بازگشت

علمه في التفسير و التأويل


روي اسحاق بن عمار، عن امامنا أبي ابراهيم عليه السلام، قال:

«سألته عن قول الله عزوجل: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له و له أجر كريم (11))؟.

قال: نزلت في صلة الامام» [1] .

و من كان له عقل مفكر فلينظر لنفسه حتي ولو كان هذا من التأويل. و قد قال معمر بن خلاد:

سمعت أباالحسن عليه السلام يقول:(الم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامناوهم لا يفتنون (2)).

ثم قال: ما الفتنة؟.

قلت: جعلت فداك، الذي عندنا الفتنة في الدين.

فقال: يفتنون كما يفتن الذهب. ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب» [2] .



[ صفحه 320]



أي يمحصون و يصفون من شوائب الكفر والضلال عن الحق. ففي انتظار الفرج و ظهور الحق علي يد الامام المنتظر عجل الله تعالي فرجه، فتنة و تمحيص للناس، يعلم فيها من يثبت علي العقيدة ممن هو منها في شك مثلا. فان هذه العقيدة تغربل الناس و لا يثبت عليها الا من امتحن الله قلبه و عصمه عن الزيغ و الانحراف.

و قال يعقوب بن جعفر، و هو أخو الامام عليه السلام:

«كنت مع أبي الحسن عليه السلام بمكة، فقال له رجل:انك لتفسر من كتاب الله ما لم أسمع به؟.

فقال أبوالحسن عليه السلام: علينا نزل قبل الناس، و لنا فسر قبل أن يفسر في الناس، فنحن نعرف حلاله و حرامه، و ناسخه و منسوخه، و سفريه و حضريه، و في أي ليلة نزلت كم من آية، و في من نزلت، و فيما نزلت. فنحن حكماء الله في أرضه، و شهداؤه علي خلقه، و هو قول الله تبارك و تعالي: (ستكتب شهادتهم و يسئلون (19)) [3] و الشهادة لنا، و المسألة للمشهود عليه. فهذا علم ما قد أنهيته اليك، و أديته اليك ما لزمني؛ فان قبلت فاشكر، و ان تركت فان الله علي كل شي ء شهيد» [4] .

اي والله انه لقول فصل صدر من أهله في محله، و لا يتجرأ أن يقوله غير المعصوم من أهل هذا البيت المطهر صلوات الله و سلامه عليهم؛ فهم ورثة الأنبياء، و سادة الأوصياء، و أصفياء الله المنتجبون، قد اختارهم لأمره، وائتمنهم علي وحيه، و انتدبهم لسفارته في خلقه. و قد روي



[ صفحه 321]



عنه عليه السلام قوله في الآية الكريمة: (فاكتبنا مع الشاهدين (53)): نحن هم، نشهد للرسل علي أممها» [5] .

أجل: قد قبلنا هذا القول الكريم و آمنا به، و نحمدالله سبحانه علي ذلك.

قال سليمان بن جعفر الجعفري:

«قلت لأبي الحسن، موسي بن جعفر عليه السلام: يابن رسول الله، ما تقول في القرآن، فقد اختلف فيه من قبلنا، فقال قوم: انه مخلوق، و قال قوم: انه غير مخلوق؟.

فقال عليه السلام: أما اني لا أقول في ذلك ما يقولون، ولكني أقول: انه كلام الله» [6] .

و نحن نري واضحا أنه عليه السلام قد ربط وجود القرآن بوجود الله تبارك و تعالي، ولكنه أشار بلطف خفي الي أنه صادر عنه عز اسمه، أي الي أنه مخلوق و محدث صدر عن الواحد الأحد الذي كان قبل القبل، و يبقي بعد البعد.

و اذا تكلم أئمتنا عليهم السلام في أي موضوع، يضيع الي جانب كلامهم كل كلام، و لا يثبت أمام قولهم قول أحد، لأنهم لا ينطقون الا عن علم عليم. و نحن لا نبالغ اذا جزمنا بأنه لا يتجرأ علي الجزم في هذه المواضيع غيرهم، و لا يتكلم بسداد سواهم، لأنهم هم أهل الذكر، و عندهم علم التنزيل و علم التأويل.



[ صفحه 322]



قال عليه السلام في قوله تعالي:(بلي من كسب سيئة) قال: بغضنا أهل البيت (و أحاطت به خطيئته) قال: من شرك في دمائنا» [7] .

و هذا - فعلا - قليل بحق من يبغضهم أو يشترك في دمائهم. ذلك أن بغضهم أسوأ سيئة لأنه اعتراض علي مواهب الله تعالي لهم و اختصاصهم بمكرمة الولاية علي العباد، و انتقائهم من سائر من برأ و ذرأ، ليكونوا بابه الذي منه يؤتي، و الوسيلة التي بها يناجي.

و قد قال عليه السلام في قوله تعالي: (و اذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم) قال: هم عدونا أهل البيت، اذا سئلوا عنا قالوا ذلك» [8] ذلك أن أعداءهم لا يعيرون سمعهم لقول الحق، و لا يصغون لمن يهديهم الي طريق الرشاد؛ و انه لا يعاديهم مسلم موحد لله تعالي، يؤمن برسوله و بما جاء به عن ربه.

و قال عبدالله بن جندب:

«سألت أباالحسن عليه السلام، عن قول الله عزوجل: (و لقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون (51))؟.

قال: امام الي امام) [9] .

ذلك أن الأرض لا يمكن أن يخليها الله تبارك و تعالي من امام حي يكون حجة علي الخلق، ظاهر مشهور، أو غائب مستور... و نحن نبين للناس و نطلعهم لا لنقنعهم، بل ليكونوا علي علم بما جرت به مشيئة الله عزوعلا.



[ صفحه 323]



«و عن طلحة، عن جعفر، عن أبيه عليه السلام، قال: الأئمة في كتاب الله امامان:

قال الله عزوجل: (و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) [10] لا بأمر الناس. يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم.

قال تعالي: (و جعلناهم أئمة يدعون الي النار) [11] : يقدمون أمرهم علي أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما في الكتاب» [12] .

و أئمتنا المعصومون سلام الله عليهم يهدون بأمر ربهم، و يحكمون بحكم الله تعالي؛. و من سواهم يقدم أمره علي أمر ربه، و يحمل الناس علي النزول علي حكمه ولو خالف الكتاب و رب الأرباب.

«و روي علي بن سويد، عنه عليه السلام، في قول الله عزوجل: (يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله...) [13] .

قال: جنب الله أميرالمؤمنين عليه السلام، و كذلك من كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع الي أن ينتهي الأمر الي آخرهم» [14] .

فهم جنبه عزوجل لكونهم حملة أمره، و حبل الله الممدود بين السماء و الأرض، و ما عرفه سبحانه حق معرفته غيرهم و غير جدهم صلي الله عليه



[ صفحه 324]



و عليهم فانه حجاب الله المتوسط بينه و بين عباده. و من أنكر ذلك عليهم أنكر عليه جل و عز تقديره و تدبيره، و استمع لدواعي حسدهم علي ما أعطاهم الله من فضله، و ما من عليهم من عطائه.

و قال أحمد بن عمر: «سألت أباالحسن عليه السلام: لم سمي أميرالمؤمنين عليه السلام؟.

قال: لأنه يميرهم العلم. أما سمعت في كتاب الله (و نمير أهلنا)» [15] .

و يكفي أنه سلام الله عليه باب مدينة علم رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم.

و بالنسبة لأميرالمؤمنين عليه السلام و عظمته، قال أحمد بن عمر الحلال أيضا:

«سألت أباالحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: (أفمن كان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه) [16] .

فقال: أميرالمؤمنين صلوات الله عليه الشاهد علي رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم علي بينة من ربه» [17] .

و رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم لا يحتاج الي من يشهد له، أنه علي بينة من ربه، ولكن أميرالمؤمنين عليه السلام (شاهد منه) بنص الآية الكريمة، و نفسه نفسه بنص آية المباهلة الكريمة أيضا - كهذه الآية- حيث قال سبحانه: (فمن



[ صفحه 325]



حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا(أي الحسن و الحسين عليه السلام و أبناءكم و نسآءنا (أي فاطمة الزهراء عليهاالسلام) و نسآءكم و أنفسنا (أي علي أميرالمؤمنين عليه السلام) و أنفسكم) [18] .

و روي محمد بن فضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، فقال: سألته عن قول الله عزوجل: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)؟.

قال: يريدون ليطفئوا ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام.

قلت: (والله متم نوره)؟.

قال: والله متم الامامة لقوله عزوجل: (فامنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا) فالنور هو الامام.

قلت: (هو الذي أرسل رسوله بالهدي و دين الحق)؟.

قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصية. و الولاية هي دين الحق.

قلت: (ليظهره علي الدين كله)؟

قال: يظهره علي جميع الأديان عند قيام القائم. يقول الله: (والله متم نوره): ولاية القائم (ولو كره الكافرون (8)) [19] بولاية علي.

قلت: هذا تنزيل؟!.

قال: نعم، ان هذا الحرف تنزيل، و أما غيره فتأويل.

قلت: (ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا).

قال: ان الله تبارك و تعالي سمي من لم يتبع رسولة بولاية وصيه



[ صفحه 326]



منافقين، و جعل من جحد وصيه امامته، كان كمن جحد محمدا، و أنزل بذلك قرآنا، فقال: يا محمد: (اذا جاءك المنافقون - بولاية وصيك - قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين - بولاية علي - لكاذبون (1) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله - و السبيل هو الوصي - انهم سآء كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم أمنوا - برسالتك - ثم كفروا - بولاية وصيك - فطبع علي قلوبهم فهم لا يفقهون (3)).

قلت:ما معني لا يفقهون؟.

قال: يقول: لا يعقلون بنبوتك.

قلت: (واذا قيل لهم تعالوا).

قال: و اذا قيل لهم: ارجعوا الي ولاية علي، يستغفر لكم النبي من ذنوبكم (لووا رءوسهم) قال الله:(و رأيتهم يصدون - عن ولاية علي - و هم مستكبرون (5)) عليه!. ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال: (سوآء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ان الله لا يهدي القوم الفاسقين (6)) [20] يقولون: الظالمين لوصيك.

قلت: (أفمن يمشي مكبا علي وجهه أهدي أمن يمشي سويا علي صراط مستقيم (22)) [21] .

قال: ان الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي علي وجهه، لا يهتدي لأمره، و جعل من تبعه سويا علي صراط مستقيم، و الصراط المستقيم أميرالمؤمنين عليه السلام.

قلت: قوله: (انه لقول رسول كريم(40)).



[ صفحه 327]



قال: يعني جبرائيل، عن الله، في ولاية علي عليه السلام.

قلت: (و ما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون (41))؟.

قال: قالوا ان محمدا كذاب علي ربه و ما أمر الله بهذا في علي، فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: ان ولاية علي (تنزيل من رب العالمين (43) و لو تقول علينا - محمد- بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثم لقطعنا منه الوتين (46))، ثم عطف القول فقال: (و انه - ولاية علي - لتذكرة للمتقين (48) - للعالمين - و انا لنعلم أن منكم مكذبين (49) و انه - و ان عليا - لحسرة علي الكافرين (50) و انه - أي ولايته - لحق اليقين (51) فسبح - يا محمد - باسم ربك العظيم (52)) [22] يقول: اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل.

قلت: قوله: (و أنا لما سمعنا الهدي ءامنا به؟) [23] .

قال: الهدي: الولاية. آمنا بمولانا، فمن آمن بولاية مولاه (فلا يخاف بخسا و لا رهقا (13)) [24] .

قلت: تنزيل؟.

قال: لا، تأويل.

قلت: قوله: (لا أملك لكم ضرا و لا رشدا (21)؟( [25] .

قال: ان رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، دعا الناس الي ولاية علي، فاجتمعت اليه قريش فقالوا: يا محمد، اعفنا من هذا. فقال لهم رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: هذا الي الله، ليس الي. فاتهموه و خرجوا من عنده، فأنزل الله: (قل اني لا أملك لكم



[ صفحه 328]



ضرا و لا رشدا (21) قل اني لن يجيرني من الله - ان عصيته - أحد ولن أجد من دونه ملتحدا (22) الا بلاغا من الله و رسالاته) في علي.

قلت: هذا تنزيل؟.

قال: نعم، ثم قال توكيدا: (و من يعص الله و رسوله - في ولاية علي - فان له نار جهنم خالدين فيها أبدا (23) حتي اذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا و أقل عددا (24)) [26] يعني بذلك القائم و أنصاره - عليه السلام -.

قلت: (و اصبر علي ما يقولون)؟.

قال: يقولون فيك: (واهجرهم هجرا جميلا (10) و ذرني - يا محمد - و المكذبين - بوصيك - أولي النعمة و مهلهم قليلا(11)) [27] .

قلت: هذا تنزيل؟.

قال: نعم.

قلت: (ليستيقن الذين أوتوا الكتاب)؟.

قال: يستيقنون أن الله، و رسوله، و وصيه حق.

قلت:(و يزداد الذين ءامنوا ايمانا)؟.

قال: يزدادون بوصية الامام ايمانا.

قلت: (و لا يرتاب الذين أوتوا الكتاب و المؤمنون)؟.

قال: بولاية علي عليه السلام.

قلت: ما هذا الارتياب؟.



[ صفحه 329]



قال: يعني بذلك أهل الكتاب، والمؤمنين الذين ذكر الله فقال: لا يرتابون في الولاية.

قلت: (و ما هي الا ذكري للبشر (31)) [28] .

قال: نعم، ولاية علي عليه السلام.

قلت: (انها لاحدي الكبر(35)).

قال: الولاية.

قلت: (لمن شآء منكم أن يتقدم أو يتأخر(37)).

قال: من تقدم الي ولايتنا تأخر عن سقر، و من تأخر عنا تقدم الي سقر.

قلت: (الأ أصحاب اليمين (39))؟.

قال: هم والله شيعتنا.

قلت: (لم نك من المصلين (43))؟.

قال: انا لم نتول وصي محمد و الأوصياء من بعده، و لا يصلون عليهم.

قلت:(فما لهم عن التذكرة معرضين (49))؟.

قال: عن الولاية معرضون.

قلت: (كلا انه تذكرة (54)) [29] .

قال: الولاية.



[ صفحه 330]



قلت: (يوفون بالنذر؟).

قال: يوفون لله النذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا.

قلت: (انا نحن نزلنا عليك القرءان تنزيلا(23))؟.

قال: بولاية علي عليه السلام تنزيلا.

قلت: هذا تنزيل؟.

قال: نعم، ذا تأويل.

قلت: (ان هذه تذكرة)؟.

قال: الولاية.

قلت: (يدخل من يشاء في رحمته) [30] .

قال: في ولايتنا، قال: (و الظالمين أعد لهم عذابا أليما(31)): ألا تري أن الله يقول: (و ما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57)) [31] قال: ان الله أعز و أمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه الي ظالم، ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، ثم أنزل بذلك قرآنا علي نبيه فقال: (و ما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (118)) [32] .

قلت: هذا تنزيل؟.

قال: نعم.

قلت: (ويل يومئذ للمكذبين (15)).



[ صفحه 331]



قال: يقول: ويل للمكذبين - يا محمد بما أوصيت اليك من ولاية [علي بن أبي طالب عليه السلام].

قلت: ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17)).

قال: الأولين الذين كذبوا الرسل في طاعة الأوصياء.

قلت: (كذلك نفعل بالمجرمين (18)) [33] .

قال: من أجرم الي آل محمد، و ركب من وصيه ما ركب.

قلت: (ان المتقين...) [34] .

قال: نحن والله و شيعتنا، ليس علي ملة ابراهيم غيرنا. و سائر الناس منها براء.

قلت: (يوم يقوم الروح و الملائكة صفا لا يتكلمون الا من أذن له الرحمن و قال صوابا (38)) [35] .

قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة، و القائلون صوابا.

قلت: ما تقولون اذا تكلمتم؟!.

قال: نمجد ربنا، و نصلي علي نبينا، و نشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا.

قلت:(كلا ان كتاب الفجار لفي سجين (7)) [36] .

قال: هم الذين فجروا في حق الأئمة واعتدوا عليهم.

قلت: (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (17)) [37]



[ صفحه 332]



قال: يعني أميرالمؤمنين.

قلت: تنزيل؟!.

قال: نعم» [38] .

و لا عجب، أن يقول الأئمة عليهم السلام بهذا التنزيل، و بهذا التأويل، فهم ولاة البشر، و أصحاب الأمر و النهي، المنصبون من لدنه تعالي. و لا عجب أيضا أن يغضب الله سبحانه لغضبهم و لغضب كل عبد مؤمن، فانه قد جعل لهم و للمؤمنين حصانة كما تجعل الدولة لموظفيها الحصانة، و هو عزوجل أرأف بالعبد من نفسه و من أمه و أبيه، كتب علي نفسه أن يرحمه مطيعا و عاصيا، و أن يرزقه مؤمنا و كافرا، لئلا يبقي لأحد عليه حجة... و من نازع أئمتنا صلوات الله عليهم في أمرهم شيئا، فكأنما نازع الله تعالي في أمره و عارضه في اختياره.

و عن الحسين بن سعيد، عن أبي الحسن عليه السلام في قوله عزوجل: (يوم يكشف عن ساق...) [39] .

قال: حجاب من نور يكشف، فيقع المؤمنون سجدا، و تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود» [40] .

نعم، والساق التي يكشف عنها ليست ساق الرب الذي جل عن أن يكون له جسم و علا عن أن يتصور و يتوهم، كما قال بعض المجسمة - و العياذ بالله - فانه تعالي لا جسم له و لا أعضاء، ولكنها قد تكون ساقا من



[ صفحه 333]



سيقان العرش و أركانه، اذا كشف لأبصار الناس و ظهر لهم يخرون سجدا كما خر موسي صعقا من هيبة النظر الي ذلك النور الباهر... فلا يذهبن الفكر بذوي الأفهام، و لا ينبغي لأحد أن يتصور للخالق عزوجل صورة و هيئة مطلقا، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا.

قال محمد بن عمير: «سمعت موسي بن جعفر عليه السلام يقول:

«لا يخلد في النار الا أهل الكفر و الجحود، و أهل الضلال و الشرك؛ و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالي: (ان تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما(31)) [41] .

فقلت له: يابن رسول الله، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟.

قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم يقول: انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل.

فقلت له: يابن رسول الله، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر، والله تعالي ذكره يقول: (و لا يشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون (28)) [42] و من يرتكب الكبائر لا يكون مرتضي؟!.

فقال: يا أباأحمد، ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك و ندم عليه، و قد قال النبي صلي الله عليه و اله و سلم: كفي بالندم توبة. و قال عليه السلام: من سرته حسنته، وساءته سيئته، فهو مؤمن. فمن لا يندم علي ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، ولم



[ صفحه 334]



تجب له الشفاعة و كان ظالما، والله تعالي ذكره يقول: (ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع (18)) [43] .

فقلت له: يابن رسول الله، و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم علي ذنب يرتكبه؟!.

فقال: يا أباأحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنه سيعاقب عليها الا ندم علي ما ارتكب؛ و متي ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة.... و متي لم يندم عليها كان مصرا، و المصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب؛ ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم. و قد قال النبي صلي الله عليه و اله و سلم: لا كبيرة مع الاستغفار، و لا صغيرة مع الاصرار. أما قول الله عزوجل: (و لا يشفعون الا لمن ارتضي) فانهم لا يشفعون الا لمن ارتضي الله دينه. و الدين الاقرار بالجزاء علي الحسنات و السيئات. فمن ارتضي الله دينه ندم علي ما ارتكب من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة» [44] .

و في مجال التكلم في القرآن ليس مع قول أئمة أهل البيت عليهم السلام من قول الا عد مماحكة و تضليلا.



[ صفحه 335]




پاورقي

[1] الكافي م 1 ص 537 و الآية الكريمة في سورة الحديد: 11.

[2] المصدر السابق ص 370 و الآية الكريمة في سورة العنكبوت: 2-1.

[3] سورة الأعراف: 19.

[4] بصائر الدرجات ج 4 ص 198.

[5] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 283 و الآية الكريمة في سورة آل عمران: 53.

[6] التوحيد ص 244.

[7] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 283 و الآية الكريمة في سورة البقرة: 81.

[8] المصدر السابق في نفس الصفحة، و الآية الكريمة في سورة النحل: 24.

[9] الكافي م 1 ص 415 و الآية الكريمة في سورة القصص: 51.

[10] سورة الأنبياء: 73.

[11] سورة القصص: 41.

[12] الاختصاص ص 21 و قال: رواه الصفار في بصائر الدرجات الباب 15 من الجزء الأول، والكليني في الكافي م 1 ص 216.

[13] سورة الزمر: 56.

[14] سورة الكافي م 1 ص 145.

[15] الكافي م 1 ص 412 و الآية الكريمة في سورة يوسف: 65.

[16] سورة هود: 17.

[17] الكافي م 1 ص 190.

[18] سورة آل عمران: 61.

[19] سورة الصف: 9-8.

[20] سورة المنافقون: 6-3.

[21] سورة الملك: 22.

[22] سورة الحاقة: 40-الي آخر السورة.

[23] سورة الجن: 13.

[24] سورة الجن: 13.

[25] سورة الجن: 21.

[26] سورة الجن: 24-21.

[27] سورة المزمل: 11 -10.

[28] سورة المدثر: 31.

[29] سورة المدثر: 54-31.

[30] سورة الانسان من 7 الي 31.

[31] سورة البقرة: 57 و سورة الأعراف: 160. و هذه الآية ورد تأويلها في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 284.

[32] سورة النحل: 118.

[33] سورة المرسلات من الآية 15 الي 18.

[34] تابع لما سبق.

[35] سورة النبأ: 38 و هذا الجزء مذكور في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 284.

[36] سورة المطففين: 7.

[37] سورة المطففين: 17 و انظر الرقم السابق.

[38] تجد هذا الحديث بكامله في الكافي م 1 ص 432 الي 435 و في الصفحة 196 أوله فقط.

[39] سورة القلم: 42.

[40] التوحيد ص 154.

[41] سورة النساء: 31.

[42] سورة الأنبياء: 28.

[43] سورة المؤمن: 18.

[44] التوحيد ص 48-47.