بازگشت

في سجن السندي


و سجن عليه السلام في المحبس المعروف (بدار المسيب) الواقع قرب باب الكوفة مقيدا ثلاثين رطلا من الحديد بأمر الرشيد مقفولة عليه الأبواب [1] . لا يخرج الا للوضوء.. و قد و كل السندي به مولاه بشار و الذي كان من أشد الناس بغضا لآل أبي طالب و الذي تاب الي الحق لما رآه من كرامات الامام عليه السلام و معجزاته فقدم له بعض الخدمات. [2] .

عن بشار مولي السندي بن شاهك قال: كنت من أشد الناس بغضا لآل أبي طالب فدعاني السندي بن شاهك يوما فقال لي: يا بشار اني أريد أن ائتمنك علي ما ائتمنني عليه هارون قلت: اذن لا أبقي فيه غاية فقال: هذا موسي بن جعفر قد دفعه الي و قد و كلتك بحفظه، فجعله في دار دونه حرمه و وكلني عليه، فكنت أقفل عليه عدة أقفال فاذا مضيت في حاجة و كلت امرأتي بالباب فلا تفارقه حتي أرجع.

قال بشار: فحول الله ما كان في قلبي من البغض حبا قال: فدعاني عليه السلام يوما فقال: يا بشار امض الي سجن القنطرة فادع لي هند بن الحجاج و قل له:



[ صفحه 339]



أبوالحسن يأمرك بالمسير اليه، فانه سينهرك و يصيح عليك ماذا فعل ذلك فقل له: أنا قد قلت لك و أبلغت رسالته، فان شئت فافعل ما أمرني و ان شئت فلا تفعل و اتركه و انصرف، قال: ففعلت ما أمرني و أقفلت الأبواب كما كنت أفعل و أقعدت امرأتي علي الباب و قلت لها: لا تبرحي حتي آتيك، و قصدت الي سجن القنطرة فدخلت الي هند بن الحجاج فقلت: أبوالحسن يأمرك بالمسير اليه، قال: فصاح علي و انتهرني فقلت له: أنا قد أبلغتك و قلت لك فان شئت فافعل و ان شئت فلا تفعل و انصرفت و تركته و جئت الي أبي الحسن عليه السلام فوجدت امرأتي قاعدة علي الباب و الأبواب مغلقة فلم أزل أفتح واحدا واحدا منها حتي انتهيت اليه فوجدته و أعلمته الخبر فقال: نعم جاءني و انصرف، فخرجت الي امرأتي فقلت لها: جاء أحد بعدي فدخل هذا الباب؟ فقالت: لا و الله ما فارقت الباب و لا فتحت الأقفال حتي جئت.

و روي علي بن محمد بن الحسن الأنباري قال: بلغني من جهة أخري أنه لما صار اليه هند بن الحجاج قال له العبد الصالح عليه السلام عند انصرافه ان شئت رجعت الي موضعك و لك الجنة و ان شئت انصرفت الي منزلك فقال: أرجع الي موضعي في السجن (رحمه الله).

ذلك موسي بن جعفر عليه السلام الذي بهر العقول و الأبصار... و تلك أخت السندي الفاسق اذا نظرت للامام عليه السلام أرسلت ما في عينيها من دموع و هي تقول: «خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل» [3] .

و جاء في الكافي عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسي عن مسافر قال: أمر أبوابراهيم عليه السلام حين أخرج به علي الرضا عليه السلام أن ينام علي بابه في كل ليلة ما دام حيا الي أن يأتيه خبره. قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن علي الأرض في الدهليز ثم يأتي بعد العشاء فينام فاذا أصبح انصرف



[ صفحه 340]



الي منزله. قال: فمكث علي هذه الحال أربع سنين، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا و فرش له فلم يأت كما كان يأتي فاستوحش العيال و ذعروا و داخلنا أمر عظيم من ابطائه فلما كان الغد أتي الدار و دخل الي العيال و قصد الي أم أحمد فقال لها: هاتي الذي أودعك أبي فصرخت و لطمت وجهها و شقت جيبها و قالت: مات و الله سيدي، فكفها و قال لها: لا تكلمي بشي ء و لا تظهريه حتي يجي ء الخبر الي الوالي، فأخرجت اليه سفطا و ألفي دينار أو أربعة آلاف دينار فدفعت ذلك أجمع اليه دون غيره و قالت: انه قال لي فيما بيني و بينه - و كانت أثيرة عنده - احتفظي بهذه الوديعة عندك لا تطلعي عليها بيني و بينه - و كانت أثيرة عنده - احتفظي بهذه الوديعة عندك لا تطلعي عليها أحدا حتي أموت فاذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها اليه و اعلمي أني قد مت، و قد جاءتني و الله علامة سيدي، فقبض ذلك منها و أمرهم بالامساك جميعا الي أن ورد الخبر و انصرف فلم يعد بشي ء من البيت كما كان يفعل. فما لبثنا الا أياما يسيرة حتي جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الأيام و تفقدنا الوقت، فاذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن عليه السلام ما فعل من تخلفه عن المبيت و قبضه لما قبض. [4] .

و لقد كانت بعض الأقاليم الاسلامية التي تدين بالامامة ترسل مبعوثيها الي الامام عليه السلام و هو في سجن السندي مزودين بالفتاوي و الرسائل فكان عليه السلام يجيبهم عنها و منهم علي بن سويد..


پاورقي

[1] البحار، ج 11، ص 300.

[2] البحار، ج 11، ص 305.

[3] تاريخ بغداد، ج 13، ص 31.

[4] الكافي، ج1، ص 381.