بازگشت

ابطال قول الناووسية


قال الشيخ المفيد رحمه الله: فأما الناووسية فقد ارتكبت في انكارها وفاة أبي عبدالله عليه السلام ضربا من دفع الضرورة و انكار المشاهدة؛ لأن العلم بوفاته كالعلم بوفاة أبيه من قبله، و لا فرق بين هذه الفرقة و بين الغلاة الدافعين لوفاة أميرالمؤمنين عليه السلام و بين من أنكر مقتل الحسين عليه السلام و دفع ذلك و ادعي أنه كان مشبها للقوم، فكل شي ء جعلوه فصلا بينهم و بين من ذكرناه فهو دليل علي بطلان ما ذهبوا اليه في حياة أبي عبدالله عليه السلام.



[ صفحه 47]



و أما الخبر الذي تعلقوا به، فهو خبر واحد، لا يوجب علما و لا عملا، و لو رواه ألف انسان و ألف ألف لما جاز أن يجعل ظاهره حجة في دفع الضرورات و ارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات، علي أنه يقال لهم: ما أنكرتم أن يكون هذا القول انما صدر عن أبي عبدالله عليه السلام عند توجهه الي العراق ليؤمنهم من موته في تلك الأحوال، و يعرفهم رجوعه اليهم من العراق، و يحذرهم من قبول أقوال المرجفين به المؤدية الي الفساد، و لا يجب أن يكون ذلك مستغرقا لجميع الأزمان، و أن يكون علي العموم في كل حال، و يحتمل أن يكون أشار الي جماعة علم أنهم لا يبقون بعده، و أنه يتأخر عنهم، فقال: من جاءكم من هؤلاء، فقد جاء في بعض الأسانيد، من جاءكم منكم، و في بعضها: من جاءكم من أصحابي، و هذا يقتضي الخصوص.

و له وجه آخر، و هو أنه عني بذلك كل الخلق سوي الامام القائم بعده، لأنه ليس يجوز أن يتولي غسل الامام و تكفينه و دفنه الا الامام القائم مقامه، الا أن تدعو ضرورة الي غير ذلك، فكأنه عليه السلام أنبأهم بأنه لا ضرورة تمنع القائم من بعده عن تولي أمره بنفسه.

و اذا كان الخصوص قد يكون في كتاب الله تعالي مع ظاهر القول للعموم، و جاز أن يخص القرآن و يصرف عن ظواهره علي مذهب أصحاب العموم بالدلائل، فلم جاز الانصراف عن ظاهر قول أبي عبدالله عليه السلام الي معني يلائم الصحيح، و لا يحمل علي وجه يفسد المشاهدات و يسد علي العقلاء باب الضرورات؟ و هذا كاف في هذا الموضع - ان شاء الله تعالي - مع أنه لا بقية للناووسية، و لم تكن أيضا في الأصل كثيرة، و لا عرف منهم رجل مشهور بالعلم، و لا قري ء له كتاب، و انما هي حكاية ان صحت فعن عدد يسير لم يبرز قولهم



[ صفحه 48]



حتي اضمحل و انتقض، و في ذلك كفاية عن الاطالة في نقضه. هذا ما شرحه الشيخ المفيد رحمه الله.