بازگشت

وصيته


و أوصي الامام (ع) ولده الامام الرضا (ع) و عهد اليه بالأمر من بعده و قد أوصاه بوصيتين، و هما يتضمنان ولايته علي صدقاته، و نيابته عنه في شؤونه الخاصة و العامة، و قد أشهد عليهما جماعة من المؤمنين، أما الوصية الأولي فلم اعثر عليها، و اما الثانية فقد ذكرها جماعة من الأعلام، و قبل أن يدلي بها و يسجلها أمر باحضار الشهود و هم كل من ابراهيم بن محمد الجعفري و اسحاق بن محمد الجعفري و اسحاق بن جعفر بن محمد، و جعفر بن صالح، و محمد الجعفري، و يحيي بن الحسين بن زيد، و سعد بن عمران الأنصاري، و محمد بن الحارث الأنصاري، و يزيد بن سليط الأنصاري، و محمد بن جعفر ابن سعد الأسلمي - و هو كاتب وصيته الاولي - فلما حضر هؤلاء شرع (ع) بذكر وصيته، و هذا نصها:

«ان موسي يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و ان الساعة آتية لا ريب فيها، و ان الله يبعث من في القبور و أن البعث من بعد الموت حق، و أن الوعد حق، و أن الحساب حق، و القضاء حق، و ان الوقوف بين يدي الله حق، و أن ما جاء به محمد (ص) حق، و أن ما أنزل به الروح الامين حق، علي ذلك أحيي و عليه أموت، و عليه أبعث انشاء الله، و أشهدهم أن هذه وصيتي بخطي، و قد نسخت



[ صفحه 495]



وصية جدي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع) و وصية محمد بن علي قبل ذلك نسختها حرفا بحرف، و وصية جعفر بن محمد، علي مثل ذلك، و اني قد أوصيت بها الي علي و بني بعده معه ان شاء و آنس منهم رشدا، و أحب أن يقرهم فذاك له، و لا أمر لهم معه، و أوصيت اليه بصدقاتي و أموالي و موالي و صبياني الذين خلفت و ولدي الي ابراهيم و العباس و قاسم و اسماعيل و أحمد و أم أحمد، والي علي أمر نسائي دونهم و ثلث صدقة أبي و ثلثي يضعه حيث يري، و يجعل فيه ما يجعل ذو المال في ماله، فان أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها علي من سميت له و علي غير من سميت فذاك له، و هو أنا في وصيتي في مالي، و في أهلي و ولدي و ان يري أن يقر اخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم، و ان كره فله أن يخرجهم غير مثرب عليه [1] و لا مردود، فان آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذاك له، و ان أراد رجل منهم أن يزوج أخته فليس له أن يزوجها الا باذنه و أمره فانه أعرف بمناكح قومه، و أي سلطان أو أحد من الناس كفه عن شي ء أو حال بينه و بين شي ء مما ذكرت فهو من الله و من رسوله بري ء، والله و رسوله منه براء، و عليه لعنة الله و غضبه و لعنة اللاعنين و الملائكة المقربين و النبيين و المرسلين و جماعة المؤمنين، و ليس لاحد من السلاطين أن يكفه عن شي ء، و ليس لي عنده تبعة، و لا تباعة، و لا لاحد من ولدي و له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فان أقل فهو أعلم و ان أكثر فهو الصادق كذلك، و انما أردت بادخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم، و التشريف لهم، و امهات أولادي من أقامت منهن في منزلها و حجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي، ان رأي ذلك



[ صفحه 496]



و من خرجت منهن الي زوج فليس لها أن ترجع الي محواي [2] الا أن يري علي غير ذلك، و بناتي بمثل ذلك، و لا يزوج بناتي أحد من اخوتهن من أمهاتهن، و لا سلطان و لا عم الا برأيه و مشورته، فان فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله و رسوله، و جاهدوه في ملكه، و هو أعرف بمناكح قومه، فان أراد أن يزوج زوج و ان أراد أن يترك ترك، و قد أوصيتهن بما ذكرت في كتابي هذا، و جعلت الله عزوجل عليهن شهيدا، و هو و أم أحمد شاهدان و ليس لاحد أن يكشف وصيتي، و لا ينشرها، و هو منها علي غير ما ذكرت و سميت، فمن أساء فعليه، و من أحسن فلنفسه، و ما ربك بظلام للعبيد، و صلي الله علي محمد و علي آله، و ليس لأحد من سلطان و لا غيره أن يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الأسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله و غضبه و لعنة اللاعنين، و الملائكة المقربين، و جماعة المرسلين و المؤمنين، و علي من فض كتابي هذا» [3] .

و وقع (ع) الوصية و ختمها و كذلك وقع عليها الشهود السالفة أسماؤهم و قد دلت بوضوح علي أن وصيه و الحجة من بعده ولده الامام الرضا (ع) فقد فوق اليه جميع شؤونه، و الزم أبناءه باتباعه و الانصياع لاوامره كما أمر (ع) أن يكون زواج كريماته بيد الامام الرضا (ع) و تحت مشورته و رأيه فانه أعرف بمناكح قومه من غيره فانهن ودائع رسول الله (ص) و كريماته فينبغي أن لا يتزوجن الا بمؤمن تقي يعرف مكانتهن و يقدر منزلتهن و لا يعرف الكفوء لهن الا ولده الرضا.

و أكبر الظن أنه انما أمر باخفاء وصيته و عدم ذيوعها خوفا علي ولده من السلطة العباسية التي لم تأل جهدا في محاربة الأئمة و ارهاقهم فأراد (ع)



[ صفحه 497]



اخفاءها خوفا علي ولده من نقمتهم و تنكيلهم به.

و ذكر اليعقوبي أن الامام أوصي أن لا تتزوج بناته من بعده فلم تتزوج واحدة منهن الا أم سلمة فانها تزوجت بمصر، تزوجها القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد، فجري في هذا بينه و بين أهله شي ء شديد حتي حلف أنه ما كشف لها كنفا، و انه ما أراد الا أن يحج بها [4] و هذا القول لا يمكن المساعدة عليه بوجه من الوجوه فان وصية الامام (ع) التي ذكرناها لم تنص علي منع بناته من الزواج، و انما جعلت امر ذلك بيد الامام الرضا (ع) و هذا القول من الغرابة بمكان، لم يذكره احد سواه و هو من الموضوعات اذ كيف يمنع الامام بناته من الاقتران الذي حث عليه الاسلام و ندب اليه


پاورقي

[1] مثرب: مأخوذ من التثريب و هو التوبيخ و التعيير.

[2] المحوي: اسم المكان الذي يحوي الشي ء أي يضمه و يجمعه.

[3] اصول الكافي: 1 / 316 - 317، عيون اخبار الرضا، البحار.

[4] تأريخ اليعقوبي: 3 / 146.