بازگشت

(ك) ـ ما رواه عليه السلام عن هاشم بن عبد مناف


(3995) 1 ـ المسعوديّ رحمه الله: روي هارون، عن زكريّا الهجريّ ، عن أبي جميل

البحرانيّ بإسناد له، رفعه إلي عليّ بن جعفر الصادق عليه السلام، قال: سمعت أخي موسي

عليه وعلي آبائه السلام، يقول: رأي أعرابيّ رؤيا لهاشم بن عبد مناف ، فقصّها

عليه، فقال له هاشم: سل أعطك.

قال: تجيد حلّتي، وتسدّ خلّتي، وتحمل وجلتي.

قال: فأمر له بناقة حمراء دريرة يتبعها من نتاجها خمسة أبطن، كلّها منتج، فأمر له

بمائة نعجة شحمة حلوب، وكساه من حلل صنعاء وعدن، وقال له: لئن أخّرني اللّه

إلي كون لأجعلنّك سيّد العرب.

فلمّا كان الليل رأي هاشم في منامه، كأنّه رفع إليه لواء، فركزه علي باب داره،

وكأنّ شهاب نار خرج من ظهره، أضاءت له الدنيا، ولم يبق شيء من الجنّ والإنس

والطير والوحوش إلاّ صار تحت ذلك اللواء، حتّي نطحت الشاة الذئب، ونبح

الكلب الأسد، وورد ذلك الجمع كلّه شربا واحدا، وسمع هاتفا يقول: يا أبا نضلة! هذا

بيت شعر، يكتب بسطر منفرد:

علي رغم آناف الذين تحزّبوا

سيظهر محمود وينصر ناصره.

فلمّا أصبح هاشم أمر مناديا، فنادي في شعاب مكّة: يا معشر أولاد النضر ابن

كنانة، ومن سكن بمكّة من قبائل مكّة! لا يتخلّفنّ أحد عن ندائي.

فلمّا اجتمع الناس، وأوفت الركبان من كلّ مكان، خرج عليهم، وقد نصب له

منبره المركز، فجلس عليه ساكتا لا يتكلّم.

فقالت قريش: يا أبا نضلة! لأمر كان نداؤك، فانبه! فلقد ضاقت منه الصدور.

فقال: واللّه! هيه عن قريب أضيق، إذا حضرت القروم تنفخ شقّا شقّا، وخنس

كلّ حادل يحكّ عجب الذنب، فكيف بكم إذا صرتم كدوحة القاع، أحاط بها الراعي

بغنم المرعي، فهي تحصد هشيم أغصانها، فعندها تصبح تلك الأعلام سهلة محجتها،

لحافر العير، وظلف المعزي، ويتواضع كلّ شموخ عالي الذروة، صعب المرتقي.

فإذا كان ذلك قرع النبع بالنبع، وأرثت الزناد بجناتها، وساد ذليل القوم عشيرته،

وأتبع المتبوع تابعه، واضطربت أمواج العرب. واصطكت جنادل قريش، فثم تنكر

قريش أمرها.

فقالت قريش: يا أبا نضلة! إنّ سحابك ليرعد بغرق العشيرة، فأبن القول نعلمه،

واشرح الأمر نفهمه.

قال: إنّه لأمر عجيب، وكائن عمّا قريب، يعزّ تابعه، ويذلّ دافعه.

فإذا أنار بدره، وشدّه أزره، وقاتل فظفر، وغزا فنصر، فليست مكّة لقريش،

ولتلقيه رجالات قريش تمنعها أواصر الألفة من اتّباعه، كالإبل حول قليب السقي.

واللّه، واللّه! ليكوننّ ما أقول، ولو أدركته إذا واللّه! حاميت عنه محاماة الأسد

عن عرينه، وضاربت دونه مضاربه الجمل الهايج عن النوق الضبع، فثم ترزأ

الحاضن بيضها، وتثكل المفردة وحيدها، ويبكم خطيب العشيرة، ويقدم

كسير القطيع، واللّه! ليكوننّ، وليظهرنّ، وإن رغمت منه أنف رجال، حين يهتف بي

فلا أجيب.

قال: وخرج فمات بغزّة، فرآه أبوه يوما في الحجر مكحولاً مدهونا، قد كسي حلّة

من حلل الجنّة، فبقي متحيّرا لا يدري من فعل به ذلك، فأخذ بيده وانطلق به إلي

كهنة قريش فأخبرهم بذلك، فقالوا: اعلم، يا أبا نضلة! أنّ إله السماء قد أذن لهذا

الغلام بالتزويج.

قال: فزوّجه (قبلة بنت عمرو بن عايشة)، فولدت له الحارث فماتت، فزوّجه

بعدها هندا بنت عمرو، وحضرت هاشم الوفاة فدعا بعبد المطّلب، وقال له: يا بنيّ!

اجمع إليّ بني النضر كلّها، عبد شمسها، ومخزومها، وفهرها، ولؤيها، وغالبها، وهاشمها.

فجمعهم عبد المطّلب، وهو يومئذ غلام ابن خمس وعشرين سنة، أطول قريش

باعا، وأشدّهم قوّة، تفوح منه روايح المسك، ويسطح من دائرة جبينه النور.

قال: فلمّا أبصر هاشم ذلك النور، قال: معاشر قريش! أنتم مح أولاد إسماعيل

وأولادي، وقد اختاركم اللّه جلّ وعزّ لنفسه، فجعلكم سكّان حرمه وبيته، وأنا

ربيبكم وسيّدكم، فهذا لواء نزار، وقوس إسماعيل، وسقاية الحاجّ، ومفاتيح الكعبة،

قد سلّمتها إلي ابني عبد المطّلب، فاسمعوا له، وأطيعوا أمره.

قال: فوثبت قريش، فقبّلت رأس عبد المطلب، ونثروا عليه ورقا وعينا، وقالوا:

سمعنا وأطعنا.

فكان لواء نزار، وقوس إسماعيل، وسقاية الحاجّ، ومفاتيح الكعبة كلّ ذلك يجري

علي يديه، وكانت ملوك الأطراف والأكناف جميعا تكاتبه، وتهاديه، وتعرف له

فضله ما خلا كسري صاحب المدائن، فإنّه كان معاندا مكاشفا.

وكانت قريش إذا أصابها محل، أو شدّة يأخذون بيد عبد المطّلب ويخرجونه إلي

جبل ثبير، فيتقرّبون إلي اللّه عزّ وجلّ به، ويستسقون، فكان اللّه عزّ وجلّ يسقيهم

بنور رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم الغيث[360].

پاورقي

[360] إثبات الوصيّة: 102، س 7.