بازگشت

دعاء الامام علي موسي بن المهدي (الهادي)


عن علي بن يقطين قال: وقع الخبر الي موسي بن جعفر (ع) و عنده جماعة من أهل بيته، بما عزم عليه موسي بن المهدي في أمره، فقال لأهل بيته بما تشيرون؟ قالوا: نري أن تتباعد عن هذا الرجل، و أن تغيب شخصك منه، فانه لا يؤمن شره، فتبسم أبوالحسن عليه السلام ثم قال:

زعمت سخينة [1] أن ستغلب ربها

فليغلبن مغالب الغلاب



ثم رفع يده الي السماء فقال:

الهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته، و أرهف - لي شبا حده، و داف لي قواتل سمومه، و لم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، و عجزي عن ملمات الحوائج، صرفت ذلك عني بحولك



[ صفحه 78]



و قوتك، لا بحولي و لا بقوتي، فألقيته في الحفير الذي احتفر لي خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد علي ذلك قدر استحقاقك سيدي، اللهم فخذه بعزتك، و أفلل حده عني بقدرتك، و اجعل له شغلا فيما يليه، و عجزا عمن يناويه، اللهم واعدني عليه عدوي حاضرة، تكون من غيظي شفاء، و من حقي عليه وفاء، و صل اللهم دعائي بالاجابة، و انظم شكاتي (شكايتي) بالتغيير، و عرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، و عرفني ما وعدت في اجابة المضطرين، انك ذوالفضل العظيم، و المن الكريم.

قال: ثم تفرق القوم فما اجتمعوا الا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسي بن المهدي [2] .

و في بعض الروايات أنه (ع) رأي النبي صلي الله عليه و آله و سلم في منامه فشكي اليه موسي بن المهدي، فبشره صلي الله عليه و آله و سلم بموته.

فالدعاء آخر وسيلة يلجأ اليها أهل البيت (ع) بعد نفاذ جميع الأساليب التي يمكن من خلالها السيطرة علي العدو و علي الموقف، أو ليونته بالطرق التي يرونها مناسبة.

و من هنا نستكشف أنه ما مر علي الامام (ع) أزمة حرجة كهذه.

فعندما حبس الرشيد الامام (ع) ورد كتاب عيسي بن جعفر للرشيد قائلا: اني وضعت من يسمع منه ما يقوله في دعائه، فما دعا عليك و لا علي، و لا ذكرنا بسوء [3] .

اضافة الي أن الأمر قد تفاقم و اشتد فاستشار أهل بيته ليدلوا بآرائهم، بل في بعض الروايات أنه جمع أصحابه و أهل بيته و استشارهم في أمره، فأشاروا عليه بالابتعاد عنه.

أما أهل البيت (ع) فلم يكن من شيمهم الهروب في البراري، ليفرغوا الساحة للأعداء تتلاعب بأهوائها كما تشاء، بل هذا هو قصد الخلفاء من



[ صفحه 79]



سجنهم و مراقبتهم، ليقيدوا حركاتهم بل ليشلوها ان استطاعوا.

و لما رأي (ع) أن هذا الرأي يتنافي مع الرسالة الاسلامية و هدف الدعوة الي الله، استهزأ بالذين يقاومون و يحاربون خط الله و منهجه، فانهم بذلك يضاهئون الله في سلطانه، فقال مبتسما: زعمت سخينة... و بشر أصحابه بأن أول بريد يأتي من العراق بموت الهادي، فما كان الا أيام قلائل، و الأصحاب تنتظر ذلك بفارغ الصبر، الا و تحققت كرامة الامام (ع) علي يدي شرار خلقه.

و قيل ان موسي الهادي كان قد حبس الامام (ع) ثم أطلقه، لأنه رأي عليا (ع) يقول له: «فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم» [4] .

و المشهور في التاريخ أن الذي حبسه أولا ثم أطلقه لرؤيا علي (ع) و تلاوة هذه الآية هو المهدي لا الهادي. و الظاهر أنه لم يجلبه الي بغداد، بل كانت منيته قبل تحقيق أمنيته.

و يمكن أن يكون الهادي أيضا رأي عليا (ع) في المنام كما رآه أخوه من قبل. ليكون برهانا قبل فوات الأوان.



[ صفحه 83]




پاورقي

[1] سخينة: طعام حار يتخذ من حنطة و سمن، كانت قريش تكثر من أكله فعيروا بذلك. (النهاية ج 351، 2).

[2] الفصول المهمة ص 235، بحارالأنوار ج 48 ص 150، المناقب ج 4 ص 307.

[3] الصواعق لا محرقة ص 204، نورالأبصار ص 150، الفصول المهمة ص 164، كشف الغمة ج 3 ص 25.

[4] نفس المصدر ص 204، البحار ج 48 ص 248.