بازگشت

علمه بما يكون


علم النبي و أوصيائه - صلوات الله عليه و عليهم - بما كان و بما يكون، من البديهيات التي لا تحتاج الي برهان، و لا تفتقر الي دليل، ذلك أنهم خلفاء الله في الأرض، و أمناؤه علي الوحي، و سفراؤه الي الخلق، و ليس من العجيب أن يكون السفير علي علم بما يدور في أرجاء دولته، و لا من الغريب أن يكون سفير الله تعالي علي معرفة تامة بما يحدث في الأرض بكاملها، لأن علمه من علم الله، بعد أن كان انتدابه من قبله عزوجل.

أجل، نحن نخلق مع عينين و أذنين، و لسان و شفتين، و عقل يعي و يقدر، والامام يخلق هكذا مع اضافة أن تكون مداركه مرهفة و أكثر قدرة، الي جانب أنه يحمل آثار الامامة التي تجعله علي صلة بالسماء، كما يتصل الناس اليوم فيما بينهم بسلك و بلا سلك، و الي جانب موظفي سفارته من الملائكة الذين يعملون بين يديه ليل نهار، ليوفروا له علم كل شي ء يلزمه و يسأل عنه، سوي ما استأثر الله تعالي به لنفسه من علم الساعة و غيرها.

فعن الحسن بن علي بن يقطين، عن أبيه، قال:

«سألت أباالحسن عليه السلام - أي الامام الرضا - عن شي ء من أمر العالم.



[ صفحه 232]



فقال: نكت في القلب، و نقر في الأسماع. و قد يكونان معا» [1] .

و عن أبيه، عن علي بن يقطين - أيضا - قال:

«قلت لأبي الحسن: علم عالمكم استماع، أو الهام؟!.

قال: يكون سماعا، و يكون الهاما. و يكونان معا» [2] .

و هذا الأمر من مواهب الله تعالي لهم، و الخلق يتفاوتون بتفاوت درجات طاقاتهم من حيث العقل و الادراك، و قوة الحدس، و درجات الذكاء و الفهم. فكيف بالأئمة عليهم السلام، و قد رصدهم الله تعالي للأمر الخطير؟!.

قال سليمان الجعفري:

«كنت عند أبي الحسن عليه السلام، فقال: يا سليمان اتق فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله!.

فسكت حتي أصبت خلوة فقلت: جعلت فداك، سمعتك تقول: اتق فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله!.

قال: نعم، يا سليمان. ان الله خلق المؤمنين من نوره، و صبغهم في رحمته، و أخذ ميثاقهم لنا بالولاية. و المؤمن هو المؤمن لأبيه و أمه: أبوه النور، و أمه الرحمة. و انما ينظر بذلك النور الذي خلق منه» [3] .

و نحن - في حياتنا اليومية - نري من ينظر بنور الله، و يخبرنا بأشياء في ضمائرنا لا يعلمها الا الله تعالي، و يستشف أشياء كثيرة من وراء الغيب، و ينطق بمعلومات حدسية تكون صادقة الي حد المائة بالمائة.



[ صفحه 233]



أما الأئمة عليهم السلام، فهم علي رأس المؤمنين، و قد وهبهم الله سبحانه من نوره، و من علمه، ما يجعلهم قادرين علي معرفة ما كان و ما يكون، لأن ذلك ميسور لهم بوسائل كثيرة هيأها سبحانه لهم. و هم جديرون بأن يملأوا مركز ولايتهم علي الناس، حتي لا يكون بين الناس من يساويهم أو يداني علمهم و معرفتهم مطلقا.

و قد قال علي بن حمزة:

«دخلت علي أبي الحسن: موسي عليه السلام، في السنة التي قبض فيها أبوعبدالله الصادق عليه السلام، فقلت له: كم أتي لك؟.

فقال: تسع عشرة سنة.

فقلت: ان أباك أسر الي سرا، وحدثني بحديث، فأخبرني؟.

فقال لي: قال لك كذا و كذا، حتي نسق علي جميع ما أخبرني به أبوعبدالله عليه السلام» [4] .

فابن التسع عشرة سنة الذي روي للسائل ما قاله أبوه له سرا حرفا حرفا، و دون زيادة أو نقصان، و من غير أن يكون حاضرا حين تكلم أبوه، لم يرو ذلك الا بعلم يقين ألقي في سمعه، أو نكت في قلبه من لدن عليم خبير و علي كل شي ء قدير.

و نحن نعترف بقدرة الله المطلقة، و ما علينا ممن يعمي عن نور الشمس، و ينكر ضوء النهار؟!.

و هذا ابن الامام الكاظم عليه السلام، اسماعيل بن موسي يقول:

«كنا مع أبي الحسن عليه السلام في عمرة، فنزلنا بعض قصور الأمراء.



[ صفحه 234]



و أمر بالرحيل، فشددت المحامل، و ركب بعض الغلمان. و كان أبوالحسن عليه السلام في بيت، فخرج فقام علي بابه فقال: حطوا، حطوا.

قال اسماعيل: و هل تري شيئا؟!.

فقال: انه ستأتيكم ريح سوداء مظلمة، ترمح - أي تطرح - بعض الابل.

فحطوا. و جاءت ريح سوداء.

قال اسماعيل بن موسي: فأشهد لقد رأيت جملا كان لي عليه كنيسة - أي شبه الهودج - كنت أركب فيها أنا و أحمد أخي. و لقد قام ثم سقط علي جنبه بالكنيسة» [5] .

فهل هذا من الحدس، أم من الظن، أم من ظاهرة طبيعية راهنة لم يروها قبل أن يحدثهم عنها.

لا هو من هذا و لا من ذاك، بل انه وحي يوحي كمثل ما أوحي لأم موسي التي ألهمت الهاما كشبه ما يلهم الأنبياء، و كانت موضع عناية الله تبارك و تعالي ليتم أمر سلامة ابنها نبي المستقبل. و هذه البادرة كتلك فسمها ان شئت معجزة ربانية، و لو لا ذلك لما عرف أن الريح ستكون سوداء، و لا خطر بباله أنها سترمح بعض الابل.

و مثل ذلك ما رواه علي بن حمزة الذي قال:

«كنا بمكة سنة من السنين، فأصابت الناس تلك السنة صاعقة كبيرة، حتي مات من ذلك خلق كثير.

فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام، فقال مبتدئا من غير أن أسأله:



[ صفحه 235]



يا علي، ينبغي للغريق، و المصعوق أن يتربص به ثلاثا، الي أن يجي ء منه ريح يدل علي موته.

قلت له: جعلت فداك، كأنك تخبرني أنه دفن ناس كثير أحياء!.

قال: نعم، يا علي: قد دفن ناس كثير ما ماتوا الا في قبورهم» [6] .

و هذا من علم الله عزوجل، لأنه ما من أحد نزل من قبر غريق أو قبر مصعوق، و رأي أنهما دفنا حيين، و أنهما لم يموتا حقيقة عندما أغمي عليهما اغماء يشبه الموت. ثم ان هذا لا يتحقق بالحدس و التخمين، و لا يجعله الاحتمال معقولا. ولكنه علم بما كان و بما يكون، موهوب للامام عليه السلام بشأن من يصاب بغيبوبة مفاجئة طويلة الأمد، ثم يفيق منها و يعود الي الحياة.

و قال اسحاق بن عمار:

«سمعت العبد الصالح ينعي الي رجل نفسه. فقلت في نفسي: و انه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته؟!.

فالتفت الي شبه المغضب فقال: يا اسحاق، كان رشيد الهجري، [7] ، و كان من المستضعفين، يعلم علم المنايا و البلايا. فالامام أولي بذلك. يا اسحاق اصنع ما أنت صانع فعمرك قد فني، و أنت تموت الي سنتين، و اخوتك و أهل بيتك لا يلبثون من بعد الا يسيرا حتي تفترق كلمتهم و يخون بعضهم بعضا، و يصيرون لاخوانهم و من يعرفهم رحمة، حتي يشمت بهم عدوهم.

قال اسحاق: فاني أستغفر الله مما عرض في صدري.



[ صفحه 236]



فلم يلبث اسحاق بعد هذا المجلس الا سنتين حتي مات. ثم ما ذهبت الأيام حتي قام بنوعمار، بأموال الناس و أفلسوا أقبح افلاس رآه الناس. فجاء ما قال أبوالحسن عليه السلام فيهم، ما غادر قليلا و لا كثيرا» [8] .

فيا اسحاق بن عمار، ما كان أغناك عن سماع خبر فناء عمرك، و افتراق كلمة اخوتك و أهل بيتك و ما يحل بهم من الويل و الافلاس و الهتك؟. أنت بين يدي امام علمه من علم ربه الذي سواه فعدله في أيه حالة ما شاء ركبه، وصنعه علي عينه، و جعله وليه المختار من عباده...

و شبيه بما سبق ما رواه عثمان بن عيسي عن خالد الذي قال:

«كنت مع أبي الحسن عليه السلام بمكة، فقال: من هاهنا من أصحابكم؟.

فعددت عليه ثمانية أنفس.

فأمر باخراج أربعة، و سكت عن أربعة.

فما كان الا يوم، و من الغد مات الأربعة، فسلموا» [9] أي سلم من أمر باخراجهم.

و قال خالد بن نجيح - هذا - عن أبي الحسن عليه السلام.

«قال لي: افرغ بينك و بين من كان له معك عمل في سنة أربع و سبعين و مائة حتي يجيئك كتابي، و انظر ما عندك و ما بعث به الي، و لا تقبل من أحد شيئا.



[ صفحه 237]



و خرج الي المدينة، و بقي خالد بمكة خمسة عشر يوما، ثم مات» [10] .

فالامام عليه السلام - كما قال - لا يقاس بالمستضعفين في الأرض كرشيد الهجري رحمه الله الذي اطلع علي علم المنايا و علم البلايا و لم يخطي ء في قول في هذا الموضوع.

فعن هشام بن الحكم، قال:

«أردت شراء جارية بمني، و كتبت الي أبي الحسن أشاوره فلم يرد علي جوابا.

فلما كان في الطواف مربي برمي الجمار علي حمار، و نظر الي الجارية من بين الجواري، ثم أتاني كتابه: لا أري بشرائها بأسا ان لم يكن في عمرها قلة.

قلت: لا والله ما قال لي هذا الحرف الا وها هنا شي ء!. لا والله لا أشتريها.

ثم قال: فما خرجت من مكة حتي دفنت» [11] .

فأعيذ نظرتك بالله يا مولاي كم هي نافذة الي أعماق المجهول، و كم هي صائبة تنفذ الي معرفة ما يكون في قضاء الله و قدره، كما برأها خالقها عزوجل!. و طوبي لمن آمن بكونك وليا لله، وحجة له في أرضه!.

قال الوشاء: حدثني الحسن بن علي قائلا:

«حججت أنا و خالي اسماعيل بن الياس، فكتبت الي أبي الحسن



[ صفحه 238]



الأول عليه السلام، و كتب خالي: ان لي بنات و ليس لي ذكر، و قد قتل رجالنا.

و قد خلفت امرأتي حاملا، فادع الله أن يجعله غلاما، و سمه.

فوقع في الكتاب: قد قضي الله حاجتك. فسمه محمدا.

فقدمنا الي الكوفة و قد ولد له غلام قبل و صولنا الي الكوفة بستة أيام، و دخلناها يوم سابعه.

فقال أبومحمد: هو والله اليوم، رجل، و له أولاد» [12] .

فكيف عرف سلام الله عليه و هو في الحجاز، و المرأة الحامل في العراق؟. الأمر سهل، و للقصة نظائر تدل علي معرفته بالحمل، و نوعه. و لا يخالف ذلك قول الله سبحانه و تعالي: (و نقر في الأرحام ما نشاء...) [13] لأن الامام حين يتكلم في هذا الموضوع يتكلم بما يعلمه عن طريق ما يأتيه من تقديرات الله عزوعلا في الأمور.

و كذلك قال حماد بن عيسي:

«دخلت علي أبي الحسن الأول عليه السلام، فقلت له: أدع الله لي أن يرزقني دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج في كل سنة.

فقال: اللهم صل علي محمد و آل محمد، و ارزقه دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج خمسين سنة.

قال حماد: فلما اشترط خمسين سنة، علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة. و حججت ثمان و أربعين سنة، و هذه داري قد رزقتها، و هذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي، و هذا ابني، و هذه خادمتي، قد رزقت كل ذلك.



[ صفحه 239]



فحج بعد هذا الكلام حجتين، تمام الخمسين، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فزامل - أي رافق - أباالعباس النوفلي القصير، فلما صار في موضع الاحرام، دخل يغتسل في الوادي، فحمله فغرقه الماء - رحمة الله عليه - و أتاه - الأجل - قبل أن يحج زيادة علي خمسين؛ و عاش الي وقت الرضا عليه السلام، و توفي سنة تسع و مائتين، و كان من جهينة» [14] .

فحين دعا الامام عليه السلام لهذا الرجل بالدار، و الزوجة، و الولد و الخادمة، استجاب الله تعالي دعاءه بشكل طبيعي معقول، كما يستجيب سبحانه لكل عبد صالح و ولي مؤمن. ولكن من أخبره أن الرجل يحج خمسين سنة لا تزيد و لا تنقص؟!.

هذا من اختصاصه صلوات الله و سلامه عليه، لأن بيده علم البلايا و المنايا، و هو يتكلم - باذن الله - بتمام الثقة، و لا يقول الا بالتأكيد و الجزم.

و امام الزمان مجهز بقوي لا تتوفر لغيره من المخلوقين، فهو - مثلا - يري ما وراءه، كما يري ما هو أمامه سواء بسواء، بواسطة لوح النور الذي تكلمنا عنه مفصلا في كتابنا (الامام المعجزة) و لا تخفي عليه خافية فيما حوله، و لا يواري منه ستر و لا جدار، و ذلك مسخر له في جملة عطايا الله سبحانه و مواهبه الجزيلة. فمن ذلك ما رواه مرازم حيث قال:

«دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فأعجبتني. فأردت أن أتمتع منها، فأبت أن تزوجني نفسها.

فجئت بعد العتمة، فقرعت الباب، فكانت هي التي فتحت لي. فوضعت يدي علي صدرها، فبادرتني حتي دخلت.



[ صفحه 240]



فلما أصبحت، دخلت علي أبي الحسن عليه السلام، فقال: يا مرازم، ليس من شيعتنا من خلا ثم لم يرع قلبه!» [15] .

فهو عليه السلام يطلع علي حال أصحابه دائما، و يحاسبهم علي الكبيرة و الصغيرة، و يريدهم أصفياء أتقياء أنقياء. ولذلك عاتب مرازم، و قال له: ليس من شيعتنا من لم يرع قلبه، لأنه عرف أنه وضع يده علي صدر الجارية.

و السؤال: كيف رآه في العتمة و في دار بعيدة عن مقره و مكان وجوده؟. و كيف علم ما فعله، و من أطلعه علي ذلك بالتفصيل؟!.

ولو استرسلنا في سرد الوقائع التي برهن امامنا العظيم عليه السلام علي علمه بما كان و ما يكون لطال بنا المقام. ولكننا لابد أن نورد عنه قصصا في أحوال مختلفة، لنبين أنه كان يرعي أصحابه و يلاحظهم أينما كانوا، و ينبههم الي أخطائهم، و يوجههم الي الصراط السوي، ليدوروا دائما في فلك مرضاة الله عزوجل. كما كان يربيهم علي العمل الصالح، و حب الخير، و البعد عن عمل الشر مع الولي و العدو، ليفوزوا بالسمعة الطيبة في الدنيا، وليكونوا مع الأبرار و الأخيار في الدار الآخرة.

و عن أحمد بن عمر الخلال، قال:

«سمعت الأخوص بمكة يذكره - أي سمعته ينال من الامام عليه السلام - فاشتريت سكينا و قلت: والله لأقتلنه اذا خرج من المسجد، و أقمت علي ذلك، و جلست له. - يعني جلس ينتظره -.

فما شعرت الا برقعة أبي الحسن عليه السلام قد طلعت علي، فيها:



[ صفحه 241]



بسم الله الرحمن الرحيم، بحقي عليك لما كففت عن الأخوص، فان الله ثقتي، و هو حسبي» [16] .

أجل، و من يكن الله حسبه، فلا غالب له من الناس.

ولكن، من أخبر هذا الامام الكريم بما فعله ابن عمر الخلال، حين اشتري سكينا و جلس أمام المسجد يترصد الأخوص ليقتله عند خروجه؟!.

لا شك في أن الامام عليه السلام قد علم بما قاله الأخوص عن طريق الملك العظيم الذي يرافقه و يطلعه علي كل شاردة و واردة تجري في أقطار الأرض.

و لو لا ذلك لما علم - أيضا - بتصرفات صاحبه ابن الخلال، ولما أسرع الي الكتابة اليه ليردعه عن عزمه، معلنا له أن الله هو حسبه و كافيه من الشر و من أهل الشرور.

و من علمه هذا، ما حكاه عنه الحسن بن موسي - أي ابنه عليه السلام - الذي قال:

«اشتكي عمي محمد بن جعفر - أي أخوه، سلام الله عليه، حتي أشرف علي الموت. فكنا مجتمعين عنده، فدخل أبوالحسن عليه السلام، فقعد في ناحية، و اسحاق عمي عند رأسه يبكي.

فقعد قليلا ثم قام. فتبعته فقلت: جعلت فداك، يلومك اخوتك و أهل بيتك، يقولون: دخلت علي أخيك و هو في الموت، ثم خرجت.

قال: أرأيت هذا الباكي؟. سيموت و يبكي ذاك عليه!.



[ صفحه 242]



فبري ء محمد بن جعفر، و اشتكي اسحاق فمات، و بكي محمد عليه» [17] .

فلا الامام طبيب، و لا حكي رجما بالغيب... بل كان يتكلم عن ثقة و يخبر بشفاء أخيه المريض، و بموت أخيه الباكي بتأكيد؛ لأن معرفة الأعمار و الأقدار و البلاءات من صلب وظيفته السماوية. و هو يحكي عن هذه الأشياء كمن ينظر في كفه و يقرأ شيئا مكتوبا مقررا من عند ربه جل و علا.

و من ذلك أيضا ما قاله بيان بن نافع التفليسي الذي قال:

«خلفت والدي مع الحرم في الموسم - موسم الحج - و قصدت موسي بن جعفر عليه السلام».

فلما أن قربت منه، هممت بالسلام عليه، فأقبل بوجهه علي و قال:

بر حجك يابن نافع، آجرك الله بأبيك، فانه قد قبضه اليه في هذه الساعة، فارجع فخذ في جهازه.

فبقيت متحيرا عند قوله و قد كنت خلفته و ما به علة.

فقال: يابن نافع، أفلا تؤمن؟!.

فرجعت، فاذا أنا بالجواري يلطمن خدودهن.

فقلت: ما وراءكن؟!.

قلن: أبوك فارق الدنيا.

فجئت اليه أسأله عما أخفاه؟

فقال لي: يابن نافع، ان كان في أمنيتك كذا و كذا، أن تسأل عنه، فأنا جنب الله و كلمته الباقية، و حجته البالغة» [18] .



[ صفحه 243]



نعم، و نعم، فان كل امام يكون كلمة الله الباقية في بلاده، و حجته علي عباده، و من لم يقتنع، فانه يكون غير مقتنع بامامة امام مفترض الطاعة بالأساس، فاسأل بذلك علي بن أبي حمزة الذي قال:

«كنت عند أبي الحسن عليه السلام جالسا، اذ أتاه رجل من الري - فارس - يقال له جندب؛ فسلم عليه ثم جلس.

فسأل أباالحسن فأكثر السؤال.

ثم قال له: يا جندب، ما فعل أخوك؟.

فقال: الخير، و هو يقرئك السلام.

فقال له: أعظم الله أجرك في أخيك.

فقال له: ورد الي الكتاب من الكوفة لثلاثة عشر يوم بالسلامة.

فقال له: يا جندب، والله مات بعد كتابه اليك بيومين، و دفع الي امرأته مالا و قال لها: ليكن هذا المال عندك، فاذا قدم أخي فادفعيه اليه. و قد أودعته في الأرض في البيت الذي كان يسكنه. فاذا أنت أتيتها فتلطف لها و أطمعها في نفسك، فانها ستدفعه اليك.

قال علي: و كان جندب رجلا جميلا. فلقيته بعد ما فقد أبوالحسن عليه السلام، فسألته عما كان قال أبوالحسن؟.

فقال: يا علي، صدق والله سيدي، ما زاد و لا نقص لا في الكتاب و لا في المال» [19] .

فكأن امامنا عليه السلام قد حضر كتابة الكتاب، و رافق الرجل حتي توفاه الله بعد الكتابة بيومين؛ ثم كأنه قد قرأ وصيته و سمع ما أسره الي زوجته،



[ صفحه 244]



و شارك الزوجة في دفن المال بأرض البيت، ثم اطلع علي ما في قلب المرأة - الأرملة - من الرغبة في الزواج من جندب بعد موت أخيه، فقال عليه السلام له: أطمعها في نفسك.

ان هذا لشي ء عجاب!. ولكنه حصل حرفا حرفا.

و قال علي بن أبي حمزة أيضا:

«أرسلني أبوالحسن عليه السلام الي رجل قدامه طبق يبيع بفلس فلس، و قال: أعطه هذه الثمانية عشر درهما و قل له:

يقول لك أبوالحسن: انتفع بهذه الدراهم، فانها تكفيك حتي تموت.

فلما أعطيته اياها بكي، فقلت له: و ما يبكيك؟!.

قال: و لم لا أبكي و قد نعيت الي نفسي؟.

فقلت: و ما عندالله خير مما أنت فيه.

فسكت... و قال: من أنت يا عبدالله؟.

فقلت: علي بن أبي حمزة.

قال: والله لهكذا قال لي سيدي و مولاي: اني باعث لك مع علي بن أبي حمزة برسالة.

قال علي: فلبثت نحوا من عشرين ليلة، ثم أتيت اليه و هو مريض، فقلت أوصني بما أحببت أنفذه من مالي.

قال: اذا أنا مت، فزوج ابنتي من رجل دين، ثم بع داري و ادفع ثمنها الي أبي الحسن، و اشهد لي بالغسل، والدفن، والصلاة.

قال: فلما مات زوجت ابنته من رجل مؤمن، و بعت داره و أتيت بثمنها الي أبي الحسن عليه السلام، فزكاه، و ترحم عليه و قال:



[ صفحه 245]



رد هذه الدراهم فادفعها الي ابنته» [20] .

انه عليه السلام قد عرف نهاية عمر الرجل و وعده برسالة يرسلها اليه مع صاحبه علي بن أبي حمزة أولا، ثم حدد له نهاية عمره مع صاحبه المذكور، و بعث اليه بما يكفيه حتي موعد موته، ليجلس في بيته و يرتاح من تعب العمل في السوق.. و كان كل شي ء رهينا بتحديدات الامام عليه السلام بتمام الدقة و الضبط.

و شبيه بذلك القصة التالية التي رواها علي بن أبي حمزة نفسه، فقال:

«أرسلني أبوالحسن عليه السلام الي رجل من بني حنيفة و قال: انك تجده في ميمنة المسجد.

... فدفعت اليه كتابه، فقرأه ثم قال: ائتني يوم كذا و كذا حتي أعطيك جوابه.

فأتيته في اليوم الذي كان وعدني، فأعطاني جواب الكتاب.

ثم لبثت شهرا فأتيته لأسلم عليه فقيل: ان الرجل قد مات.

فلما رجعت من قابل الي مكة، لقيت أباالحسن عليه السلام، و أعطيته جواب كتابه فقال: رحمه الله. فقال: يا علي، لم لم تشهد جنازته؟.

قلت: قد فاتت مني» [21] .

و وصيته سلام الله عليه بأنه يجده في ميمنة المسجد مدهشة!.

فكيف علم موعد وصول رسوله اليه، و أنه يكون في تلك اللحظة في ميمنة المسجد؟!. ثم كيف عرف أنه مات فترحم عليه؟! و كيف عرف أن علي بن أبي حمزة لم يشهد جنازة الرجل؟!. كل ذلك عجيب و غريب.



[ صفحه 246]



و أغرب من القصتين السابقتين ما رواه أبوحمزة حيث قال:

«سمعت أباالحسن عليه السلام يقول: لا والله لا يري أبوجعفر بيت الله أبدا. - و هو يعني الخليفة أباجعفر المنصور -.

فقدمت الكوفة فأخبرت أصحابنا بذلك.

فلم يلبث أن خرج - أي توجه الي الحج-. فلما بلغ الكوفة قال لي أصحابنا في ذلك؟. فقلت: لا والله لا يري بيت الله أبدا.

فلما صار في البستان [22] اجتمعوا الي أيضا و قالوا: بقي بعد هذا شي ء؟.

فقلت: لا والله لا يري بيت الله أبدا.

فلما نزل بئر ميمون [23] أتيت أباالحسن عليه السلام، فوجدته قد سجد و أطال السجود، ثم رفع رأسه الي فقال: اخرج فانظر ما يقول الناس.

فخرجت، فسمعت الواعية علي أبي جعفر.

فرجعت فأخبرته، فقال: الله أكبر، ما كان ليري بيت الله أبدا» [24] .

فيا أيها القاري ء الكريم: (و لا ينبئك مثل خبير (14)) [25] فامامنا الكريم عليه السلام يتكلم عن علم محتوم مسطر علي اللوح المحفوظ، و هو لا ينطق عن هوي، و لا يتكلم الا بما يعلمه بوسائل سفارته السماوية التي تخترق العجائب... و هو امام زمان الذي يطلعه ربه جل و عز علي جميع الأحوال الطارئة في الكرة الأرضية، و علي كل شي ء في حينه.



[ صفحه 247]



ثم نتابع هذا الشريط، فنعرض لقارئنا الكريم صورا أخري عن علم الامام عليه السلام: فمن ذلك ما رواه عيسي المدائني الذي قال:

«خرجت سنة الي مكة فأقمت بها، ثم قلت: أقيم بالمدينة مثلما أقمت في مكة فهو أعظم لثوابي.

فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلي الي جنب دار أبي ذر رضي الله عنه، فأخذت أختلف الي سيدي.

فأصابنا مطر شديد بالمدينة، فأتينا أباالحسن عليه السلام يوما، فسلمنا عليه، و ان السماء تهطل.

فلما دخلت ابتدأني فقال لي: و عليك السلام يا عيسي، ارجع فقد انهدم بيتك علي متاعك.

فانصرفت فاذا البيت قد انهدم علي المتاع؛ فاكتريت قوما يكشفون عن متاعي، فاستخرجته فما ذهب لي شي ء سطل كان لي.

فلما أتيت من الغد مسلما عليه قال: هل فقدت شيئا من متاعك فتدعوالله بالخلف؟.

فقلت: ما فقدت شيئا غير سطل كان لي أتوضأ فيه، فقدته.

فأطرق مليا، ثم رفع رأسه الي فقال لي: قد ظننت أنك أنسيته، فسل جارية رب الدار و قل لها: أنت رفعت السطل فرديه. فانها سترده عليك.

فلما انصرفت أتيت جارية رب الدار فقلت لها: اني أنسيت سطلا في الخلاء، و دخلت فأخذتيه، فرديه أتوضأ به... فردته» [26] .

فهل رأي الامام عليه السلام البيت لما انهدم علي المتاع؟.



[ صفحه 248]



و هل رأي الجارية حين أخذت السطل من الخلاء؟.

نعم، أري ذلك، ولم يقل حدسا و لا تخمينا... و رأي كل شي ء رأي العين، بلا أدني ريب.

و هذا لون آخر من ألوان علم امامنا العظيم عليه السلام، حدث به عثمان بن عيسي فقال:

«قال أبوالحسن عليه السلام لابراهيم بن عبد الحميد، ولقيه سحرا و ابراهيم ذاهب الي قبا، و أبوالحسن داخل الي المدينة، قال: يا ابراهيم!.

قلت: لبيك.

قال: الي أين؟.

قلت: الي قبا.

قال: في أي شي ء.

قلت: انا كنا نشتري في كل سنة هذا التمر، فأردت أن آتي رجلا من الأنصار لأشتري من التمر.

قال: و قد أمنتم الجراد؟.

ثم دخل، و مضيت أنا فأخبرت أباالأعز و قلت: والله لا أشتري العام نخلة.

فما مرت بنا خامسة - أي ليلة خامسة - حتي بعث الله جرادا فأكل عامة ما في النخيل» [27] .



[ صفحه 249]



فمثل هذا الكشف عما في الغيب لا يتيسر الا للأنبياء و أوصيائهم صلوات الله عليهم، ليبرهنوا به علي صدق انتدابهم و انتجابهم كأدلاء علي الدين، و كأمناء لرب العالمين. و هم يتكلمون في هذه المواضيع كمن رأي و من سمع، ليحتجوا بذلك علي صدق الدعوة التي حملوها، و علي خطر الوظيفة التي اضطلعوا بها. والله تعالي يمن عليهم بمثل هذه التجليات ليفتح أنظار الناس عليهم، و يفتح قلوبهم علي كلمة الحق و يتفكروا بقدرة الله تبارك و تعالي عن طريق تلك المواهب العجيبة حين يتحدثون بأشياء تخفي علي الناس و تنكشف اليهم بحقائقها و دقائقها.

و من ذلك أيضا ما حكاه الأصبغ بن موسي الذي قال:

«بعث رجل من أصحابنا الي أبي ابراهيم عليه السلام بمائة دينار، و كانت معي بضاعة لنفسي، و بضاعة له.

فلما دخلت المدينة صببت علي الماء، و غسلت بضاعتي و بضاعة الرجل، و ذررت عليها مسكا.

ثم اني عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة و تسعين دينارا. فأعدت عدها و هي كذلك. فأخذت دينارا آخر لي فغسلته و ذررت عليه المسك، و أعدتها في صرة كما كانت.

و دخلت عليه في الليل فقلت له: جعلت فداك، ان معي شيئا أتقرب به الي الله تعالي.

فقال: هات.

فناولته الصرة.

قال: صبها.



[ صفحه 250]



فصببتها، فنثرها بيده، و أخرج ديناري منها ثم قال: انما بعث الينا وزنا، لا عددا» [28] .

فقد علم الامام عليه السلام بما جري تفصيلا و اجمالا و كأنه أجراه بنفسه فغسل الدينار، و ذر عليه المسلك، و خلطه في التسعة و تسعين دينارا!. ولكن، من دله علي الدينار ذاته فاستخرجه من بين الدنانير؟. و كيف عرف أن الرجل بعث اليه قيمة مائة دينار وزنا، و لم يبعث له مائة دينار عددا... فكر، و احكم... و قل حينئذ ما يمليه عليك ضميرك النقي... و هذا مدهش فعلا اذا حصل من غير الامام، أما من امام الزمان فهو شي ء طبيعي، و لا ينتظر منه العكس مطلقا.

و للامام عليه السلام، فضلا عن هذه الكشوفات، معاجز كانت تظهر في مناسبات كثيرة ليثبت بها أصحابه و مواليه علي الولاء الصحيح. فقد قال اسحاق بن عمار:

«بعث الي علي بن يقطين، و اسماعيل بن أحمد، فقالا لي:

خذ هذه الدنانير فائت بها الكوفة، فالق فلانا و استصحبه فاشتريا راحلتين، وامضيا بالكتب و بما معكما من مال الي موسي بن جعفر عليه السلام.

فسرنا حتي اذا كنا ببطن الرملة، و قد اشترينا علفا و وضعناه بين الراحلتين، و جلسنا نأل. فبينما نحن كذلك اذ طلع علينا موسي بن جعفر علي بغلة له أو بغل، و خلفه شاكري - أي أجير-.

فلما رأيناه و ثبنا له و سلمنا عليه فقال: هاتا ما معكما.



[ صفحه 251]



فأخرجناه و دفعناه اليه، و أخرجنا الكتب و دفعناها اليه.

فأخرج كتبا من كمه فقال: هذه جوابات كتبكم، فانصرفوا في حفظ الله تعالي.

فقلنا: قد فني زادنا، و قد قربنا من المدينة، فلو أذنت لنا فزرنا رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و تزودنا زادا.

فقال: أبقي معكما من زادكما شي ء؟.

فقلنا: نعم.

قال: ائتوني به.

فأخرجناه اليه. فقبضه بيده و قال: هذه بلغتكم الي الكوفة، امضيا في حفظ الله.

فرجعنا و كفانا الزاد الي الكوفة» [29] .

فمن غرائب هذه الحادثة أنه صلوات الله عليه قد كتب جوابات الكتب قبل أن يتسلمها من الرسولين و قبل أن يطلع علي ما فيها - أولا.

و أنه سلام الله عليه قد طلب ما كانا يحملانه اليه من مال، قبل أن يصرحا اليه بشي ء عن المال - ثانيا.

و أنه عليه السلام قبض علي بقية الزاد التي كانت معهما بيده الشريفة ثم باركه و قال: هذه بلغتكم الي الكوفة؛ و كفاهما فعلا - ثالثا.

و هذه الأمور الخارقة للعادة قد صدرت منه فعلا، و كان يصدر ما هو أعجب منها عنه و عن آبائه و أبنائه المعصومين صلوات الله و سلامه عليهم، باذن ربهم الذي خلقهم هكذا بقدرته... و اليك ما هو مثلها:



[ صفحه 252]



فقد حدث شعيب العقرقوني قائلا:

«بعثت مباركا مولاي الي أبي الحسن عليه السلام و معه مائتا دينار، و كتبت معه كتابا. فذكر لي مبارك أنه سأل عن أبي الحسن عليه السلام، فقيل له: قد خرج الي مكة.

فقلت: لأسير بين مكة و المدينة بالليل، و اذا هاتف يهتف بي: يا مبارك مولي شعيب العقرقوفي!

فقلت: من أنت يا عبدالله؟!.

فقال: أنا معتب. يقول لك أبوالحسن: هات الكتاب الذي معك، و واف الذي معك الي مني.

فنزلت من محملي و دفعت اليه الكتاب، و صرت الي مني.

فأدخلت عليه، و صببت الدنانير التي معي قدامه.

فجر بعضها اليه، و دفع بعضها بيده، ثم قال: يا مبارك، ادفع هذه الدنانير الي شعيب و قل له: يقول لك أبوالحسن: ردها الي موضعها الذي أخذتها منه، فان صاحبها يحتاج اليها.

فخرجت من عنده، و قدمت علي سيدي و قلت له: ما قصة هذه الدنانير؟!.

قال: اني طلبت من فاطمة خمسين دينارا لأتم به هذه الدنانير، فامتنعت علي و قالت: أريد أن أشتري بها قراح [30] فلان. فأخذتها منها سرا و لم ألتفت الي كلامها.

ثم دعا شعيب بالميزان، و وزنها، فاذا هي خمسين دينارا!» [31] .



[ صفحه 253]



فهل غير أبي الحسن، الكاظم عليه السلام، يعرف مكان الخادم في الصحراء، و بالليل، و يبعث بخادمه اليه ليناديه و يأخذ منه الكتاب، و يواعده الي مني؟.

ثم هل غيره يعرف دنانير المرأة و يميزها من دنانير شعيب ثم يردها الي صاحبتها، عالما بصاحبتها و أن الدنانير أخذت علي غفلة منها؟.

لا، لا، و لن يدعي القدرة علي ذلك أحد الا اذا كان منتجبا من عند ربه ليقوم بمثل هذه الخوارق.

روي عن علي بن يقطين أنه قال:

«أمر أبوجعفر الدوانيقي - أي الخليفة المنصور - يقطين أن يحفر له بئرا بقصر العبادي. فلم يزل يقطين في حفرها حتي مات أبوجعفر و لم يستنبط الماء منها. و أخبر المهدي بذلك، فقال له: احفر أبدا حتي يستنبط الماء، ولو أنفقت عليها جميع ما في بيت المال.

قال: فوجه يقطين أخاه أباموسي في حفرها. فلم يزل يحفر حتي ثقبوا ثقبا في أسفل الأرض، فخرجت منه الريح. قال: فهالهم ذلك، و أخبروا به أباموسي.

فقال: أنزلوني.

قال: فأنزل، و كان رأس البئر أربعين ذراعا في أربعين ذراع، فأجلس في ظل محمل ودلي في البئر. فلما صار في قعرها نظر الي هول، و سمع دوي الريح في أسفل ذلك!. فأمرهم أن يوسعوا الخرق، فجعلوه شبه الباب العظيم؛ ثم دلي فيه رجلين في شق محمل فقال: ايتوني بخبر هذا ما هو؟!.

قال: فنزلا في شق محمل، فسكتا مليا، ثم حركا الحبل، فأصعدا.



[ صفحه 254]



فقال لهما: ما رأيتما؟.

قالا: أمرا عظيما: رجالا، و نساء، و بيوتا، و آنية و متاعا؛ كله ممسوخ من (حجارة)!. فأما النساء والرجال فعليهم ثيابهم، فمن بين قاعد، و مضطجع، و متكي ء... فلما مسسناهم اذا ثيابهم (تتفشي) شبه ألهباء... و منازل قائمة.

قال: فكتب أبوموسي الي المهدي؛ فكتب المهدي الي المدينة، الي موسي بن جعفر يسأله أن يقدم عليه... فقدم عليه فأخبره. فبكي بكاء شديدا، و قال: يا أميرالمؤمنين، هؤلاء بقية قوم عاد، غضب الله عليهم، فساخت بهم منازلهم!. هؤلاء أصحاب الأحقاف.

قال: فقال المهدي: يا أباالحسن، و ما الأحقاف؟.

قال: الرمل» [32] .

فليت شعري، من أخبر الامام عليه السلام، بأصحاب الأحقاف؟.

و من دله أنهم هم أولاء بالذات؟!. و أن هذا هو موطنهم.

و ما الذي أبكاه سوي خشية الله تبارك و تعالي، و سوي هول تلك الآية التي جعلت الأرض تسيخ بقوم عاد في الأحقاف؟!.

سبحان من يمنح أولياءه علم ما كان و علم ما يكون، ليصبحوا حججه في أرضه.

و رويت الحادثة السابقة علي الشكل التالي:

«حج المهدي، فلما صار في فتق العبادي - اسم مكان - ضج الناس من العطش!. فأمر أن يحفر بئر.



[ صفحه 255]



فلما بلغوا قريبا من القرار، هبت عليهم ريح من البئر، فوقعت الدلاء، و منعت من العمل. فخرجت الفعلة خوفا علي أنفسهم. فأعطي علي بن يقطين لرجلين عطاء كثير ليحفرا.

فنزلا، فأبطا... ثم خرجا مرعوبين، قد ذهبت ألوانهما.

فسألهما عن الخبر، فقالا: انا رأينا آثارا و أثاثا، و رأينا رجالا و نساء، فكلما أومأنا الي شي ء منهم، صار هباء.

فصار المهدي يسأل عن ذلك فلا يعلمون.

فقال موسي بن جعفر عليه السلام: هؤلاء أصحاب الأحقاف؛ غضب الله عليهم فساخت بهم ديارهم و أموالهم» [33] .

فعجبا عجبا من هؤلاء الجبابرة من الحكام، الذين عاصروا الأئمة عليهم السلام، و رأوا معاجزهم و ما يجري علي أيديهم و ألسنتهم، ما يظهر عن علمهم و معرفتهم الخارقة للعادة: ثم يبقون علي عنادهم و كرههم، و التنكيل بهم و بمن شايعهم و بايعهم.

هذا من شدة غضب الله تعالي علي أولئك الحكام المحاربين لله تعالي و لرسوله ولكل ما ينزل من السماء...

«أبوخالد الزبالي، قال:

نزل أبوالحسن عليه السلام منزلنا في يوم شديد البرد، في سنة مجدبة، و نحن لا نقدر علي عود نستوقد به.

فقال: يا أباخالد، ائتنا بحطب نستوقد به.



[ صفحه 256]



قلت: والله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا.

فقال: كلا يا أباخالد، تري هذا الفج - أي الطريق الواسع بين جبلين - خذ فيه فانك تلقي أعرابيا معه حملان حطبا، فاشترهما منه، و لا تماكسه.

فركبت حماري و انطلقت نحو الفج الذي و صفه لي، فاذا أعرابي معه حملان حطبا، فاشتريتهما منه، و أتيت بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذاك.

و أتيته بطرف ما عندنا، فطعم منه ثم قال: يا أباخالد: أنظر خفاف الغلمان و نعالهم فأصلحها حتي نقدم عليك في شهر كذا و كذا.

قال أبوخالد: فكتب تاريخ ذلك اليوم. فركبت حماري يوم الموعود، حتي جئت الي نزق ميل [34] - أي جنبه - و نزلت فيه. فاذا أنا براكب مقبل نحو القطار.

فقصدت اليه، فاذا هو يهتف لي: يا أباخالد!.

فقلت: لبيك، جعلت فداك.

قال: أتراك وفيناك بما وعدناك؟. ثم قال: يا أباخالد، ما فعلت بالقبتين اللتين نزلنا بهما؟.

قلت: جلعت فداك، قد هيأتهما لك.

و انطلقت معه حتي نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما، ثم قال: ما حال خفاف الغلمان و نعالهم؟.

قلت: قد أصلحناها.

فأتيته بها فقال: يا أباخالد، سلني حاجتك.

فقلت: جعلت فداك، أخبرك بما فيه: كنت زيدي المذهب حتي



[ صفحه 257]



قدمت علي و سألتني الحطب، و ذكرت مجيئك في يوم كذا، فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته.

فقال: يا أباخالد، من مات لا يعرف امامه، مات ميتة جاهلية، و حوسب بما عمل في الاسلام». [35] .

فالحمدلله الذي عرفنا بامام زماننا الذي يعرف ما لا يعرفه غيره، بما منحه الله سبحانه من عطايا لا يعطاها الا المنتجبون من خلقه، و نسأله سبحانه أن لا يحاسبنا علي سوء ما نعمله لقصور فهمنا و عجز ادراكنا عن استيعاب ما يهبه الله عزوجل للصفوة من عباده؛ و ان الامام الذي يري الأعرابي - بائع الحطب - من وراء الجبل و خلف الوديان، و يعين موعد رجوعه بالشهر و اليوم مع أنه مأسور، لهو حري بأن يكون اماما هاديا مهديا منصبا من لدن خالقه تبارك و تعالي.

و في كتاب الكافي رويت حادثة الزبالي علي هذا الشكل:

«لما أقدم بأبي الحسن عليه السلام علي المهدي القدمة الأولي، نزل زبالة. فكنت أخدمه - فرآني مغموما فقال لي:

يا أباخالد، ما لي أراك مغموما؟!.

فقلت: كيف لا أغتم و أنت تحمل الي هذا الطاغية، و لا أدري ما يحدث فيك؟!.

فقال لي: ليس علي بأس. اذا كان شهر كذا و كذا، و يوم كذا، فوافني في أول الميل.



[ صفحه 258]



فما كان لي هم الا احصاء الشهور و الأيام، حتي كان ذلك اليوم. فوافيت الميل فما زلت عنده حتي كادت الشمس أن تغيب، و وسوس الشيطان في صدري و تخوفت أن أشك فيما قال.

فيبنا أنا كذلك اذ نظرت الي سواد قد أقبل من ناحية العراق.

فاستقبلتهم، فاذا أبوالحسن عليه السلام أمام القطار علي بغلة، فقال:

ايه أباخالد!.

قلت: لبيك يابن رسول الله.

قلت: لا تشكن، ود الشيطان أنك شككت.

فقلت: الحمدلله الذي خلصك منهم.

فقال: ان لي اليهم عودة، لا أتخلص منهم» [36] .

نعم، لا تشكن يا أباخالد بقول امام يعلم ما لا تعلم. فقد خلصك امامنا عليه السلام من الشك، و أعملك أنه لا خلاص له من الظالمين، فلا تغتم لذلك، و عش منسجما مع عقيدتك كما عاش هذا الامام العظيم منسجما مع واقعه المقدر برضي و طمأنينة.

انك لا تدري يا أباخالد ما يحدث به طاغية العراق... ولكنه - هو - يدري ما يكون، و هو علي موعد مع ما قدر له ربه من الكرامة بأن يكون شهيدا علي يد جبار عنيد... ولو فكرت مليا لعرفت أن الذي دفع بك الي مشتري الحطب في منطقة ليس فيها عود يستوقد به المسافرون، يعرف ما يجري من حوله، بل لا يخفي عليه ما يلج في الأرض و ما يخرج منها، و لا ما يعرج الي السماء، و ما ينزل منها، اذ هكذا رسمه الله تعالي سفيرا له في



[ صفحه 259]



الأرض. و لقد تبينت - يا أباخالد - هذه الحقيقة بنفسك، و تبدلت ضياعك بالهدي، و خلد اسمك في عداد الذين تحلصوا من حبائل الشيطان، علي يد العبد الصالح، سليل النبوة منذ ابراهيم خليل الله عليه السلام.

و روي عبدالله بن ادريس، عن ابن سنان، قال:

«حمل الرشيد في بعض الأيام الي علي بن يقطين ثيابا أكرمه بها، و كان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب.

فأنفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب الي أبي الحسن، موسي بن جعفر عليه السلام، و أنفذ في جملتها تلك الدراعة، و أضاف اليها مالا كان أعده علي رسم له، فيما يحمله اليه من خمس ماله.

فلما وصل ذلك الي أبي الحسن عليه السلام، قبل المال و الثياب، ورد الدراعة علي يد الرسول الي علي بن يقطين، و كتب اليه: احتفظ بها و لا تخرجها من يدك، فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه.

فارتاب علي بن يقطين بردها عليه، و لم يدر ما سبب ذلك، واحتفظ بالدراعة. فلما كان بعد ذلك بأيام، تغير علي بن يقطين علي غلام كان يختص به، فصرفه من خدمته. و كان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين الي أبي الحسن عليه السلام، و يقف علي ما يحمله اليه في كل وقت من مال و ثياب و ألطاف و غير ذلك، فسعي به الي الرشيد و قال له: انه يقول بامامة موسي بن جعفر، و يحمل اليه خمس ماله في كل سنة، و قد حمل اليه الدراعة التي أكرمه بها أميرالمؤمنين في وقت كذا و كذا.

فاستشاط الرشيد من ذلك، و غضب غضبا شديدا، و قال: لأكشفن عن



[ صفحه 260]



هذه القضية، فان كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه!. و أنفذ في الوقت، و طلب علي بن يقطين.

فلما مثل بين يديه قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها؟.

قال: يا أميرالمؤمنين، هي عندي في سفط مختوم فيه طيب، و قد احتفظت بها. و قلما أصبحت الا و فتحت السفط، و نظرت اليها تبركا بها، و قبلتها ورددتها الي موضعها. و كلما أمسيت صنعت مثل ذلك.

قال: أحضرها الساعة.

قال: نعم يا أميرالمؤمنين.

فاستدعي بعض خدمه فقال له: امض الي البيت الفلاني من داري، فخذ مفتاحه من جاريتي، وافتحه وافتح الصندوق الفلاني، فجئني بالسفط الذي فيه بختمه.

فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوما. فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر ختمه و فتحه.

فلما فتح نظر الي الدراعة فيه بحالها مطوية مدفونة بالطيب. فسكن الرشيد من غضبه، ثم قال لعلي بن يقطين: ارددها الي مكانها و انصرف راشدا؛ فلن نصدق عليك بعدها ساعيا، و أمر أن يتبع بجائزة سنية، و تقدم - أي أمر - بضرب الساعي ألف سوط.

فضرب نحو خمسمائة سوط، فمات في ذلك» [37] .

ففكر مليا يا قارئي الكريم بما فعله الامام عليه السلام مع ابن يقطين من رد الدراعة و وصيته بالمحافظة عليها لأنه سيحتاج اليها في موقف ضيق لا



[ صفحه 261]



يخلصه منه الا الدراعة. نعم، فكر، و قدر، و تدبر، لتعرف مبلغ علم الامام عليه السلام بما سيحدث في الآتي من الأيام.

و قال محمد بن الفضل: «اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء، هو من الأصابع الي الكعبين، أم من الكعبين الي الأصابع؟.

فكتب ابن يقطين الي أبي الحسن، موسي عليه السلام:جعلت فداك، ان أصحابنا اختلفوا في مسح الرجلين؛ فان رأيت أن تكتب بخطك ما يكون عملي عليه فعلت ان شاءالله.

فكتب اليه أبوالحسن عليه السلام: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء. والذي آمرك به في ذلك، أن تمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك، و تغسل يديك الي المرفقين ثلاثا، و تمسح رأسك كله، و تمسح ظاهر أذنيك و باطنهما، و تغسل رجليك الي الكعبين ثلاثا، و لا تخالف ذلك الي غيره.

فلما وصل الكتاب الي علي بن يقطين، تعجب مما رسم له فيه مما جميع العصابة علي خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال و أنا ممتثل أمره. فكان يعمل في وضوئه علي هذا الحد، و يخالف ما عليه جميع الشيعة، امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السلام.

و سعي بعلي بن يقطين، و قيل انه رافضي مخالف لك - أي للخليفة -.

فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عندي القول في علي بن يقطين و القرف له - أي الاتهام - بخلافنا و الميل الي الروافض. و لست أري في خدمته لنا تقصيرا، و قد امتحنته مرارا فما ظهرت منه علي ما يقرف به. و أحب أن استبري ء أمر من حيث لا يشعر بذلك فيحترز مني.



[ صفحه 262]



فقيل له: ان الرافضة يا أميرالمؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه، و لا تري غسل الرجلين. فاستمحنه من حيث لا يعلم بالوقوف علي وضوئه.

فقال: أجل،ان هذا الوجه يظهر به أمره.

ثم تركه مدة و ناطه بشي ء من الشغل في الدار حتي دخل وقت الصلاة. و كان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه و صلاته. فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يري علي بن يقطين و لا يراه هو؛ فدعا بالماء للوضوء فتوضأ كما تقدم، و الرشيد ينظر اليه. فلما رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتي أشرف عليه بحيث يراه، ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة. وصلحت حاله عنده.

و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام: ابتداء من الآن، يا علي بن يقطين، توضا كما أمر الله تعالي: اغسل وجهك مرة فريضة، و أخري اسباغا، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كنا نخاف عليه، والسلام» [38] .

و فكر، يا قارئي الكريم، بهذه الحادثة من أولها - حيث علم الامام عليه السلام بما سيكون من سوء ظن الرشيد بابن يقطين، فأفتاه بأن يتوضأ بوضوء الخليفة - الي آخرها - حيث علم الامام سلام الله عليه بما كان من أمر تجسس الرشيد علي وزيره و اطمئنانه الي (صلاح) حاله، فأفتاه بالرجوع الي الوضوء الذي شرعه الله تعالي... فكر بعلم حجة الله تعالي في أرضه، و عظمه اذا أنصفت الحقيقة والحق.



[ صفحه 263]




پاورقي

[1] بصائر الدرجات ج 7 ص 316.

[2] المصدر السابق ص 317.

[3] بصائر الدرجات ج 2 ص 80 - 79.

[4] كشف الغمة ج 3 ص 29-28.

[5] المصدر السابق ص 33.

[6] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 193 -192.

[7] رشيد الهجري من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان قد ألقي اليه علم المنايا و البلايا.

[8] كشف الغمة ج 3 ص 33-32 و المحجة البيضاء ج 4 ص 277 والكافي م 1 ص 484 باختلاف يسير في اللفظ، و هو كذلك في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 287 و هو في بصائر الدرجات ج 6 ص 264 عن سيف بن عميرة، و في ص 265 خبر يشبهه. و هو في اعلام الوري ص 295 باختلاف يسير في اللفظ.

[9] بصائر الدرجات ج 6 ص 265-264.

[10] المصدر السابق.

[11] كشف الغمة ج 3 ص 33 و المحجة البيضاء ج 4 ص 278 - 277.

[12] كشف الغمة ج 3 ص 33.

[13] سورة الحج: 5.

[14] الاختصاص ص 206-205 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 306.

[15] بصائر الدرجات ج 5 ص 247.

[16] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 290-289.

[17] بصائر الدرجات ج 6 ص 264.

[18] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 287.

[19] كشف الغمة ج 3 ص 32-31 و المحجة البيضاء ج 4 ص 277-276.

[20] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 293.

[21] المصدر السابق و نفس الصفحة.

[22] الظاهر أن المراد به بستان بني عامر، قرب الجحفة.

[23] موضع ماء علي طريق مكة، و عند قبر أبي جعفر المنصور.

[24] كشف الغمة ج 3 ص 35.

[25] سورة فاطر: 14.

[26] كشف الغمة ج 3 ص 31 و المحجة البيضاء ج 4 ص 276.

[27] كشف الغمة ج 3 ص 35.

[28] كشف الغمة ج 3 ص 34 و المحجة البيضاء ج 4 ص 278.

[29] كشف الغمة ج 3 ص 40-39.

[30] القراح: يعني الأرض التي لا شجر فيها و لا ماء، ولكنها تصلح للزرع.

[31] مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 294-293.

[32] الاحتجاج ج 2 ص 389-388.

[33] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 311.

[34] الميل هو منار يبني علي أنشاز الأرض كدليل للمسافرين.

[35] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 295-294، و هو في اعلام الوري باختلاف يسير في اللفظ.

[36] الكافي م 1 ص 478-477 و اعلام الوري ص 295.

[37] كشف الغمة ج 3 ص 15-14 و المحجة البيضاء ج 4 ص 274-273 و الارشاد ص 274 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 289 و اعلام الوري ص 293 رواه عن ابن سيار.

[38] كشف الغمة ج 3 ص 15 الي ص 17 والمحجة البيضاء ج 4 ص 274 - 273 و الارشاد ص 276-275 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 289-288 و اعلام الوري ص 294-293.