بازگشت

(ح) ـ معاشرته مع مخالفيه


الأوّل ـ سيرته عليه السلام مع مخالفيه:

(783) 1 ـ السيّد المرتضي رحمه الله: أخبرنا أبو عبد اللّه المرزبانيّ، قال: حدّثني عبد

الواحد بن محمّد الحُصَيْنيّ، قال: حدّثني أبو عليّ أحمد بن إسماعيل، قال: حدّثني

أيّوب بن الحسين الهاشميّ، قال: قدم علي الرشيد رجل من الأنصار يقال له: نفيع،

وكان عرّيضا[345]، قال: فحضر باب الرشيد يوما ومعه عبد العزيز بن عمر بن عبد

العزيز، وحضر موسي بن جعفر عليهماالسلام علي حمار له، فتلّقاه الحاجب بالبشر والإكرام،

وأعظمه من كان هناك، وعجّل له الإذن، فقال نفيع لعبد العزيز: من هذا الشيخ؟

قال: أوَما تعرفه؟

قال: لا. قال: هذا شيخ آل أبي طالب، هذا موسي بن جعفر.

فقال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن

السرير، أما لئن خرج لأسوأنّه.

فقال له عبد العزيز: لا تفعل، فإنّ هؤلاء أهل بيت قلّ ما تعرّض لهم أحد في

خطاب إلاّ وسموه بالجواب سمة يبقي عارها عليه مدي الدهر.

قال: فخرج موسي بن جعفر عليهماالسلام، فقام إليه نفيع الأنصاريّ، فأخذ بلجام حماره

ثمّ قال له: من أنت؟

قال: يا هذا! إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمّد حبيب اللّه بن إسماعيل ذبيح اللّه

ابن إبراهيم خليل اللّه، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض اللّه علي المسلمين،

وعليك إن كنت منهم الحجّ إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فواللّه ! ما رضي مشركو

قومي مسلمي قومك أكفّاءً لهم حتّي قالوا: يا محمّد! أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش،

وإن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر اللّه تعالي بالصلاة علينا في

الصلوات الفرائض، بقول: «اللّهمّ صلّ علي محمّد وآل محمّد»، ونحن آل محمّد،

خلّ عن الحمار.

قال: فخلّي عنه ويده ترتعد، وانصرف بخزي.

فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك[346].

الثاني ـ ملاطفته عليه السلام مع مخالفيه:

(784) 1 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن

جدّه، عن غير واحد من أصحابه ومشايخه: أنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان

بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسي عليه السلام، ويسبّه إذا رآه، ويشتم عليّا عليه السلام.

فقال له بعض جلسائه يوما: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي

وزجرهم أشدّ الزجر، فسأل عن العمريّ فذكر[347] أنّه يزرع بناحية من نواحي

المدينة، فركب إليه فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمريّ

لا توطّئ زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن عليه السلام بالحمار حتّي وصل إليه، فنزل وجلس عنده

وباسطه وضاحكه، وقال له: كم غرمت في زرعك حسن بن محمّد بن يحيي هذا؟

فقال له: مائة دينار.

قال: وكم ترجو أن تصيب؟

قال: لست أعلم الغيب.

قال له: إنّما قلت لك: ترجو أن يجيئك فيه؟

قال: أرجو أن يجيئني فيه مائتا دينار.

قال: فأخرج أبو الحسن عليه السلام صرّة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك علي

حاله، واللّه يرزقك فيه ما ترجو، قال: فقام العمريّ فقبّل رأسه، وسأله أن يصفح

عن فارطه، فتبسّم إليه أبو الحسن عليه السلام وانصرف.

قال: وراح إلي المسجد فوجد العمريّ جالسا، فلمّا نظر إليه قال: «اللَّهُ أَعْلَمُ

حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُو»[348].

قال: فوثب أصحابه إليه، فقالوا له: ما قصّتك قد كنت تقول غير هذا؟

قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن عليه السلامفخاصموه

وخاصمهم، فلمّا رجع أبو الحسن عليه السلام إلي داره، قال لجلسائه الذين سألوه في قتل

العمريّ: أيّما كان خيرا ما أردتم أو ما أردت؟ إنّني أصلحت أمره بالمقدار الذي

عرفتم، وكفيت به شرّه[349].

الثالث ـ معاشرته عليه السلام مع من يستهزء به:

(785) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عليّ بن إبراهيم أو غيره، رفعه، قال:

خرج عبد الصمد بن عليّ ومعه جماعة، فبصر بأبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام

مقبلاً راكبا بغلاً، فقال لمن معه: مكانكم حتّي أضحككم من موسي بن جعفر، فلمّا

دني منه، قال له: ما هذه الدابّة التي لا تدرك عليها الثأر، ولا تصلح عند النزال؟

فقال له أبو الحسن عليه السلام: تطأطأت عن سموّ الخيل، و تجاوزت قموء العير[350]، وخير

الأمور أوسطها، فأفحم عبد الصمد، فما أحار جوابا[351].

الرابع ـ تلطّفه عليه السلام مع من يريد قتله:

1 ـ الطريحيّ رحمه الله: روي أنّ الرشيد لمّا أراد أن يقتل الإمام موسي بن

جعفر عليهماالسلام أعرض قتله علي سائر جنده وفرسانه، فلم يقتله أحد منهم، فأرسل إلي

عمّاله في بلاد الإفرنج، يقول لهم: التمسوا إليّ قوما لا يعرفون اللّه ولا يعرفون رسول

اللّه، فإنّي أريد أستعين بهم علي مهمّ.

قال: فأرسلوا إليه قوما، لا يعرفون من شرائط الإسلام كلمة واحدة ... وأنزلهم

في دار الكرامة، وحمل لهم الهدايا والتحف والخلع الثمينة ... .

فقال لوزيره: قل لهم: إنّ الملك له عدوّ في هذا البيت جالس ـ يعني موسي بن

جعفر عليهماالسلام ـ، فادخلوا إليه واقتلوه، ولكم الجائزة العظمي، فقالوا: سمعا وطاعة،

وهذا أمر هيّن علينا، فإن أردتم قطّعناه قطعا، وأكلنا لحمه.

قال: فقاموا جميعا بأسلحتهم، كأنّهم السباع الضارية، ودخلوا علي الإمام موسي

ابن جعفر عليهماالسلام، والرشيد ينظر إليهم من طاقة حجرته، ويبصر ما ذا يفعلون.

قال: فلمّا رأوه رموا أسلحتهم، وارتعدت فرائصهم، وخرّوا سجّدا يبكون رحمة

له.

قال: فجعل الإمام عليه السلام يمرّ يده الشريفة علي رؤوسهم، وهم يبكون، ومع ذلك

يخاطبهم بلحنهم ولغتهم ... [352].

الخامس ـ نهيه عليه السلام عن قتل مخالفيه:

1 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه،

عن غير واحد من أصحابه ومشايخه: أنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان

بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسي عليه السلام، ويسبّه إذا رآه، ويشتم عليّا عليه السلام.

فقال له بعض جلسائه يوما: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي

وزجرهم أشدّ الزجر ... [353].

پاورقي

[345] في بعض المصادر: عرّيفا.

[346] الأمالي: 1/198، س 24. عنه أعيان الشيعة: 4/8، س 34.

وعنه وعن أعلام الدين، البحار: 48/143، ح 19.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/316، س 3، بتفاوت يسير.

إعلام الوري: 2/28 س 5، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: 6/350، ح 2044.

أعلام الدين: 305، س 18 بتفاوت يسير. عنه البحار: 75/333، س 19 ضمن ح 9.

دلائل الإمامة: 319، ح 264، وفيه: حدّثني القاضي أبو الفرج المعافي، قال: حدّثنا أحمد بن

إسماعيل الكاتب، قال: ... بتفاوت يسير.

عنه مدينة المعاجز: 6/351، ح 2045.

نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 125، ح 22.

قطعة منه في مركبه عليه السلام، و(إنّ اللّه فرض عليهم عليهم السلام الصلاة في كلّ الصلوات).

[347] في إعلام الوري: «فقيل»، بدل «فذكر».

[348] الأنعام: 6/124.

[349] الإرشاد: 297، س 1. عنه حلية الأبرار: 4/289، ح 2.

إعلام الوري: 2/26، س 2، بتفاوت يسير. عنه وعن الإرشاد، البحار: 48/102، ح 7.

دلائل الإمامة: 311، س 2، أورده مرسلاً، وبتفاوت.

عنه وعن الإعلام والإرشاد، مدينة المعاجز: 6/192، ح 1936.

مقاتل الطالبيّين: 413، س 16، بتفاوت يسير.

كشف الغمّة: 2/228، س 17، نحو ما في الدلائل.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/319، س 14، مرسلاً، باختصار.

تاريخ بغداد: 13/28، س 10، بتفاوت. عنه إحقاق الحقّ: 12/301، س 13، باختصار،

و302، س 2، وأعيان الشيعة: 2/7، س 12.

سير أعلام النبلاء: 271، س 14، نحو ما في تاريخ بغداد.

قطعة منه في نهيه عليه السلام عن قتل مخالفيه.

[350] قمَأت الماشيةُ قُموءا: سمنت. وقَمُؤَ الرجل وغيره: صغر وذلّ في الأعين. المعجم الوسيط: 757. العَيْر: الحمار، المصدر: 639.

[351] الكافي: 6/540، ح 18. عنه البحار: 48/154، ح 26، و61/196، ح 41، ووسائل

الشيعة: 11/473، ح 15291.

قطعة منه في ركوبه عليه السلام الدابّة .



[352] المنتخب: 178، س 7.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 809.

[353] الإرشاد: 297، س 1.

تقدّم الحديث بتمامه في رقم 783.