بازگشت

تدوين العلوم


وحث الامام الصادق طلابه علي تدوين دروسه و محاظراته التي تناولت اغلب العلوم و الفنون، و ذلك خوفا عليها من الاضطراب و الضياع، و قد أكد الدعوة علي هذه الجهة في غير موطن.

روي أبوبصير قال: دخلت علي أبي عبدالله فقال: «ما يمنعكم من الكتابة؟! انكم لن تحفظوا حتي تكتبوا، انه خرج من عندي رهط من أهل البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها».

و روي أبوبصير قال: سمعت أباعبدالله يقول: «اكتبوا فانكم لا تحفظون حتي تكتبوا».

قال عاصم: «سمعت أبابصير يقول: قال أبوعبدالله الصادق (ع) «اكتبوا فانكم لا تحفظون الا بالكتابة» [1] .

و قد استجاب طلابه الي هذه الدعوة النيرة التي تحمل في اعماقها انارة الفكر الانساني، و اشاعة العلم و بسطه بين الناس، و قد اقبل اصحابه علي تدوين العلوم، فقد الف أبان بن تغلب.

1- كتاب معاني القرآن

2- كتاب القراءات [2] .

3- كتاب الفضائل

4- الاصول في الرواية

5- غريب القرآن



[ صفحه 85]



و ألف محمد بن علي البجلي الكوفي الشهير بمؤمن الطاق ما يلي:

1- كتاب الامامة

2- كتاب المعرفة

3- كتاب اثبات الوصية

4- كتاب الرد علي المعتزلة في امامة المفضول

5- كتاب في أمر طلحة و الزبير و عائشة

6- كتاب افعل، لا تفعل

7- المناظرة مع أبي حنيفة [3] .

و ألف هشام بن الحكم أبومحمد البغدادي في مختلف العلوم و الفنون و ذكر ابن النديم له سبعة عشر مؤلفا نذكرها في ترجمته عند عرض اصحاب الامام موسي (ع).

و ألف المفضل بن عمر كتاب (التوحيد) و هو من أجل الكتب الاسلامية فقد عرض فيه الي خلق الانسان و تكوينه و ما في اعضائه من الاسرار و الغرائب كما عرض فيه الي كثير من البحوث الطبية [4] .

و ألف جابر بن حيان كتابا في علم الكيمياء يقع في الف ورقة تضمنت رسائل الامام التي بلغت خمسمائة رسالة [5] و كانت هذه الرسائل مصدرا خصبا لعلم الكيمياء، و استفاد منها علماء هذا الفن فائدة كبري، و قد أثني علي جابر و اكبر مجهوده جميع رجال العلم من المسلمين و المستشرقين و فيما يلي



[ صفحه 86]



كلمة رائعة للاستاذ عبدالرحمن بدوي أبدي اعجابه و اكباره بشخصية جابر التي هي احدي شموع تلك المدرسة، و هذا نصها:

«لن يستطيع الباحث في تأريخ الفكر الاسلامي أن يجد شخصية أعرب و أخصب من شخصية جابر بن حيان، فهي شخصية أمعنت في الغموض، و اكتنفها السر حتي كادت ان تكون اسطورة، و تسامت في التفكير حتي ليقف المرء اليوم ذاهلا أمام ما تقدمه لنا من نظرات علمية فلسفية كلها عمق و كلها حياة، و أمام هذه الروح العامة التي تسودها روح التنوير و النزعة الانسانية التي تصبو الي اكتناه كل الأسرار، و تشعر بما يشيع فيها من قوي الهية مبدعة فترتفع بالانسان الي مقام الألوهية، و يحدوها الأمل في التقدم المستمر الوثاب للانسانية في تطورها، و شخصية هذا حظها الروحي ستظل حية باستمرار لأنها من النماذج الحية أبدا للانسان السالك سبيله قدما نحو تحقيق (الصورة) العليا علي الأرض، و لن يستطيع البحث العلمي و الفيلولوچي و الحضاري أن يفرغ منها فراغا تاما مهما أنفق من جهد في هذا السبيل بل ستمضي في البعد كلما توغل في الطريق اليها، و سيزداد مقدارها كلما تلمس المرء نواحيها، و نحن اليوم أبعد ما نكون عن ادراكها اجمالا فضلا عن الاحاطة بخطوطها الرئيسية، و تياراتها التوجيهية..» [6] .

و جابر بن حيان من أقطاب جامعة الامام، و من أعلامها النابهين الذين يعدون بحق من المؤسسين للحركة الثقافية في العالم الاسلامي و غيره.

و هناك جمع غفير من نوابع تلاميذ الامام ألفوا في مختلف العلوم كزرارة و أبي بصير و اسماعيل بن أبي خالد و غيرهم، و قد ترجم فقيد الاسلام الشيخ اغا بزرك نضر الله مثواه في «الذريعة» [7] مأتي رجل



[ صفحه 87]



من مصنفي تلامذة الامام الصادق، و كانت تلك المؤلفات الضخمة دائرة معارف واسعة، و أصبحت مصدار للمذهب الشيعي، و دليلا علي مدي ثروته العلمية و الفكرية.


پاورقي

[1] وسائل الشيعة، كتاب الشهادات: الباب الثامن.

[2] فهرست ابن النديم: ص 308.

[3] فهرست ابن النديم: 250، فهرست الشيخ الطوسي: 121.

[4] علق عليه و شرحه شرحا وافيا صديقنا المغفور له الشيخ محمد الخليلي، و قد كشف ما فيه من العلوم و الاسرار و البحوث الطبية التي تتفق مع العلم الحديث و قد اسماه «أمالي الامام الصادق» يقع في جزئين.

[5] الاعلام 1 / 186 الطبعة الأولي، مرآة الجنان 1 / 304.

[6] الالحاد في الاسلام ص 189.

[7] الذريعة 6 / 301 - 374.