بازگشت

موقف الرشيد


1 - في «الاختصاص»: عن ابن الوليد، عن أحمد بن ادريس، عن محمد ابن أحمد، عن محمد بن اسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني قال: قال أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام: لما أمر هارون الرشيد بحملي، دخلت عليه، فسلمت، فلم يرد السلام، و رأيته مغضبا، فرمي الي بطومار، فقال: اقرأه. فاذا فيه كلام، قد علم الله عزوجل براءتي منه.

و فيه: أن موسي بن جعفر يجبي اليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بامامته، يدينون الله بذلك، و يزعمون أنه فرض عليهم الي أن يرث الأرض و من عليها، و يزعمون أنه من لم يذهب اليه بالعشر، و لم يصل بامامتهم، و لم يحج باذنهم، و يجاهد بأمرهم، و يحمل الغنيمة اليهم، و يفضل الأئمة علي جميع الخلق، و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله، فهو كافر، حلال ماله و دمه.

و فيه كلام شناعة، مثل المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره و لو بدرهم، و البراءة من الذنب، و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من لم يتبرأ منهم فقد بانت امرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له، لقول الله تبارك و تعالي: (أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) [1] ، يزعمون أنه واد في جهنم و الكتاب



[ صفحه 395]



طويل، و أنا قائم أقرأ و هو ساكت. فرفع رأسه، و قال: اكتفيت بما قرأت، فكلم بحجتك بما قرأته.

قلت: يا أميرالمؤمنين، و الذي بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالنبوة ما حمل الي أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج، لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه و آله في قوله: «لو اهدي الي كراع لقبلت، و لو دعيت الي ذراع لأجبت».

و قد علم أميرالمؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا، و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، و حرمت علينا الصدقة، و عوضنا الله عزوجل عنها الخمس، فاضطررنا الي قبول الهدية، و كل ذلك مما علمه أميرالمؤمنين.

فلما تم كلامي سكت، ثم قلت: ان رأي أميرالمؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه، عن النبي صلي الله عليه و آله؛ فكأنه اغتنمها، فقال: مأذون لك، هاته!

فقلت: حدثني أبي، عن جدي، يرفعه الي النبي صلي الله عليه و آله: «ان الرحم اذا مست رحما تحركت و اضطربت»، فان رأيت أن تناولني يدك، فأشار بيده الي. ثم قال: ادن، فدنوت، فصافحني و جذبني الي نفسه مليا ثم فارقني و قد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسي، فليس عليك بأس، صدقت، و صدق جدك، و صدق النبي صلي الله عليه و آله، لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، و اعلم أنك لحمي و دمي، و أن الذي حدثتني به صحيح، و اني اريد أن أسألك عن مسألة، فان أجبتني أعلم أنك صدقتني، خليت عنك و وصلتك، و لم اصدق ما قيل فيك.

فأجابه الامام عليه السلام عن كل ما سأل بأبلغ جواب. و قد تقدمت أسئلة الرشيد و أجوبة الامام عليه السلام في فصل مناظراته و محاججاته عليه السلام.



[ صفحه 396]



و جاء في آخر الحديث: قال عليه السلام: فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته، فأخبره فخرج، و عرضت عليه.

فقال: أحسنت، هو كلام موجز جامع، فارفع حوائجك يا موسي.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، أول حاجتي اليك أن تأذن لي في الانصراف الي أهلي، فاني تركتهم باكين آيسين من أي يروني أبدا. فقال: مأذون لك، أزدد.

فقلت: يبقي الله أميرالمؤمنين لنا معاشر بني عمه.

فقال: أزدد.

فقلت: علي عيال كثير، و أعيننا بعد الله ممدودة الي فضل أميرالمؤمنين و عادته.

فأمر لي بمائة ألف درهم و كسوة، و حملني، و ردني الي أهلي مكرما [2] .

و هذا الحديث يدل علي أنه عليه السلام قد استدعي أكثر من مرة الي بغداد، و أن الرشيد قد تمادي به الغي الي أن يسجن الامام مرة بعد اخري رغم قناعته ببراءة الامام، و كذب ما انهي اليه عن طريق الوشاة.

2 - و في «عيون أخبار الرضا عليه السلام»: عن أبي أحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه، عن أبيه باسناده رفعه الي موسي بن جعفر عليه السلام قال: لما ادخلت علي الرشيد، سلمت عليه، فرد علي السلام، ثم قال: يا موسي بن جعفر، خليفتان يجبي اليهما الخراج؟!



[ صفحه 397]



فقلت: يا أميرالمؤمنين، اعيذك بالله أن تبوء باثمي و اثمك، و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله بما علم ذلك عندك، فان رأيت بقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله أن تأذن لي احدثك بحديث أخبرني به أبي، عن آبائه، عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله أنه قال:

«ان الرحم اذا مست الرحم تحركت و اضطربت»، فناولني يدك. فقال: ادن، فدنوت منه، فأخذ بيدي، ثم جذبني الي نفسه و عانقني طويلا، ثم تركني، و قال: اجلس يا موسي، فليس عليك بأس.

فنظرت اليه، فاذا أنه قد دمعت عيناه، فرجعت الي نفسي، فقال: صدقت، و صدق جدك صلي الله عليه و آله لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، حتي غلبت علي الرقة، و فاضت عيناي.

و سأله عدة مسائل فأجابه عليه السلام بأجوبة بليغة، أتينا علي ذكرها في مناظراته و محاججاته عليه السلام.

و جاء في آخر الحديث: فقال الرشيد: أحسنت يا موسي، ارفع الينا حوائجك.

فقلت له: أول حاجة أن تأذن لابن عمك أن يرجع الي حرم جده صلي الله عليه و آله و الي عياله. فقال: ننظر ان شاء الله. فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك، فزعم أنه توفي عنده، والله أعلم [3] .



[ صفحه 398]



3 - و قال الرشيد لموسي بن جعفر عليه السلام: اني قاتلك! قال: «لا تفعل، فاني سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: ان العبد يكون واصلا لرحمه و قد بقي من أجله ثلاث سنين فيمدها الله له حتي ثلاثين سنة، و يكون العبد قاطعا لرحمه و قد بقي من أجله ثلاثون سنة فيصيرها الله حتي يجعلها ثلاث سنين» [4] .



[ صفحه 399]




پاورقي

[1] مريم: 59.

[2] الاختصاص: 48. البحار 2: 240، و 48: 1 / 121، و 104: 19 / 337. تحف العقول: 404.

[3] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 9 / 81. البحار 48: 2 / 125. الاحتجاج 2: 161. البحار 8: 3 / 129.

[4] ربيع الأبرار للزمخشري 3: 553. و في طبعة الأعلمي 4: 277.