الاسماعيلية
و ذهب هؤلاء الي ان الامام بعد الصادق (ع) هو ولده اسماعيل و انكروا موت اسماعيل في حياة أبيه، و قالوا: لا يموت حتي يملك [1] و قد حارب الامام الصادق (ع) هذه الفكرة في حياته، و لما توفي ولده اسماعيل احضر جماعة من اصحابه و أشهدهم علي موته، و قد ذكرنا حديث ذلك بالتفصيل في الجزء الاول من هذا الكتاب.
و اصرت الاسماعيلية علي جحود موت اسماعيل و ان الامام الصادق (ع) انما كتب محضرا بوفاة ولده اسماعيل، و طلب الاشهاد عليه من قبل الشيعة لأنه شعر بالاخطار التي تهدد حياة ولده الذي نص عليه بالامامة - حسب ما يقولون - و اصبح وليا لعهده، و اوعز اليه بالاستتار، وفور قيام الامام
[ صفحه 203]
الصادق بذلك خرج اسماعيل متخفيا من يثرب، و اتجه الي دمشق، و قد علم المنصور بذلك فكتب الي عامله ان يلقي القبض عليه، و لكن عامله كان اعتنق المذهب الأسماعيلي، فعرض الكتاب علي اسماعيل، فخرج من دمشق و اتجه نحو العراق، و يدعون أنه شوهد بالبصرة عام (151 ه) و انه مر علي مقعد و كان مريضا فشفاه الله باذنه، و قد لبث اسماعيل ينتقل سرا بين اتباعه حتي توفي بالبصرة عام (158 ه) و قد رزق من الاولاد محمد و علي و فاطمة، و قد نص علي امامة ولده الاكبر محمد بحضور نخبة من الدعاة المخلصين [2] .
و لم تؤيد المصادر التأريخية الموثوق بها هذه المزاعم، فقد أجمعت علي وفاته في حياة أبيه حسب ما نقلناه في الجزء الاول من هذا الكتاب.
و قد اعطت الاسماعيلية الامامة مركزا ساميا و مقدسا و غالت في ذلك، يقول ابن هاني ء في مدحه للامام المعز احد أئمة الاسماعيلية:
ما شئت لا ما شاءت الاقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
و كأنما أنت النبي محمد
و كأنما انصارك الانصار
أنت الذي كانت تبشرنا به
في كتبها الاحبار و الاخبار
هذا امام المتقين و من به
قد دوخ الطغيان و الكفار
هذا الذي ترجي النجاة بحبه
و به يحط الاصر و الأوزار
هذا الذي تجدي شفاعته غدا
حقا و تخمد أن تراه النار
و يستمر ابن هاني ء في قصيدته، و هو يضفي بها اسمي النعوت و الالقاب علي المعز لدين الله، و هو يعبر بذلك عن عقيدة الاسماعيلية التي غالت في أئمتهم فأضافت اليهم كثيرا من صفات الله تعالي، و غالي شاعر آخر من شعرائهم في وصف أئمتهم فيقول:
[ صفحه 204]
محبتهم فرض علي الناس واجب
و عصيانهم كفر الي النار موبق
هم العروة الوثقي هم منهج الهدي
هم الغاية القصوي التي ليس تلحق
و لولاهم لم يخلق الله خلقه
و لم يكن في الدنيا ضياء و رونق
هم دوحة الدين التي تثمر الهدي
و باليمن و التقوي تظل و تسبق
تجير من الايام من يستظلها
و تحمي من الموت الجهول و تطلق
و الذي يلاحظ العقيدة الاسماعيلية يراها طافحة بالغلو و الافراط في الحب لأئمتهم، و قد اعتبروا امامهم الحاضر الشاب كريم شاه الحسيني النبراس الكوفي الموجود في كل الوجود، و منجي النفوس من الشقاء الأبدي و قائد العالم الي الحقيقة المثلي،
پاورقي
[1] مقالات الاسلاميين و اختلاف المصلين: ص 98.
[2] تأريخ الدعوة الاسماعيلية: (ص 142 - 143).