بازگشت

انشغاله في العبادة


و أقبل الامام (ع) علي طاعة ربه فكان يقضي أغلب أوقاته في الصلاة و السجود و الابتهال الي الله و التضرع اليه حتي فاق بطاعته جميع الأولياء، و قد بهر الفضل بعبادته فكان يحدث عنها، و نفسه مترعة بالاكبار و التقديس للامام، فقد حدث عبدالله القزويني قال: دخلت علي الفضل بن الربيع و هو جالس علي سطح داره، فقال لي ادن مني، فدنوت منه حتي حاذيته



[ صفحه 470]



فقال لي:

- أشرف علي الدار

فأشرف عبدالله علي الدار، فقال له الفضل:

- ما تري في البيت؟

- أري ثوبا مطروحا.

- أنظر حسنا.

فتأمل عبدالله في نظره، فقال له:

- رجل ساجد.

- هل تعرفه؟

- لا.

- هذا مولاك.

- من مولاي؟!!

- تتجاهل علي؟!!

- ما اتجاهل، ولكن لا أعرف لي مولي.

- هذا أبوالحسن موسي بن جعفر.

و أخذ الفضل يحدث عبدالله عن عبادة الامام وطاعته لله قائلا:

«اني أتفقده الليل و النهار فلم أجده في وقت من الأوقات الا علي الحال التي أخبرك بها انه يصلي الفجر، فيعثب ساعة في دبر صلاته الي أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتي تزول الشمس، و قد وكل من يترصد له الزوال، فلست أدري متي يقول الغلام قد زالت الشمس؟ اذ يثب فيبتدي ء بالصلاة من غير أن يجدد الوضوء، فاعلم انه لم ينم في سجوده ولا أغفي، فلا يزال كذلك الي أن يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلي العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا الي أن تغيب الشمس، فاذا غابت وثب من سجدته



[ صفحه 471]



فصلي المغرب من غير أن يحدث حدثا، و لا يزال في صلاته و تعقيبه الي أن يصلي العتمة فاذا صلي العتمة أفطر علي شوي [1] يؤتي به، ثم يجدد الوضوء، ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة، ثم يقوم، فيجدد الوضوء، ثم يقوم، فلا يزال يصلي في جوف الليل حتي يطلع الفجر فلست أدري متي يقول الغلام ان الفجر قد طلع؟ اذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا دأبه منذ حول الي...».

و لما رأي عبدالله اكبار الفضل للامام (ع) حذره من أن يستجيب لداعي الهوي فينفذ رغبة الرشيد باغتياله، فقال له.

«اتق الله، و لا تحدث في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنه لم يفعل أحد بأحد سوءا الا كانت نعمته زائلة...».

و كان الفضل مؤمنا بذلك فقال له:

«قد أرسلوا الي غير مرة يأمرونني بقتله، فلم اجبهم الي ذلك، و أعلمتهم أني لا أفعل ذلك، و لو قتلوني ما أجبتهم الي ما سألوني..» [2] .

و هكذا كان الامام (ع) من أروع أمثلة التقوي و الايمان بالله، قد طبع حب الله في قلبه و مشاعره، و هامت نفسه بطاعته و عبادته.


پاورقي

[1] شوي: تصغير شواء أي شواء قليل.

[2] عيون الأخبار، البحار.