما شاء أن يقول له: كن، فكان خُبرا[55] كما أراد في اللوح[56].

پاورقي

[1] الذَوْد: القطيع من الإبل بين الثلاث إلي العشر. المعجم الوسيط: 317.

[2] الحارِكان: مُلْتَقي الكَتِفين. المصباح المنير: 131.

[3] قرب الإسناد: 317، ح 1228. عنه مدينة المعاجز: 6/36، ح 1828، قطعة منه، وحلية

الأبرار: 1/48، ح 4، و116، ح 10، و11، قِطَع منه، والبحار: 17/225، ح 1، أورده بتمامه، و60/73، ح 20، قطعة منه، وإثبات الهداة: 1/247، ح 70، ووسائل الشيعة: 27/166، ح 33502، قطعة منه، ونور الثقلين: 3/229، ح 452، و293، ح 199، و5/672، ح 13، و698، ح 7، قطع منه، والبرهان: 2/452، ح 1، قطعة منه.

إعلام الوري: 62، س 17، قطعة منه.

الخرائج والجرائح: 1/115، ح 191، و2/508، ح 22، قطعتان منه.

عنه البحار: 17/408، ح 37، قطعة منه.

قصص الأنبياء عليهم السلام للراونديّ: 313، ح 389.

قِطَع منه في (النصّ علي إمامته عن أبيه الصادق عليهماالسلام) و(احتجاجه عليه السلام في طفوليّته)، و(الآيات التسع التي أعطي اللّه موسي بن عمران عليه السلام)، و(الآيات التي أعطي اللّه نبيّنا صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عليه السلامعن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عن الإمام عليّ عليهماالسلام)، و(ما رواه عن أبيه عليهماالسلام)، و(ما رواه عليه السلام عن جابر بن عبد اللّه).

[4] الخرائج والجرائح: 1/111، ح 186. عنه البحار: 10/244، ح 3.

قطعة منه في النصّ علي إمامته عن أبيه الصادق عليهماالسلام.

[5] آل عمران: 3/34.

[6] في كنز الفوائد نسب الأبيات إلي أبي الحسن موسي عليه السلام.

[7] إعلام الوري: 2/29، س 7. عنه وعن الفصول المختارة، حلية الأبرار: 4/203، ح 3.الكافي: 3/16، ح 5، وفيه: عليّ بن إبراهيم، رفعه، قال: خرج ... ، قطعة منه. عنه وسائل

الشيعة: 1/301، ح 790، تهذيب الأحكام: 1/30، ح 79، نحو ما في الكافي. عنه وعن الكافي، وسائل الشيعة: 1/324، ح 853، والوافي: 6/107، ح 3860.تحف العقول: 411، س 3، بتفاوت، عنه البحار: 10/247، ح 16، و75/322، ح 23.المناقب لابن شهر آشوب: 4/314، س 9، بتفاوت. عنه البحار: 48/106، س 1، عنه وعن التحف، أعيان الشيعة: 2/6، س 27.كشف الغمّة: 2/294، س 8، قطعة منه.الأمالي للسيّد المرتضي: 1/105، س 15، بتفاوت يسير.الأمالي للصدوق: 334، ح 4، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد السنانيّ المكتّب، قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ، عن الإمام عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا عليّ بن موسي عليهم السلام...، قطعة منه.عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/138، ح 37، نحو ما في الأمالي للصدوق.التوحيد: 96، ح 2، نحو ما في الأمالي.الثاقب في المناقب: 171، ح 157، بتفاوت يسير. عنه حلية الأبرار: 4/202، ح 2.الاحتجاج: 2/331، ح 269، بتفاوت يسير. عنه البحار: 5/27، ح 33، و77/172، ح 12، ووسائل الشيعة: 1/326، ح 858.تصحيح الاعتقاد، المطبوع ضمن مصنّفات الشيخ المفيد رحمه الله: 5/44، س 3. قطعة منه.كنز الفوائد: 171، س 9، قطعة منه. عنه البحار: 10/248، ح 17.دلائل الإمامة: 327، ح 282، قطعة منه. عنه مدينه المعاجز: 6/225، ح 1968، وحلية الأبرار: 4/201، ح 1.جامع الأخبار: 7، س 15، قطعة منه.إثبات الوصيّة: 191، س 21، قطعة منه. عنه مستدرك الوسائل: 1/263، ح 549.عوالي اللئالي: 2/186، ح 64، 4/109، ح 166، قطعة منه.روضة الواعظين: 48، س 12، بتفاوت يسير.إحقاق الحقّ: 12/339، س 4، عن العلاّمة الزبيريّ، في «إتحاف السادة المتّقين».قطعة منه في حضوره عليه السلام في المكتب في طفولته.

[8] أعلام الدين: 318، س 6. عنه البحار: 48/175، ح 18.الصراط المستقيم: 2/174، س 22.قطعة منه في أشعاره عليه السلام.

[9] الأنفال: 8/72.

[10] الأنعام: 6/38.

[11] الأنعام:6/84 و85.

[12] آلِ عِمْرَانَ: 3/61.

[13] الأنبياء: 21/60.

[14] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/81، ح 9. عنه البحار: 20/112، 39، قطعة منه، و42/64، ح

5،، قطعة منه، و48/125، ح 2، أورده بتمامه، و70/273، س 11، قطعة منه، ونور الثقلين: 1/348، ح 162، و743، ح 168، و2/169، ح 159، و3/84، ح 222، و433، ح 83، قطعات منه، والبرهان: 1/ 289، ح 8، و356، ح 3، قطعتان منه، و2/281، ح 1، أورده بتمامه، ووسائل الشيعة: 20/263، ح 25837، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 4/263، ح 4654، قطعة منه، وأعيان الشيعة: 2/8، س 29، قطعة منه. وعنه وعن الاحتجاج، وسائل الشيعة: 26/108، ح 32598، قطعة منه.

كشف الغمّة: 2/251، س 12، و18، قطعتان منه.

الاحتجاج: 2/335، ح 271، مرسلاً وبتفاوت يسير. عنه البحار: 48/129، ح 4، أشار إليه. وعنه وعن العيون، البحار: 93/240، ح 4، و101/334، ح 11، قطعتان منه.

إحقاق الحقّ: 9/91، س 8، عن كتاب نهاية الارب، و12/313، عن مصادر عديدة.

الصواعق المحرقة: 203، س 17، قطعة منه. عنه مناقب أهل البيت عليهم السلام: 86، س 18.

ينابيع المودّة: 3/117، س 11، قطعة منه.

نور الأبصار: 301، س 11، قطعة منه.

الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 238، س 1، قطعة منه.

قطعة منه في أحواله عليه السلام مع هارون الرشيد، و(ما ورد عنه عليه السلام في سورة آل عمران: 3/61)، و(سورة الأنعام: 6/84)، و(سورة الأنفال: 8/72)، و(سورة الأنبياء: 21/60) (ما رواه عليه السلامعن جبرئيل عليه السلام) و(ما رواه عليه السلام عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عليه السلام عن الإمام عليّ عليه السلام)، و(ما رواه عليه السلامعن عمر بن الخطّاب).

[15] مريم: 19/59.

[16] الأنعام: 6/84 و85.

[17] آلِ عِمْرَانَ: 3/61.

[18] الأنفال: 8/70.

[19] الأنفال: 8/72.

[20] الاختصاص، المطبوع ضمن مصنّفات الشيخ: 12/54، س 19. عنه البحار: 48/121، ح

1، ومستدرك الوسائل: 13/177، ح 15030، و17/166، ح 21051، و189، س 11، قطعات منه، وإثبات الهدة: 1/390، ح 593، قطعة منه، والبرهان: 1/286، ح 3، قطعة منه، و2/95، ح 3.

تحف العقول: 404، س 3، مرسلاً وبتفاوت يسير. عنه البحار: 2/238، ح 31، قطعة منه، و10/241، ح 2، أورده بتمامه، والفصول المهمّة للحرّالعامليّ: 1/612، ح 965، قطعة منه. عنه وعن الاختصاص، وسائل الشيعة: 27/103، ح 33329، قطعة منه.

مستدرك الوسائل: 17/293، ح 21386، عن مجموعة الشهيد، قطعة منه.

قطعة منه في أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا يقبلون الهديّة، و(أحواله عليه السلام مع هارون) و(سورة آل عمران: 3/61)، و(سورة الأنعام: 6/84 و85)، و(سورة الأنفال: 8/70 و72)، و(كتابه عليه السلام إلي هارون الرشيد)، و(ما رواه عليه السلامعن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عن أبيه الإمام الصادق عليهماالسلام)، و(ما رواه عليه السلامعن العبّاس).

[21] اليقين بإمرة أمير المؤمنين عليه السلام: 460، س 13.

ولم نعثر علي أصل الاحتجاج في المصادر التي بأيدينا.

[22] في البحار: «إذا ذكرني أصحابي فاسكنوا»، أي فاسكنوا إلي قولهم.

[23] الأنعام: 6/75.

[24] الصافّات: 37/88.

[25] الواقعة: 56/75 و76.

[26] النازعات: 79/5.

[27] النحل: 16/16.

[28] فرج المهموم: 108، س 2. عنه البحار: 48/145، ح 21، و55/252، ح 36، باختصار.

قطعة منه في إخباره عليه السلام بشهادته و(إنّ إدريس عليه السلام كان عالما بالنجوم)، و(سورة الأنعام:

6/75)، (سورة الصافّات: 37/88 و89)، و(سورة الواقعة: 56/75 و76)، و(سورة النازعات: 79/5)، و(سورة النحل: 16/16) و(ما رواه عليه السلام عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم).

[29] الإسراء: 17/26.

[30] الكافي: 1/543، ح 5. عنه البحار: 48/156، ح 29، ونور الثقلين: 3/154، ح 158،

و5/276، ح 14. وعنه وعن التهذيب، الوافي: 10/306، ح 9612، ووسائل الشيعة: 9/525، ح 12629، قطعة منه.

تهذيب الأحكام: 4/148، ح 413، عن السيّاريّ، عن عليّ بن أسباط، قال: ... .

فقه القرآن للراونديّ: 1/248، س 9.

عوالي اللئالي: 2/78، ح 207، قطعة منه.

إحقاق الحقّ: 12/340، س 3، عن عمدة الأخبار باختصار.

قطعة منه في سورة الإسراء: 17/26، و(ما رواه عليه السلام من الأحاديث القدسيّة)، و(ما رواه عليه السلامعن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عليه السلام عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام) و(ما رواه عن أبي بكر بن أبي قحافة) و(ما رواه عن عمر بن الخطّاب).

[31] الكافي: 4/352، ح 15.

تقدّم الحديث بتمامه في ج 4 رقم 1932.

[32] تحف العقول: 408، س 16.

عنه البحار: 10/246، ح 7، و75/320، ح 6.

[33] الحجرات: 49/12.

[34] طه:20/82.

[35] دلائل الإمامة: 317، ح 263.عنه مدينة المعاجز: 6/194، ح 1937، وحلية الأبرار:

4/233، ح 1.

المناقب لابن شهرآشوب: 4/302، س 23، قطعة منه. عنه مستدرك الوسائل: 3/255، ح 3521.

كشف الغمّة: 2/213 س 12. عنه البحار: 40/80 ح 102، إثبات الهداة: 3/201 ح 95.

تذكرة الخواصّ: 312، س 19، وفيه: أخبرنا أبو محمّد البزّاز، أنبأنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا محمّد بن عبد الملك، والمبارك بن عبد الجبّار الصيرفيّ، قالا: أنبأنا عبد اللّه بن أحمد بن عثمان، أنبأنا محمّد بن عبد الرحمن الشيبانيّ، إنّ عليّ بن محمّد بن الزبير البجليّ حدّثهم، قال: حدّثنا هشام بن حاتم الأصمّ، عن أبيه، قال: حدّثني شقيق البلخيّ ... ، بتفاوت يسير.

نوادر المعجزات: 156، ح 2.

الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 233، س 3، بتفاوت يسير. عنه حلية الأبرار: 4/236، ح 2.

قطعة منه في لباسه ونعله عليه السلام، و(حسنه وجماله عليه السلام)، (عبادته عليه السلام وخشوعه)، و(أشعاره عليه السلام)، و(إخباره عليه السلام عمّا في الضمير)، و(معجزته عليه السلام في فيضان ماء البئر)، و(معجزته عليه السلامفي تبديل الرمل سويقاً)، و(سورة الحجرات: 49/12)، و(سورة طه: 20/82).

[36] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/78، ح 6.

تقدّم الحديث بتمامه في ج 4 رقم 1927.

[37] عُريض: كزبير، واد بالمدينة، فيه أموال لأهلها. مجمع البحرين: 4/215، عرض.

[38] البِزَّة: الثياب، السلاح، الهيئة. المنجد: 36، بزّ.

[39] كفّر له: خضع بأن يضع يده علي صدره، ويطأطئ رأسه، ويتطأمن تعظيما له. المصدر: 691.

[40] البُرْنُس: شيء تلبسه النصاري علي رؤوسهم، كلّ ثوب رأسه منه ملزوق به من دراعة أو

جبّة أو ممطر أو غيره. مجمع البحرين: 4/52، برس.

[41] الدخان: 44/1 ـ 4.

[42] الزُنّار: حزام يشدّه النصرانيّ علي وسطه. المعجم الوسيط: 403، زنر.

[43] في حديث الزكوة: «فيها حِقَّة طروقة الفحل» هي فعولة بمعني مفعولة أي مركوبة الفحل. مجمع البحرين: 5/205، طرق.

[44] الكافي: 1/478، ح 4. عنه البحار: 14/213، ح 11، و217، ح 20، و16/87، ح 12،

و24/319، ح 28، قطعات منه، و48/85، ح 106، أورده بتمامه، وسائل الشيعة: 7/376، ح 9622، و12/235، ح 16179، و25/386، ح 32189، قطعات منه، ومدينة المعاجز: 6/297، ح 2023، أورده بتمامه، ، والوافي: 3/799، ح 1414، وحلية الأبرار: 4/217، ح 1، والبرهان: 3/9، ح 6، قطعة منه، و4/157، ح، وتأويل الآيات الظاهرة: 555، س 7، قطعة منه، ونور الثقلين: 1/334، ح 118، و3/327، ح 39، و4/623، ح 14، قطعات منه، ومقدّمة البرهان: 282، س 23، و295، س 33، و353 س 34، قطعات منه، وإثبات الهداة: 3/175، ح 14، قطعة منه.

قطعة منه في سورة الدخان: 44/1 ـ 4، و(مريم وابنه عيسي عليهماالسلام)، و(انفاقه من صدقة عليّ عليهماالسلام صداق زواج يهوديّ أسلم).

[45] الخَصَفَة: الجُلّة من الخُوص للتمر. المصباح المنير: 171.

الباريّ والباريّة: البارياء. والبارياء: الحصير، فارسيّ معرّب. المعجم الوسيط: 76، (بور).

قال في البحار: كأنّ الإضافة إلي البواري لبيان أنّ المراد بها ما يعمل من الخوص للفراش مكان البارية، لا ما يعمل للتمر.

[46] في الأصل: «سبذان» بدل «سندان»، وكذا في المورد الآتي.

وسُبذان: علي أربعة فراسخ من البصرة مدينة الأُبُلّة علي عُبر دجلة العوراء. معجم البلدان:

3/183، سبذ.

والسَندان بفتح أوّله وآخره نون، هي قصبة بلاد الهند. المصدر: 266، (سند).

[47] الضَرْب: المِثل والشكل. المعجم الوسيط: 537.

[48] النجم: 53/23.

[49] السِفْر ج أسفار: الكتاب الكبير، جزء من أجزاء التوراة. المنجد: 337.

[50] القوهيّ: ضرب من الثياب بيض، فارسيّ. الأزهريّ: الثياب القوهيّة معروفة منسوبة إلي قوهستان. لسان العرب: 13/532، قوه.

[51] الكافي: 1/481، ح 5. عنه مدينة المعاجز: 6/304، ح 2024، والبحار: 48/92، ح 107،

وحلية الأبرار: 4/225، ح 1، ووسائل الشيعة: 4/365، ح 5403، و21/440، ح 27530، قطعة منه فيهما، والوافي: 3/804، ح 1415، وإثبات الهداة: 3/176، ح 15، قطعة منه.

قطعة منه في سورة النجم: 53/23.

[52] الفرقان: 25/45.

[53] المناقب: 4/311، س 17. عنه البحار: 48/105، س 7 ضمن ح 8.

[54] في البحار: «أو تحيط بصفته العقول».

[55] في البحار: «فكان خيرا».

[56] التوحيد: 75، ح 30. عنه البحار: 3/300، ح 32.