اتصال للعلماء به
و اتصل جماعة من العلماء و الرواة بالامام (ع) من طريق خفي فانتهلوا من نمير علومه فمنهم موسي بن ابراهيم المروزي، و قد سمح له السندي بذلك لأنه كان معلما لولده، و قد الف ابراهيم كتابا مما سمعه من الامام [1] و قد ذكرنا ذلك عند عرض أصحابه و رواة حديثه.
و اتصل به هند بن الحجاج و غيره من قادة الفكر الاسلامي، كما دخل عليه في غلس الليل أبويوسف و محمد بن الحسن [2] و قد أراد اختباره في
[ صفحه 491]
بعض المسائل المهمة ليطلعا علي مدي علمه و لما استقر بهما المجلس جاء الي الامام بعض الموظفين في السجن فقال له: ان نوبتي قد فرغت و أريد الانصراف، فان كانت لك حاجة فامرني أن آتيك بها غدا، فقال (ع): ليس لي حاجة انصرف، فلما انصرف، التفت (ع) الي أبي يوسف و صاحبه فقال لهما:
«اني لأعجب من هذا الرجل يسألني أن أكلفه حاجة يأتيني بها غدا اذا جاء و هو ميت في هذه الليلة» فأمسكا عن سؤاله، و قاما، و قد استولي عليهما الذهول و جعل كل واحد منهما يقول لصاحبه:
أردنا أن نسأله عن الفرض، و السنة، فأخذ يتكلم معنا في علم الغيب!! و الله لنرسلن خلف الرجل من يبيت علي باب داره لينظر ماذا يكون من أمره؟ و أرسلا في الوقت شخصا فجلس علي باب دار الرجل يراقبه فلما استقر في مكانه سمع الصراخ و العويل قد علا من الدار، فسأل عن الحادث فأخبر بأن الرجل قد توفي، فقام مبادرا و أخبرهما بالأمر، فتعجبا من علم
[ صفحه 492]
الامام (ع) و قد روي هذه القصة الكثيرون من رواة الأثر [3] و هي ان دلت علي شي ء فانما تدل علي علم الامام بالمغيبات، و انكشاف الحجاب له و هذا ما تعتقده الشيعة في الامام، و قد أقامت علي ذلك الأدلة الوافرة.
ان أئمة أهل البيت (ع) قد أخبروا بالملاحم و الامور الغيبية التي تحققت جميعها، و انهم من دون شك ورثة علم النبي (ص) قد ألهمهم الله جميع أنواع العلوم و أطلعهم علي خفايا الأمور.
پاورقي
[1] النجاشي: ص 319.
[2] محمد بن الحسن الشيباني، مولاهم الكوفي الفقيه، ولد بواسط، و نشأ بالكوفة، أخذ الفقه من أبي يوسف ثم من أبي حنيفة، و سمع مالك بن أنس، وأخذ عنه الشافعي و أبوعبيد، و كان فقيها محدثا جاء ذلك في النجوم الزاهرة: 2 / 130، و جاء في انباه الرواة: 2 / 268 أنه توفي سنة 180 ه، وقيل سنة 183، توفي هو و الكسائي في يوم واحد، و دفنهما الرشيد، و قال اليوم دفنت الفقه و النحو و رثاهما اليزيدي بقصيدة جاء فيها:
تصرمت الدنيا فليس خلود
وما قد تري من بهجة سيبيد
سيفنيك ما افني القرون التي مضت
فكن مستعدا فالفناء عتيد
أسيت علي قاضي القضاة محمد
فأذريت دمعي و الفؤاد عميد
و قلت اذا ما الخطب أشكل من لنا
بايضاحه يوما و أنت فقيد
و أوجعني موت الكسائي بعده
و كادت بي الأرض الفضاء تميد.
[3] نور الأبصار: ص 126 - 127، الاتحاف بحب الأشراف: ص 57 - 58، البحار: 11 / 251، و جاء فيه زيادة علي ذلك انهما رجعا الي الامام فقالا له: قد علمنا انك أدركت العلم في الحلال و الحرام فمن اين ادركت امر هذا الرجل الموكل بك انه يموت في هذه الليلة؟ فقال (ع): من الباب الذي علمه رسول الله (ص) علي بن أبي طالب، فلما رد عليهما بذلك بقيا حائرين لا يطيقان الجواب، و كذلك ذكره الأربلي في كشف الغمة: ص 253.