بازگشت

انضمام أبي السرايا الي الثورة


و مما زاد في احكام الثورة و خطورتها انضمام القائد المحنك أبي السرايا اليها، و كان علوي الرأي، يكن في نفسه للعلويين أعظم الولاء و الحب، و يتحرق علي ما أصابهم من العنف و الاضطهاد، و يسعي جاهدا الي قلب الحكم العباسي، و اعادته الي العلويين، و نتحدث بايجاز عن شؤون هذا



[ صفحه 400]



القائد الملهم العظيم:

انه السري بن منصور من بني شيبان من ولد هاني بن مسعود، و قيل من بني تميم القاطنين في الجزيرة، أقام مدة من الزمن في شرقي الفرات.. خاض في كثير من الحروب، و مارس عملياتها، اشترك مع القائد يزيد بن مزيد في «أرمينية» لمقاتلة «الخرمية» و لما توفي يزيد و تولي ابنه قيادة الجيش انضم اليه أبوالسرايا، و صار معه الي أن عزل... و التحق بعد ذلك بأحمد بن مزيد، و قد أرسل الأمين أحمد بن مزيد لحرب هرثمة بعد أن أعلن العصيان و التمرد، و قد أوعز اليه أن يجتمع به ليطلع علي شؤونه... و التقي به أحمد فشرح له هرثمة أسباب خروجه، و ما تعانيه الأمة من ظلم العباسيين و جورهم فمال اليه أحمد، و لحق بمعسكره، و قصد بني شيبان الي الجزيرة فاستخرج لهم الأرزاق من هرثمة، فانضم اليه ما يزيد علي ألفي فارس، و بعد مقتل الامين نقص هرثمة من عطايا الجيش و مرتباتهم، فساء ذلك أباالسرايا و عزم علي التخلي عنه، و استأذنه ان يحج فأذن له و أعطاه عشرين ألف درهم فأخذها و فرقها بين أصحابه، و قد استمال بذلك قلوبهم و ملك عواطفهم، و أوصاهم باتباعه الي «عين التمر» فلما انتهوا اليها أخذوا عاملها، و نهبوا امتعته، و لقوا عاملا آخرا لبني العباس فأخذوا أمواله و قسموها بينهم.

و أرسل هرثمة جيشا ليناجز أباالسرايا الحرب، و لما التقي الجيشان انهزم جيش هرثمة، و مني بالخسائر الفادحة، و سار أبوالسرايا قاصدا نحو الأنبار، فلما انتهي اليها استولي علي الادارة المحلية، و قتل عاملها ابراهيم الشروري، و صادر جميع أمواله، و أخذ يواصل الزحف بجيوشه و يبيد عمال بني العباس و عملائهم حتي انتهي الي الرقة، فالتقي بمحمد بن ابراهيم، و صمما علي القضاء علي الحكم العباسي، و اعلان البيعة للرضا من



[ صفحه 401]



آل محمد [1] .

لقد مارس أبوالسرايا الحروب و خاض غمارها، و عرف أساليبها، و قد منح قوة الارادة و العزم و التصميم، و قد أسند له محمد بن ابراهيم القيادة العسكرية العامة، و منحه ثقته، و فوض اليه أمور الثورة، و تخطيطها.


پاورقي

[1] تأريخ ابن خلدون 7 / 243.