بازگشت

توسط يحيي في اطلاقه


و لما انتشرت معاجز الامام و مناقبه تحير هارون من أمره، فكل وسيلة يسلكها للقضاء عليه تبوء بالفشل فاستدعي وزيره يحيي بن خالد فقال له:

«يا أبا علي أما تري ما نحن فيه من هذه العجائب؟ ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيرا تريحنا من غمه».

فأشار عليه بالصواب و أرشده الي الخير فقال له:

«الذي أراه لك يا أميرالمؤمنين أن تمن عليه و تصل رحمه فقد و الله أفسد علينا قلوب شيعتنا».

فاستجاب الرشيد لنصحه و قال له:

انطلق اليه واطلق عنه الحديد و ابلغه عني السلام و قل له: يقول لك



[ صفحه 504]



ابن عمك: انه قد سبق مني فيك يمين اني لا أخليك حتي تقر لي بالاساءة و تسألني العفو عما سلف منك و ليس عليك في اقرارك عار و لا في مسألتك اياي منقصة، و هذا يحيي بن خالد ثقتي و وزيري و صاحب أمري فاسأله بقدر ما أخرج من يميني».

و قد أراد هارون بذلك أن يأخذ من الامام اعترافا بالاساءة و الذنب ليصدر مرسوما ملكيا بالعفو عنه، فيتخذ من ذلك وسيلة الي التشهير به كما انه يكون مبررا له في نفس الوقت علي سجنه له، و لم يخف علي الامام (ع) ذلك فانه لما مثل يحيي عنده و أخبره بمقالة هارون انبري اليه - أولا - فأخبره بما يجري عليه و علي أسرته من زوال النعمة علي يد هارون، و حذره من بطشه، ثم رد - ثانيا - علي مقالة هارون فقال له:

«يا أباعلي، ابلغه عني، يقول لك موسي بن جعفر يأتيك رسولي يوم الجمعة، فيخبرك بما تري - أي بموته - و ستعلم غدا اذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم و المعتدي علي صاحبه؟».

يا لمهزلة الزمن من فقدان المقاييس، و ضياع الحقيقة، أمثل الامام موسي (ع) فريد عصره في تقواه و ورعه يريد أن يلبسه هارون ثوب الاساءة اليه، و يتبرأ من الذنب.

و خرج يحيي و هو لا يبصر طريقه من الألم و الجزع قد احمرت عيناه من البكاء لما رأي الامام (ع) بتلك الحالة، فأخبر هارون بمقالته، فقال مستهزئا و ساخرا:

«ان لم يدع النبوة بعد أيام فما أحسن حالنا؟؟!»

و لم تمض الجمعة حتي التحق الامام بالرفيق الأعلي فكان كما أخبر (ع) [1] .



[ صفحه 505]




پاورقي

[1] البحار: 11 / 301 - 302.