بازگشت

مع يحيي بن خالد البرمكي


و وجه يحيي بن خالد سؤالا الي هشام بحضرة هارون الرشيد قائلا له:

- يا هشام، اخبرني عن الحق هل يكون في جهتين مختلفتين؟

- لا.

فاخبرني عن نفسين اختصما في حكم الدين، و تنازعا و اختلفا، هل يخلو من أن يكونا محقين أو مبطلين، أو يكون أحدهما مبطلا و الآخر محقا.

- لا يخلوان من ذلك، و ليس يجوز أن يكونا محقين.

- اخبرني عن علي و العباس لما اختصما الي أبي بكر في الميراث أيهما كان المحق من المبطل؟

فاستولت الحيرة علي هشام و حدث عما أصابه من الذهول بقوله:

«ان قلت، ان عليا كان مبطلا كفرت و خرجت عن مذهبي، و ان قلت ان العباس كان مبطلا ضرب الرشيد عنقي» حقا انها لمشكلة، ولكنه لم يلبث حتي استرجع اليه صوابه و تذكر قول الصادق (ع) - كما يقول -



[ صفحه 348]



«يا هشام، لا زلت مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك» فعلم عند ذلك أنه لا يخذل و حضر له الجواب، فقال له:

لم يكن من أحدهما خطأ و كانا جميعا محقين، و لهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود عليه السلام حيث يقول الله جل اسمه «و هل أتاك نبأ الخصم اذ تسوروا المحراب، الي قوله خصمان بغي بعضنا علي بعض» فأي الملكين كان مخطئا؟ و أيهما كان مصيبا؟ أم تقول» انهما كانا مخطئين فجوابك في ذلك جوابي بعينه».

فقال يحيي: لست أقول: ان الملكين أخطآ، بل أقول انهما أصابا و ذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة و لا اختلفا في الحكم و انما اظهرا ذلك لينبها داود علي الخطيئة و يعرفاه الحكم و يوقفاه عليه.

فقال هشام! كذلك علي و العباس لم يختلفا في الحكم و لا اختصما في الحقيقة، و انما أظهرا الاختلاف و الخصومة لينبها أبابكر علي غلطه و يوقفاه علي خطيئته، و يدلاه علي ظلمه لهما في الميراث، و لم يكونا في ريب من أمرهما، و انما ذلك منهما علي ما كان من الملكين...».

فتحير يحيي و لم يطق جوابا، و استحسن الرشيد هذا البيان الرائع الذي تخلص به هشام [1] .


پاورقي

[1] الفصول المختارة 1 / 24 - 25 و وردت هذه المناظرة باختصار في عيون الأخبار 2 / 15.