بازگشت

خبر شقيق البلخي و ما عاينه من معجزاته


[2/123]- و منها: قال أبوجعفر: أخبرني أبوالمفضل محمد بن عبدالله، عن علي بن محمد بن علي بن الزبير البلخي [1] ببلخ [2] ، قال: حدثنا حسام بن حاتم الأصم [3] ، قال: حدثني [أبي]، قال: قال لي شقيق - يعني [ابن] ابراهيم البلخي -:



[ صفحه 318]



خرجت حاجا الي بيت الله الحرام سنة 149 ه، فنزلنا القادسية [4] .

قال شقيق: فنظرت الي الناس في القباب و العماريات [5] و الخيم و المضارب و كل انسان منهم قد تزين [6] علي قدره، فقلت: اللهم انهم قد خرجوا اليك فلا تردهم خائبين، فبينما أنا قائم و زمام راحلتي بيدي و أنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس اذ نظرت لي فتي فتي [7] السن، حسن الوجه، شديد السيرة عليه سيماء العبادة و شواهدها، و بين عينيه سجادة [8] ، كأنها كوكب دري، و عليه من فوق ثوبه شملة من الصوف، و في رجله نعل عربي، و هو منفرد في عزلة من الناس [9] .

فقلت [10] في نفسي: هذا الفتي من هؤلاء الصوفية المتوكلة، يريد أن يكون كلا [11] علي الناس في هذا الطريق، و الله لأمضين اليه [و لأوبخنه].



[ صفحه 319]



قال: فدنوت منه، فلما رآني مقبلا نحوه [12] ثم تركني و مضي، فقلت في نفسي: قد تكلم هذا الفتي علي سري و نطق بما في نفسي و سماني باسمي و ما فعل هذا الا هو ولي الله، ألحقه و أسأله أن يجعلني في حل، فأسرعت وراءه فلم ألحقه و غاب عن عيني فلم أره، وارتحلنا حتي نزلنا واقصة [13] فنزلت ناحية من الحاج، و نظرت فاذا صاحبي قائم يصلي علي كثيب رمل، و هو راكع و ساجد و أعضاؤة تضطرب، و دموعه تجري من خشية الله عزوجل.

فقلت: هذا صاحبي لأمضين اليه، ثم لأسألنه أن يجعلني في حل.

فأقبلت نحوه فلما نظر الي مقبلا قال لي:

يا شقيق، (و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدي) [14] .

ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت: هذا رجل من الأبدال و قد تكلم علي سري مرتين ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم علي سري، و رحل الحاج و أنا معهم حتي نزلنا زبالة [15] فاذا أنا بالفتي قائم علي البئر و بيده ركوة يستسقي بها ماء فانقطعت الركوة و وقعت في البئر، فقلت: «صاحبي و الله»!

فرأيته قد رمق السماء بطرفه و هو يقول:



[ صفحه 320]



أنت ربي اذا ظمئت من الماء، و قوتي اذا أردت الطعام، الهي و سيدي مالي سواها [16] [فلا تعدمنيها].

قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر و قد فاض [17] ماؤها حتي جري علي وجه الأرض فمد يده فتناول الركوة و ملأها ماء، ثم توضأ، و أسبغ الوضوء و صلي ركعات.

قال شقيق: ثم مد يده الي كثيب رمل [أبيض فجعل] يقبض [18] بيده من الرمل و يطرحه في الركوة ثم يحركها و يشرب، فقلت في نفسي: أتراه قد يحول [19] الرمل سويقا فدنوت منه، فقلت له: أطعمني - رحمك الله - من فضل ما أنعم الله عليك، فنظر و قال لي:

يا شقيق، لم تزل نعم الله [20] علينا أهل البيت سابغة و أياديه لدينا جميلة، فأحسن ظنك بربك، فانه لا يضيع من أحسن به ظنا، فأخذت الركوة من يده [21] و شربت فاذا سويق و سكر، فوالله ما شربت شيئا قط ألذ منه و لا أطيب رائحة، فشبعت و رويت و أقمت أياما [22] لا أشتهي طعاما و لا شرابا، فدفعت اليه الركوة.

ثم غاب عن عيني فلم أره حتي دخلت مكة، و قضيت حجي، فاذا أنا بالفتي في



[ صفحه 321]



هدأة [23] من الليل، و قد زهرت النجوم و هو الي جانب بيت قبة الشراب [24] راكعا ساجدا لا يريد مع الله سواه، فجعلت أرعاه و أنظر اليه و هو يصلي بخشوع و أنين و بكاء، و يرتل القرآن ترتيلا، و كلما مرت آية فيها وعد و وعيد رددها علي نفسها و دموعه تجري علي خديه، حتي اذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح ربه و يقدسه ثم قام فصلي الغداة و طاف بالبيت أسبوعا [25] و صلي في المقام ركعتين.

ثم قام و خرج من باب المسجد، فخرجت فرأيت له حاشية و موال، و اذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، و اذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم و يسلمون عليه.

فقلت لبعض الناس، أحسبه من مواليه: من هذا الفتي؟

فقال: هذا أبوابراهيم - عالم آل محمد صلي الله عليه و آله - قلت: من أبوابراهيم؟

قال: موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

فقلت: فوالله ما توجد هذه الشواهد الا في هذه الذرية [26] .



[ صفحه 322]




پاورقي

[1] في «أ»: (عن علي بن محمد بن علي عن شقيق البلخي)، و في «و»: (عن الزبير البلخي).

[2] بلخ: مدينة مشهورة بخراسان، و هي من أجل مدن خراسان و أذكرها و أكثرها خيرا، و أوسعها غلة، تحمل غلتها الي جميع خراسان و الي خوارزم (و للمزيد من الاطلاع انظر معجم البلدان 479:1).

[3] في «س» «و» «ه»: (حسام بن حاتم بن الاصم)، و لم نعثر علي ترجمته في كتب التراجم، و أما أبيه حاتم الأصم فهو: الزاهد القدوة الرباني، أبوعبدالرحمن حاتم بن عنوان بن يوسف البلخي الواعظ، روي عن شقيق البلخي و صحبه و...

و روي عنه عبدالله بن سهل الرازي، و أحمد بن خضرويه البلخي.. و آخرون. و توفي سنة سبع و ثلاثين و مائتين (انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 128/484:11).

[4] القادسية: قرية قرب الكوفة من جهة البر بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخا، و بينها و بين العذيب أربعة أميال، و فيها - أي القادسية - كانت الواقعة العظمي بين المسلمين و الفرس.. (انظر مراصد الاطلاع 1054:3).

[5] العماريات: جمع عمارية: الهودج الذي يجلس فيه.

[6] في دلائل الامامة: (تزيا).

[7] في دلائل الامامة: (حدث).

[8] أي أثر السجود في جبهته عليه السلام المباركة.

[9] في «أ» «و»: (في منزلة عن الناس).

[10] في «س» «ه»: (فقلنا).

[11] في «س» «ه»: (اكلا).

[12] في «أ»: (الي نحوه)، و في «س» «و» «ه»: (اليه نحوه).

[13] واقصة: بكسر القاف و الصاد المهملة. موضعان: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة، و قيل: العقبة لبني شهاب من طي ء و يقال لها واقصة الحزون و هي دون زبالة بمرحلتين، و واقصة أيضا ماء لبني كعب، و واقصة أيضا بأرض اليمامة قيل: هي ماء في طرف الكرمة و هي مدفع ذي مرخ (انظر معجم البلدان 5 : 353 - 354).

[14] سورة طه: 82.

[15] زبالة: بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، و هي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة و الثعلبية (انظر معجم البلدان 129:3).

[16] في «أ» «و»: (سواك).

[17] في «أ»: (و قد ارتفع).

[18] في النسخ: (فقبض) و المثبت عن المصادر.

[19] كذا في النسخ، و في بعض المصادر: (تحول) و في الدلائل: (حول).

[20] في «س» «ه» و بعض المصادر: (نعمة الله).

[21] في بعض المصادر: (ثم ناولني الركوة).

[22] في «أ» «و»: (و قمت و أنا).

[23] في النسخ: (هند من) و المثبت عن دلائل الامامة و بعض المصادر، و في البعض الآخر من المصادر: (نصف الليل).

[24] في «أ» «و»: (بيته فيه التراب) بدل من: (بيت قبة الشراب)، و في بعض المصادر: (بيت قبة السراب).

[25] أسبوعا: أي سبع مرات، و في بعض المصادر: (سبعا).

[26] رواه المصنف في دلائل الامامة: 6/317 و عنه في مدينة المعاجز 7/194:6.

و أخرجه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 349 -348 و عنه في ينابيع المودة لذوي القربي 3 : 118 - 119 و كتاب الأربعين للشيرازي: 383 - 382.

و أورده ابن حجر في الصواعق المحرقة: 203 و عنه في مناقب أهل البيت للشيرواني: 276 - 275.

و نقله جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي في صفة الصفوة 185:2.

و أخرجه النصيبي الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 292 - 290 و عنه في كشف الغمة 3 : 3 - 5 و عن كشف الغمة في بحارالأنوار 48 : 80 / 102 و اثبات الهداة 3 : 201 / 95 ، و أضافه في آخره ما لفظه: و لقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت علي ذكر بعضها فقال:



سل شقيق البلخي عنه و ما عا

ين منه و ما الذي كان أبصر



قال لما حججت عاينت شخصا

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر



سائرا وحده و ليس له زاد

فما زلت دائما أتفكر



و توهمت أنه يسأل الناس

و لم أدر أنه الحج الأكبر



ثم عاينته و نحن نزول

دون قيد علي الكثيب الأحمر



يضع الرمل في الاناء و يشربه

فناديته و عقلي محير



فسألت الحجيج من يك هذا

قيل: هذا الامام موسي بن جعفر



و انظر الحديث في الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة عليهم السلام: 233، اسعاف الراغبين: 247، روض الرياحين: 58، المختار في مناقب الأخيار: 34، الحدائق الوردية: 40، وسيلة النجاة: 367، مفتاح النجا: 182 (مخطوط).

و أشارة الي الرواية و نقل بعضها منها مع الشعر ابن شهرآشوب في مناقبه 3 : 419 - 420 ، عن كتاب أمثال الصالحين، و عن المناقب في بحارالأنوار 78:48 و مدينة المعاجز 151/430:6.