بازگشت

(د) ـ ما رواه عن الإمام الحسين بن عليّ عليهم السلام


(3798) 1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا عليّ بن أحمد الدقّاق رحمه الله، قال: حدّثنا

محمّد بن هارون الصوفيّ، عن عبيد اللّه بن موسي الزويانيّ، عن عبد العظيم بن عبد

اللّه الحسنيّ، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، قال: سمعت موسي بن جعفر عليهماالسلام يقول:

حدّثني أبي، عن أبيه، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيّد الشهداء الحسين

بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: مرّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام برجل

يتكلّم بفضول الكلام، فوقف عليه، ثمّ قال: إنّك تملي علي حافظيك كتابا إلي ربّك،

فتكلّم بما يعنيك، ودع ما لا يعنيك[464].

(3799) 2 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن المقرئ

الحاكم، قال: حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقرئ الجرجانيّ، قال: حدّثنا أبو بكر

محمّد بن الحسن الموصليّ ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفيّ، قال: حدّثنا

أبو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولي زيد بن عليّ، قال: أخبرني

أبي، يزيد بن الحسن، قال: حدّثني موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه

محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام،

قال: جاء يهوديّ إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلموعنده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام،

فقال له: ما الفائدة في حروف الهجاء؟

فقال رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم لعليّ عليه السلام: أجبه، وقال: «اللّهمّ وفّقه وسدّده»، فقال

عليّ بن أبي طالب عليه السلام: ما من حرف إلاّ وهو اسم من أسماء اللّه عزّ وجلّ، ثمّ قال:

أمّا الألف فاللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم.

وأمّا الباء فالباقي بعد فناء خلقه.

وأمّا التاء فالتوّاب يقبل التوبة عن عباده.

وأمّا الثاء فالثابت الكائن «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي

الْحَيَوةِ الدُّنْيَا»[465] - الآية ـ.

وأمّا الجيم فجلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه.

وأمّا الحاء فحقّ حيّ حليم.

وأمّا الخاء فخبير بما يعمل العباد.

وأمّا الدال فديّان يوم الدين.

وأمّا الذال فذو الجلال والإكرام.

وأمّا الراء فرؤوف بعباده.

وأمّا الزاي فزين المعبودين.

وأمّا السين فالسميع البصير.

وأمّا الشين فالشاكر لعباده المؤمنين.

وأمّا الصاد فصادق في وعده ووعيده.

وأمّا الضاد فالضارّ النافع.

وأمّا الطاء فالطاهر المطهّر.

وأمّا الظاء فالظاهر المظهر لآياته.

وأمّا العين فعالم بعباده.

وأمّا الغين فغياث المستغيثين من جميع خلقه.

وأمّا الفاء ففالق الحبّ والنوي.

وأمّا القاف فقادر علي جميع خلقه.

وأمّا الكاف فالكافي الذي لم يكن له كفوا أحد، ولم يلد ولم يولد.

وأمّا اللام فلطيف بعباده.

وأمّا الميم فمالك الملك.

وأمّا النون فنور السماوات من نور عرشه.

وأمّا الواو فواحد أحد صمد لم يلد ولم يولد.

وأمّا الهاء فهاد لخلقه.

وأمّا اللام فلا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له.

وأمّا الياء فيد اللّه باسطة علي خلقه.

فقال رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم: هذا هو القول الذي رضي اللّه عزّ وجلّ لنفسه من جميع

خلقه، فأسلم اليهوديّ[466].

(3800) 3 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزيّ

الحاكم المقرئ، قال: حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقرئ الجرجانيّ، قال: حدّثنا

أبو بكر محمّد بن الحسن الموصليّ ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفيّ، قال:

حدّثنا أبو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولي زيد بن عليّ، قال:

أخبرني أبي، يزيد بن الحسن، قال: حدّثني موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد،

عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي

طالب عليهم السلام، قال: كنّا جلوسا في المسجد إذا صعد[467] المؤذّن المنارة، فقال: اللّه أكبر

اللّه أكبر، فبكي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وبكينا ببكائه، فلمّا فرغ

المؤذّن، قال: أ تدرون ما يقول المؤذّن؟

قلنا: اللّه ورسوله ووصيّه أعلم، فقال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلاً

ولبكيتم كثيرا، فلقوله: «اللّه أكبر» معان كثيرة: منها أنّ قول المؤذّن: «اللّه أكبر» يقع

علي قدمه وأزليّته وأبديّته وعلمه وقوّته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده وعطائه

وكبريائه، فإذا قال المؤذّن «اللّه أكبر» فإنّه يقول: اللّه الذي له الخلق والأمر،

وبمشيّته كان الخلق، ومنه كان كلّ شيء للخلق، وإليه يرجع الخلق، وهو الأوّل قبل

كلّ شيء لم يزل، والآخر بعد كلّ شيء لا يزال، والظاهر فوق كلّ شيء لا يدرك،

والباطن دون كلّ شيء لا يحدّ، فهو الباقي وكلّ شيء دونه فان.

والمعني الثاني «اللّه أكبر» أي العليم الخبير علم ما كان وما يكون قبل أن يكون.

والثالث «اللّه أكبر» أي القادر علي كلّ شيء، يقدر علي ما يشاء، القويّ لقدرته،

المقتدر علي خلقه، القويّ لذاته، قدرته قائمة علي الأشياء كلّها، إذا قضي أمرا فإنّما

يقول له كن فيكون.

والرابع: «اللّه أكبر» علي معني حلمه وكرمه يحلم كأنّه لا يعلم، ويصفح كأنّه لا

يري، ويستر كأنّه لا يعصي، لا يعجل بالعقوبة كرما وصفحا وحلما.

والوجه الآخر في معني «اللّه أكبر» أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال.

والوجه الآخر «اللّه أكبر» فيه نفي كيفيّته كأنّه يقول: اللّه أجلّ من أن يدرك

الواصفون قدر صفته التي هو موصوف بها، وإنّما يصفه الواصفون علي قدرهم، لا

علي قدر عظمته وجلاله، تعالي اللّه عن أن يدرك الواصفون صفته علوّا كبيرا.

والوجه الآخر «اللّه أكبر» كأنّه يقول: اللّه أعلي وأجلّ وهو الغنيّ عن عباده، لا

حاجة به إلي أعمال خلقه.

وأمّا قوله: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه» فإعلام بأنّ الشهادة لا تجوز إلاّ بمعرفة من

القلب، كأنّه يقول: إعلم أنّه لا معبود إلاّ اللّه عزّ وجلّ، وأنّ كلّ معبود باطل سوي

اللّه عزّ وجلّ، وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنّه لا

ملجأ من اللّه إلاّ إليه، ولا منجي من شرّ كلّ ذي شرّ، وفتنة كلّ ذي فتنة إلاّ باللّه.

وفي المرّة الثانية «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه» معناه أشهد أن لا هادي إلاّ اللّه، ولا

دليل لي إلاّ اللّه، وأشهد اللّه بأنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد سكّان السماوات

وسكّان الأرضين، وما فيهنّ من الملائكة والناس أجمعين، وما فيهنّ من الجبال

والأشجار والدوابّ والوحوش وكلّ رطب ويابس بأنّي أشهد أن لا خالق إلاّ اللّه،

ولا رازق ولا معبود ولا ضارّ ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا

دافع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدّم ولا مؤخّر إلاّ اللّه، له الخلق والأمر،

وبيده الخير كلّه، تبارك اللّه ربّ العالمين.

وأمّا قوله: «أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه» يقول: أشهد اللّه أنّي أشهد أن لا إله إلاّ

هو، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ونبيّه وصفيّه ونجيّه، أرسله إلي كافّة الناس أجمعين

بالهدي ودين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه ولو كره المشركون، وأشهد من في

السماوات والأرض من النبيّين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أنّي أشهد أنّ

محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم سيّد الأوّلين والآخرين.

وفي المرّة الثانية «أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه» يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد إلي

أحد إلاّ إلي اللّه الواحد القهّار مفتقرة إليه سبحانه، وأنّه الغنيّ عن عباده والخلائق

أجمعين، وأنّه أرسل محمّدا إلي الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلي اللّه بإذنه وسراجا

منيرا، فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله اللّه عزّ وجلّ نار جهنّم خالدا مخلّدا لا

ينفكّ عنها أبدا.

وأمّا قوله: «حيّ علي الصلاة» أي هلمّوا إلي خير أعمالكم ودعوة ربّكم،

وسارعوا إلي مغفرة من ربّكم، وإطفاء ناركم التي أوقدتموها علي ظهوركم، وفكاك

رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ليكفّر اللّه عنكم سيّئاتكم، ويغفر لكم ذنوبكم،

ويبدّل سيّئاتكم حسنات، فإنّه ملك كريم ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر

المسلمين بالدخول في خدمته، والتقدّم إلي بين يديه.

وفي المرّة الثانية «حيّ علي الصلاة» أي قوموا إلي مناجاة ربّكم، وعرض

حاجاتكم علي ربّكم، وتوسّلوا إليه بكلامه، وتشفّعوا به، وأكثروا الذكر والقنوت

والركوع والسجود والخضوع والخشوع، وارفعوا إليه حوائجكم، فقد أذن لنا في

ذلك.

وأمّا قوله: «حيّ علي الفلاح» فإنّه يقول: أقبلوا إلي بقاء لا فناء معه ونجاة لا

هلاك معها، وتعالوا إلي حياة لا موت معها، وإلي نعيم لا نفاد له، وإلي ملك لا زوال

عنه، وإلي سرور لا حزن معه، وإلي أنس لا وحشة معه، وإلي نور لا ظلمة معه، وإلي

سعة لا ضيق معها، وإلي بهجة لا انقطاع لها، وإلي غني لا فاقة معه، وإلي صحّة لا

سقم معها، وإلي عزّ لا ذلّ معه، وإلي قوّة لا ضعف معها، وإلي كرامة يا لها من كرامة،

وعجّلوا إلي سرور الدنيا والعقبي ونجاة الآخرة والأولي.

وفي المرّة الثانية «حي علي الفلاح » فإنّه يقول: سابقوا إلي ما دعوتكم إليه، وإلي

جزيل الكرامة، وعظيم المنّة، وسنيّ النعمة، والفوز العظيم، ونعيم الأبد في جوار

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

وأمّا قوله: «اللّه أكبر» فإنّه يقول: اللّه أعلي وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ما

عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه وأطاع ولاة أمره، وعرفه وعبده واشتغل به

وبذكره وأحبّه وأنس به واطمأنّ إليه ووثق به وخافه ورجاه واشتاق إليه ووافقه في

حكمه وقضائه ورضي به.

وفي المرّة الثانية «اللّه أكبر» فإنّه يقول: اللّه أكبر وأعلي وأجلّ من أن يعلم أحد

مبلغ كرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه، ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته لمن أجابه

وأجاب رسوله، ومبلغ عذابه ونكاله وهوانه لمن أنكره وجحده.

وأمّا قوله: «لا إله إلاّ اللّه» معناه: للّه الحجّة البالغة عليهم بالرسل والرسالة

والبيان والدعوة وهو أجلّ من أن يكون لأحد منهم عليه حجّة، فمن أجابه فله النور

والكرامة، ومن أنكره فإنّ اللّه غنيّ عن العالمين، وهو أسرع الحاسبين، ومعني «قد

قامت الصلاة» في الإقامة أي حان وقت الزيارة والمناجاة وقضاء الحوائج ودرك

المني والوصول إلي اللّه عزّ وجلّ، وإلي كرامته وغفرانه وعفوه ورضوانه[468].

(3801) 4 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: أبي رحمه الله، قال: حدّثني الحسن بن عليّ القاقوليّ،

عن أحمد بن هارون العطّار، عن زياد القنديّ، عن موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر

بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن

عليّ عليهم السلام، قال: لمّا خلق اللّه عزّ وجلّ موسي بن عمران كلّمه علي طور سيناء، ثمّ

أطلع علي الأرض إطّلاعة، فخلق من نور وجهه العقيق، ثمّ قال: آليت بنفسي علي

نفسي أن لا أعذّب كفّ لابسه إذا تولّي عليّا بالنار[469].

(3802) 5 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: روي لي محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، عن

أحمد بن محمّد بن سعيد الهمدانيّ، قال: حدّثني الحسن بن القاسم قراءة، قال: حدّثنا

عليّ بن إبراهيم بن المعلّي، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن خالد، قال: حدّثنا عبد

اللّه بن بكر المراديّ، عن موسي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن الحسين،

عن أبيه عليهم السلام، قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلامذات يوم جالس مع أصحابه، يعبئهم

للحرب، إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟

فقيل: هو ذا هو، فسلّم عليه، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين! إنّي أتيتك من ناحية

الشام، وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإنّي أظنك ستغتال،

فعلمني ممّا علّمك اللّه؟

قال: نعم، يا شيخ ! من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همّته اشتدّت

حسرته عند فراقها، ومن كان غده شرّ يوميه فهو محروم، ومن لم يبال بما رزي من

آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه

الهوي، ومن كان في نقص فالموت خير له.

يا شيخ ! ارض للناس ما ترضي لنفسك، وائت إلي الناس ما تحبّ أن يؤتي إليك،

ثمّ أقبل علي أصحابه، فقال: أيّها الناس! أما ترون إلي أهل الدنيا يمسون ويصبحون

علي أحوال شتّي، فبين صريع يتلوّي، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر

لا يرجي، وآخر مسجّي، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه،

وعلي إثر الماضي يصير الباقي.

فقال له زيد بن صوحان العبديّ: يا أمير المؤمنين! أيّ سلطان أغلب وأقوي؟

قال: الهوي، قال: فأيّ ذلّ أذلّ؟

قال: الحرص علي الدنيا، قال: فأيّ فقر أشدّ؟

قال: الكفر بعد الإيمان، قال: فأيّ دعوة أضلّ؟

قال: الداعي بما لا يكون، قال: فأيّ عمل أفضل؟

قال: التقوي، قال: فأيّ عمل أنجح؟

قال: طلب ما عند اللّه عزّ وجلّ، قال: فأيّ صاحب لك شرّ؟

قال: المزيّن لك معصية اللّه عزّ وجلّ، قال: فأيّ الخلق أشقي؟

قال: من باع دينه بدنيا غيره، قال: فأيّ الخلق أقوي؟

قال: الحليم، قال: فأيّ الناس أكيس؟

قال: من أبصر رشده من غبّه، فمال إلي رشده، قال: فمن أحلم الناس؟

قال: الذي لا يغضب، قال: فأيّ الناس أثبت رأيا؟

قال: من لم يغرّه الناس من نفسه، ولم تغرّه الدنيا بتشوقها.

قال: فأيّ الناس أحمق؟

قال: المغترّ بالدنيا، وهو يري ما فيها من تقلّب أحوالها.

قال: فأيّ الناس أشدّ حسرة؟

قال: الذي حرم الدنيا والآخرة، «ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ »[470].

قال: فأيّ الخلق أعمي؟

قال: الذي عمل لغير اللّه، يطلب بعمله الثواب من عند اللّه عزّ وجلّ.

قال: فأيّ القنوع أفضل؟

قال: القانع بما أعطاه اللّه عزّ وجلّ، قال: فأيّ المصائب أشدّ؟

قال: المصيبة بالدين، قال: فأيّ الأعمال أحبّ إلي اللّه عزّ وجلّ؟

قال: إنتظار الفرج، قال: فأيّ الناس خير عند اللّه؟

قال: أخوفهم للّه، وأعملهم بالتقوي، وأزهدهم في الدنيا.

قال: فأيّ الكلام أفضل عند اللّه عزّ وجلّ؟

قال: كثرة ذكره، والتضرّع إليه بالدعاء، قال: فأيّ القول أصدق؟

قال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، قال: فأيّ الأعمال أعظم عند اللّه عزّ وجلّ؟

قال: التسليم والورع، قال: فأيّ الناس أصدق؟

قال: من صدق في المواطن.

ثمّ أقبل عليه السلام علي الشيخ، فقال: يا شيخ ! إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقا، ضيّق

الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهّدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم

إليها، وصبروا علي ضيق المعيشة، وصبروا علي المكروه، واشتاقوا إلي ما عند اللّه

عزّ وجلّ من الكرامة، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان اللّه.

وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا اللّه عزّ وجلّ وهو عنهم راض، وعلموا أنّ

الموت سبيل من مضي ومن بقي، فتزوّدوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا

الخشن، وصبروا علي البلوي، وقدّموا الفضل، وأحبّوا في اللّه، وأبغضوا في اللّه

عزّ وجلّ، أولئك المصابيح، وأهل النعيم في الآخرة، والسلام.

قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنّة، وأنا أراها، وأري أهلها معك، يا أمير

المؤمنين! جهّزني بقوّة أتقوّي بها علي عدوّك.

فأعطاه أمير المؤمنين عليه السلامسلاحا وحمله، وكان في الحرب بين يدي أمير

المؤمنين عليه السلام يضرب قدما، وأمير المؤمنين عليه السلاميعجب ممّا يصنع.

فلمّا اشتدّ الحرب أقدم فرسه حتّي قتل رحمه الله، وأتبعه رجل من أصحاب أمير

المؤمنين عليه السلام، فوجده صريعا، ووجد دابّته، ووجد سيفه في ذراعه.

فلمّا انقضت الحرب أتي أمير المؤمنين عليه السلامبدابّته وسلاحه، وصلّي عليه أمير

المؤمنين عليه السلام، وقال: هذا واللّه! السعيد حقّا، فترحّموا علي أخيكم[471].

(3803) 6 ـ أبو منصور الطبرسيّ رحمه الله: روي عن موسي بن جعفر، عن أبيه، عن

آبائه عليهم السلام، عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام، قال: إنّ يهوديّا من يهود الشام وأحبارهم

كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء عليهم السلاموعرف دلائلهم جاء

إلي مجلس فيه أصحاب رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم وفيهم عليّ ابن أبي طالب وابن عبّاس

وابن مسعود وأبو سعيد الجهنيّ.

فقال: ياأُمّة محمّد! ـ صلي الله عليه و آله وسلم ـ ما تركتم لنبيّ درجة ولا لمرسل فضيلة إلاّ نحلتموها

نبيّكم، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع القوم عنه.

فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: نعم، ما أعطي اللّه عزّ وجلّ نبيّا درجة ولا مرسلاً

فضيلة إلاّ وقد جمعها لمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم، وزاد محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم علي الأنبياء أضعافا

مضاعفة.

فقال له اليهوديّ: فهل أنت مجيبي؟

قال له: نعم، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم ما يقرّ اللّه به أعين

المؤمنين، ويكون فيه إزالة لشكّ الشاكّين في فضائله صلي الله عليه و آله وسلم، إنّه كان إذا ذكر لنفسه

فضيلة قال: ولا فخر، وأنا أذكر لك فضائله غير مُزر[472] بالأنبياء ولا منتقص لهم،

ولكن شكرا للّه علي ما أعطي محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم مثل ما أعطاهم وما زاده اللّه وما فضّله

عليهم.

قال له اليهوديّ: إنّي أسألك فأعدّ له جوابا؟

قال له عليّ عليه السلام: هات.

قال اليهوديّ: هذا آدم عليه السلام أسجد اللّه له ملائكته، فهل فعل لمحمّد شيئا من هذا؟

فقال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، أسجد اللّه لآدم ملائكته فإنّ سجودهم له لم

يكن سجود طاعة، أنّهم عبدوا آدم من دون اللّه عزّ وجلّ، ولكن اعترافا بالفضيلة،

ورحمة من اللّه له، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه عزّ وجلّ صلّي

عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبّد المؤمنين بالصلاة عليه، فهذه زيادة له

يايهوديّ.

قال له اليهوديّ: فإنّ آدم عليه السلام تاب اللّه عليه بعد خطيئته.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم نزل فيه ما هو أكبر من هذا من

غير ذنب أتي، قال اللّه عزّ وجلّ: «لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَمنبِكَ وَ مَا

تَأَخَّرَ»[473]، إنّ محمّدا غير مواف يوم القيامة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب.

قال اليهوديّ: فإنّ هذا إدريس عليه السلام رفعه اللّه عزّ وجلّ مكانا عليّا وأطعمه من

تحف الجنّة بعد وفاته.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا،

إنّ اللّه جلّ ثناؤه قال فيه: «وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ»[474] فكفي بهذا من اللّه رفعة، ولئن

أطعم إدريس من تحف الجنّة بعد وفاته، فإنّ محمّدا عليه السلام أطعم في الدنيا في حياته، بينما

يتضوّرون جوعا، فأتاه جبرئيل عليه السلام بجام من الجنّة فيه تحفة، فهلّل الجام وهلّلت

التحفة في يده، وسبّحا وكبّرا وحمّدا، فناولها أهل بيته، ففعلت الجام مثل ذلك، فهمّ أن

يناولها بعض أصحابه، فتناولها جبرئيل عليه السلام وقال له: كلها فإنّها تحفة من الجنّة

أتحفك اللّه بها، وإنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ فأكل منها صلي الله عليه و آله وسلم وأكلنا معه،

وإنّي لأجد حلاوتها ساعتي هذه.

قال له اليهوديّ: فهذا نوح عليه السلام صبر في ذات اللّه تعالي، وأعذر قومه إذ كذّب.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم صبر في ذات اللّه عزّ وجلّ

وأعذر قومه إذ كذّب وشرّد، وحصب بالحصا، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة وشاة،

فأوحي اللّه تبارك وتعالي إلي جائيل ملك الجبال: أن شقّ الجبال وانته إلي أمر

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم، فأتاه فقال له: إنّي قد أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أن أطبق عليهم

الجبال فأهلكتهم بها.

قال صلي الله عليه و آله وسلم: إنّما بعثت رحمة، ربّ اهد أُمّتي، فإنّهم لا يعلمون.

ويحك، يا يهوديّ! إنّ نوحا لمّا شاهد غرق قومه رقّ عليهم رقّة القرابة، وأظهر

عليهم شفقة فقال: «رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي».

فقال اللّه تعالي: «إِنَّهُو لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُو عَمَلٌ غَيْرُ صَــلِحٍ»[475] أراد جلّ

ذكره أن يسلّيه بذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم لمّا غلبت عليه من قومه المعاندة شهر عليهم

سيف النقمة، ولم تدركه فيهم رقّة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين رحمة.

قال له اليهوديّ: فإنّ نوحا دعا ربّه فهطلت السماء بماء منهمر.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم

هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، وذلك أنّه صلي الله عليه و آله وسلم لمّا هاجر إلي المدينة أتاه أهلها في

يوم جمعة فقالوا له: يا رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم! احتبس القطر، واصفرّ العود، وتهافت

الورق، فرفع يده المباركة حتّي رئي بياض إبطيه، وما تري في السماء سحابة، فما برح

حتّي سقاهم اللّه، حتّي أنّ الشابّ المعجب بشبابه لتهمّه نفسه في الرجوع إلي منزله

فما يقدر علي ذلك من شدّة السيل، فدام أسبوعا، فأتوه في الجمعة الثانية، فقالوا: يا

رسول اللّه! تهدّمت الجدر واحتبس الركب والسفر، فضحك صلي الله عليه و آله وسلم وقال: هذه

سرعة ملالة ابن آدم، ثمّ قال: «اللّهمّ حوالينا ولا علينا، اللّهمّ في أصول الشيح

ومراتع البقع» فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع بالمدينة قطرة

لكرامته صلي الله عليه و آله وسلمعلي اللّه عزّ وجلّ.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا هود قد انتصر اللّه من أعدائه بالريح، فهل فعل

لمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم شيئا من هذا؟

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ

اللّه عزّ وجلّ قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق، إذ أرسل عليهم ريحا تذروا

الحصي وجنودا لم يروها، فزاد اللّه تعالي محمّدا صلي الله عليه و آله وسلمعلي هود بثمانية آلاف ملك،

وفضّله علي هود بأنّ ريح عاد ريح سخط، وريح محمّد ريح رحمة، قال اللّه تعالي:

«يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ

رِيحًا وَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا»[476].

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا صالحا أخرج اللّه له ناقة جعلها لقومه عبرة.

قال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من ذلك، إنّ

ناقة صالح لم تكلّم صالحا، ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوّة، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلمبينما نحن معه

في بعض غزواته، إذا هو ببعير قد دنا، ثمّ رغا فأنطقه اللّه عزّ وجلّ فقال: يا رسول

اللّه! إنّ فلانا استعملني حتّي كبرت ويريد نحري، فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم إلي صاحبه فاستوهبه منه، فوهبه له وخلاّه، ولقد كنّا معه فإذا

نحن بأعرابيّ معه ناقة له يسوقها وقد استسلم للقطع لمّا زوّر عليه من الشهود،

فنطقت الناقة فقالت: يا رسول اللّه! إنّ فلانا منّي بريء، وإنّ الشهود يشهدون عليه

بالزور، وإنّ سارقي فلان اليهوديّ.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا إبراهيم قد تيقّظ بالاعتبار علي معرفة اللّه تعالي

وأحاطت دلالته بعلم الإيمان به.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، وأعطي محمّد صلي الله عليه و آله وسلم أفضل منه، [وقد تيقّظ

بالاعتبار علي معرفة اللّه وأحاطت دلالته بعلم الإيمان به] وتيقّظ إبراهيم وهو ابن

خمسة عشر سنة، ومحمّد ابن سبع سنين، قدم تجّار من النصاري، فنزلوا بتجارتهم بين

الصفا والمروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ونعته، وخبر مبعثه وآياته صلي الله عليه و آله وسلم،

فقالوا له: يا غلام! ما اسمك؟ قال: محمّد، قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد اللّه.

قالوا: ما اسم هذه؟ ـ وأشاروا بأيديهم إلي الأرض ـ

قال: الأرض، قالوا: وما اسم هذه؟ ـ وأشاروا بأيديهم إلي السماء ـ

قال: السماء.

قالوا: فمن ربّهما؟

قال :اللّه، ثمّ انتهرهم وقال: أتشكّكوني في اللّه عزّ وجلّ!؟

ويحك، يا يهوديّ! لقد تيقّظ بالاعتبار علي معرفة اللّه عزّ وجلّ مع كفر قومه إذ

هو بينهم يستقسمون بالأزلام، ويعبدون الأوثان، وهو يقول: لا إله إلاّ اللّه.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم عليه السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث.

قال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم حجب عمّن أراد قتله بحجب

خمس، فثلاثة بثلاثة واثنان فضل، قال اللّه عزّ وجلّ - وهو يصف أمر

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم-: «وَ جَعَلْنَا مِنم بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا» فهذا الحجاب الأوّل «وَ مِنْ

خَلْفِهِمْ سَدًّا»فهذا الحجاب الثاني «فَأَغْشَيْنَـهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ»[477] فهذا

الحجاب الثالث.

ثمّ قال: «وَ إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ

حِجَابًا مَّسْتُورًا»[478] فهذا الحجاب الرابع.

ثمّ قال: «فَهِيَ إِلَي الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ»[479] فهذه حجب خمس.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم قد بهت الذي كفر ببرهان نبوّته.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أتاه مكذّب بالبعث بعد الموت

وهو أُبيّ بن خلف الجمحي، معه عظم نخر ففركه، ثمّ قال: يا محمّد! «مَن يُحْيِ

الْعِظَـمَ وَ هِيَ رَمِيمٌ» فأنطق اللّه محمّدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوّته، فقال:

«قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»[480] فانصرف مبهوتا.

قال له اليهوديّ: فهذا إبراهيم جذّ أصنام قومه غضبا للّه عزّ وجلّ.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة

وستّين صنما، ونفاها عن جزيرة العرب، وأذلّ من عبدها بالسيف.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم قد أضجع ولده وتلّه للجبين.

فقال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد أعطي إبراهيم بعد الاضطجاع الفداء ومحمّد

أصيب بأفجع منه فجيعة، إنّه وقف علي عمّه حمزة، أسد اللّه وأسد رسوله وناصر

دينه، وقد فرّق بين روحه وجسده، فلم يبن عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم

ينظر إلي موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي اللّه عزّ وجلّ بصبره، ويستسلم

لأمره في جميع الفعال، وقال صلي الله عليه و آله وسلم: لولا أن تحزن صفيّة لتركته حتّي يحشر من بطون

السباع، وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنّة بعدي لفعلت ذلك.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم عليه السلام قد أسلمه قومه إلي الحريق فصبر، فجعل اللّه

عزّ وجلّ عليه النار بردا وسلاما، فهل فعل بمحمّد شيئا من ذلك؟

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم لمّا نزل بخيبر سمّته اليهوديّة

الخيبريّة، فصيّر اللّه السمّ في جوفه بردا وسلاما إلي منتهي أجله، فالسمّ يحرق إذا

استقرّ في الجوف كما أنّ النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا يعقوب عليه السلام أعظم في الخير نصيبه إذ جعل الأسباط من

سلالة صلبه ومريم بنت عمران من بناته.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعظم في الخير نصيبا منه، إذ جعل

فاطمة سيّدة نساء العالمين من بناته والحسن والحسين من حفدته.

قال له اليهوديّ: فإنّ يعقوب عليه السلام قد صبر عليه فراق ولده حتّي كاد يحرض من

الحزن.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، وكان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق،

ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم قبض ولده إبراهيم عليه السلام قرّة عينه في حياته منه، فخصّه بالاختيار،

ليعظم له الادّخار، فقال صلي الله عليه و آله وسلم: يحزن النفس، ويجزع القلب، وإنّا عليك يا إبراهيم

لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الربّ، في كلّ ذلك يؤثر الرضا عن اللّه عزّ وجلّ

والاستسلام له في جميع الفعال.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا يوسف قاسي مرارة الفرقة، وحبس في السجن توقّيا

للمعصية، وألقي في الجبّ وحيدا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم قاسي مرارة الغربة، وفراق الأهل

والأولاد والمال، مهاجرا من حرم اللّه تعالي وأمنه، فلمّا رأي اللّه عزّ وجلّ كآبته

واستشعاره الحزن، أراه اللّه تبارك اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها، وأبان

للعالمين صدق تحقيقها، فقال: «لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ

الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ

لاَ تَخَافُونَ»[481] ولئن كان يوسف عليه السلام حبس في السجن، فلقد حبس رسول اللّه

نفسه في الشعب ثلاث سنين، وقطع منه أقاربه وذووا الرحم، وألجؤوه إلي أضيق

المضيق، ولقد كادهم اللّه عزّ ذكره له كيدا مستبينا، إذ بعث أضعف خلقه فأكل

عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه، ولئن كان يوسف ألقي في الجبّ، فلقد حبس

محمّد نفسه مخافة عدوّه في الغار حتّي قال لصاحبه: «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»[482]

ومدحه إليه بذلك في كتابه.

فقال له اليهوديّ: فهذا موسي بن عمران آتاه اللّه عزّ وجلّ التوراة التي فيها حكمه.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل منه، أعطي

محمّد سورة البقرة والمائدة بالإنجيل، وطواسين وطه ونصف المفصّل والحواميم

بالتوراة، وأعطي نصف المفصّل والتسابيح بالزبور، وأعطي سورة بني إسرائيل

وبراءة بصحف إبراهيم وموسي عليهماالسلام، وزاد اللّه عزّ وجلّ محمّدا السبع الطوال

وفاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وأعطي الكتاب والحكمة.

قال له اليهوديّ: فإنّ موسي ناجاه اللّه علي طور سيناء.

فقال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد أوحي اللّه إلي محمّد صلي الله عليه و آله وسلم عند سدرة

المنتهي، فمقامه في السماء محمود، وعند منتهي العرش مذكور.

قال اليهوديّ: فقد ألقي اللّه عزّ وجلّ علي موسي بن عمران محبّة منه.

قال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد أعطي محمّد صلي الله عليه و آله وسلم ما هو أفضل من هذا، لقد

ألقي اللّه عزّ وجلّ عليه محبّة منه، فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تمّ من اللّه عزّ

وجلّ به الشهادة فلا تتمّ الشهادة إلاّ أن يقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ

محمّدا رسول اللّه ينادي به علي المنابر، فلا يرفع صوت بذكر اللّه إلاّ رفع بذكر

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم معه.

قال له اليهوديّ: فلقد أوحي اللّه إلي أُمّ موسي لفضل منزلة موسي عليه السلامعند اللّه

عزّ وجلّ.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد لطف اللّه جلّ ثناؤه لأُمّ محمّد صلي الله عليه و آله وسلم بأن

أوصل إليها اسمه، حتّي قالت: أشهد والعالمون أنّ محمّدا رسول اللّه منتظر، وشهد

الملائكة علي الأنبياء أنّهم أثبتوه في الأسفار، وبلطف من اللّه عزّ وجلّ ساقه إليها،

وأوصل إليها اسمه لفضل منزلته عنده حتّي رأت في المنام أنّه قيل لها: إنّ ما في بطنك سيّد،

فإذا ولدته فسمّيه محمّدا، فاشتقّ اللّه له اسما من أسمائه، فاللّه المحمود وهذا محمّد.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسي بن عمران قد أرسله اللّه إلي فرعون وأراه الآية

الكبري.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أرسل إلي فراعنة شتّي مثل

أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختريّ، والنضر بن الحرث،

وأُبيّ بن خلف، ومنبّه ونبيه ابني الحجّاج، والي الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة

المخزوميّ، والعاص بن وائل السهميّ، والأسود بن عبد يغوث الزهريّ، والأسود بن

المطّلب، والحارث بن أبي الطلاطلة، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّي

يتبيّن لهم أنّه الحقّ.

قال له اليهوديّ: لقد انتقم اللّه عزّ وجلّ لموسي من فرعون.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد انتقم اللّه جلّ اسمه لمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم من

الفراعنة، فأمّا المستهزؤون فقال اللّه: «إِنَّا كَفَيْنَـكَ الْمُسْتَهْزِءِينَ» فقتل اللّه

خمستهم، كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد.

فأمّا الوليد بن المغيرة، فمرّ بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق،

فأصابه شظية منه فانقطع أكحله حتّي أدماه، فمات وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وأمّا العاص ابن الوائل السهميّ، فإنّه خرج في حاجة له إلي موضع فتدهده تحته

حجر، فسقط فتقطّع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وأمّا الأسود بن عبد يغوث، فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلّ بشجرة،

فأتاه جبرئيل عليه السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عنّي، فقال:

ما أري أحدا يصنع شيئا إلاّ نفسك، فقتله وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وأمّا الأسود بن المطّلب، فإنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم دعا عليه أن يعمي اللّه بصره وأن

يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّي صار إلي موضع أتاه جبرئيل عليه السلام

بورقة خضراء فضرب بها وجهه، فعمي وبقي حتّي أثكله اللّه عزّ وجلّ ولده.

وأمّا الحارث بن الطلاطلة، فإنّه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشيّا، فرجع

إلي أهله، فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه، فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وروي أنّ الأسود بن الحرث أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش، فلم يزل

يشرب الماء حتّي انشقّ بطنه، فمات وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

كلّ ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمفقالوا له:

يا محمّد! ننتظر بك إلي الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلاّ قتلناك، فدخل النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم

منزله فأغلق عليه بابه مغتمّا لقولهم، فأتاه جبرئيل عن اللّه من ساعته فقال: يا

محمّد! السلام يقرأ عليك السلام، وهو يقول لك: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ

الْمُشْرِكِينَ» يعني أظهر أمرك لأهل مكّة، وادعهم إلي الإيمان.

قال: يا جبرئيل! كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟

قال له: «إِنَّا كَفَيْنَـكَ الْمُسْتَهْزِءِينَ»[483].

قال: يا جبرئيل! كانوا الساعة بين يديّ.

قال: قد كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك

وأمّا بقيّتهم من الفراعنة، فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم اللّه الجمع وولّوا الدبر.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسي بن عمران قد أعطي العصا، فكانت تتحوّل ثعبانا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم ما هو أفضل من هذا، إنّ رجلاً

كان يطالب أبا جهل بدين، ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب،

فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ فقال: عمرو بن

هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين، قال: فأدلّك علي من يستخرج منه الحقوق؟

قال: نعم، فدلّه علي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم.

وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمّد إليّ حاجة، فأسخر به وأردّه، فأتي الرجل

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فقال: يا محمّد بلغني أنّ بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة، وأنا

أستشفع بك إليه، فقام معه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم فأتي بابه فقال له: قم يا أبا جهل! فأدّ

إلي الرجل حقّه، وإنّما كنّاه بأبي جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا حتّي أدّي إليه حقّه،

فلمّا رجع إلي مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا من محمّد.

قال: ويحكم! أعذروني، إنّه لمّا أقبل رأيت عن يمينه رجالاً معهم حراب تتلألأ،

وعن يساره ثعبانين تصطكّ أسنانهما، وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعت

لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني وتقضمني الثعبانان.

هذا أكبر ممّا أعطي موسي، ثعبان بثعبان موسي، وزاد اللّه محمّدا ثعبانا وثمانية

أملاك معهم الحراب، ولقد كان النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم يوذي قريشا بالدعاء، فقام يوما فسفّه

أحلامهم، وعاب دينهم، وشتم أصنامهم، وضلّل آبائهم، فاغتمّوا من ذلك غمّا شديدا.

فقال أبو جهل: واللّه للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشر قريش أحد

يقتل محمّدا فيقتل به؟ فقالوا: لا، قال: فأنا أقتله، فإن شاء بنو عبد المطّلب قتلوني به

وإلاّ تركوني، قال: إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلي أهل الوادي معروفا لا تزال

تذكر به، قال: إنّه كثير السجود حول الكعبة، فإذا جاء وسجد أخذت حجرا

فشدخته به.

فجاء رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، فطاف بالبيت أسبوعا، ثمّ صلّي وأطال السجود، فأخذ

أبو جهل حجرا فأتاه من قبل رأسه، فلمّا أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول

اللّه صلي الله عليه و آله وسلم فاغرا فاه نحوه، فلمّا أن رآه أبو جهل فزع منه وارتعدت يده، وطرح

الحجر فشدخ رجله، فرجع مدمي، متغيّر اللون يفيض عرقا، فقال له أصحابه: ما

رأيناك كاليوم!؟ قال: ويحكم! أعذروني فإنّه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد

يبتلعني، فرميت بالحجر فشدخت رجلي.

قال اليهوديّ: فإنّ موسي قد أعطي اليد البيضاء، فهل فعل بمحمّد شيئا من هذا؟

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا،

إنّ نورا كان يضيء عن يمينه حيثما جلس، وعن يساره حيثما جلس، وكان يراه

الناس كلّهم.

قال له اليهوديّ: فإنّ موسي عليه السلام قد ضرب له طريق في البحر، فهل فعل بمحمّد

شيء من هذا؟

فقال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا،

خرجنا معه إلي حنين، فإذا نحن بواد يشخب، فقدّرناه فإذا هو أربعة عشر قامة،

فقالوا: يا رسول اللّه! العدوّ من ورائنا، والوادي أمامنا، كما قال أصحاب موسي:

«إِنَّا لَمُدْرَكُونَ»[484].

فنزل رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، ثمّ قال: «اللّهمّ إنّك جعلت لكلّ مرسل دلالة، فأرني

قدرتك» وركب صلوات اللّه عليه، فعبرت الخيل لا تندي حوافرها والإبل

لا تندي أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا.

قال له اليهوديّ: فإنّ موسي عليه السلام قد أعطي الحجر، فانبجست منه اثنتا عشرة

عينا.

قال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم لمّا نزل الحديبيّة وحاصره أهل

مكّة، قد أعطي ما هو أفضل من ذلك، وذلك أنّ أصحابه شكوا إليه الظمأ وأصابهم

ذلك حتّي التقت خواصر الخيل، فذكروا له صلي الله عليه و آله وسلم، فدعا بركوة يمانيّة، ثمّ نصب يده

المباركة فيها، فتفجّرت من بين أصابعه عيون الماء، فصدرنا وصدرت الخيل روّاء،

وملأنا كلّ مزادة وسقاء، ولقد كنّا معه بالحديبيّة، وإذا ثمّ قليب جافّة،

فأخرج صلي الله عليه و آله وسلم سهما من كنانته، فناوله البراء بن عازب وقال له: اذهب بهذا السهم

إلي تلك القليب الجافّة فاغرسه فيها، ففعل ذلك فتفجّرت اثنتا عشرة عينا من تحت

السهم، ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوّته، كحجر موسي حيث

دعا بالميضاة، فنصب يده فيها، ففاضت بالماء وارتفع، حتّي توضّأ منه ثمانية آلاف

رجل وشربوا حاجتهم، وسقوا دوابّهم، وحملوا ما أرادوا.

قال له اليهوديّ: فإنّ موسي عليه السلام قد أعطي المنّ والسلوي، فهل أعطي لمحمّد نظير هذا؟

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا،

إنّ اللّه عزّ وجلّ أحلّ له الغنائم ولأُمّته ولم تحلّ الغنائم لأحد غيره قبله، فهذا أفضل

من المنّ والسلوي، ثمّ زاده أن جعل النيّة له ولأُمّته [بلا عمل ]عملاً صالحا، ولم

يجعل لأحد من الأمم ذلك قبله، فإذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة،

فإن عملها كتبت له عشرة.

قال له اليهوديّ: إنّ موسي عليه السلام قد ظلّل عليه الغمام.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، وقد فعل ذلك بموسي في التيه، وأعطي

محمّد صلي الله عليه و آله وسلم أفضل من هذا، إنّ الغمامة كانت تظلّه من يوم ولد إلي يوم قبض في

حضره وأسفاره، فهذا أفضل ممّا أعطي موسي.

قال له اليهوديّ: فهذا داود عليه السلام قد ليّن اللّه له الحديد، فعمل منه الدروع.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم قد أعطي ما هو أفضل من هذا،

إنّه ليّن اللّه عزّ وجلّ له الصمّ الصخور الصلاب وجعلها غارا، ولقد غارت الصخرة

تحت يده ببيت المقدس لينة، حتّي صارت كهيئة العجين، وقد رأينا ذلك والتمسناه

تحت رايته.

قال له اليهوديّ: هذا داود بكي علي خطيئته حتّي سارت الجبل معه لخوفه.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه

كان إذا قام إلي الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل علي الأثافي من شدّة

البكاء، وقد آمنه اللّه عزّ وجلّ من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه فيكون إماما

لمن اقتدي به، ولقد قام صلي الله عليه و آله وسلم عشر سنين علي أطراف أصابعه حتّي تورّمت قدماه

واصفرّ وجهه يقوم الليل أجمع، حتّي عوتب في ذلك، فقال اللّه عزّ وجلّ: «طـه * مَآ

أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَي»[485] بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتّي يغشي عليه،

فقيل له: يا رسول اللّه! أليس اللّه عزّ وجلّ قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟

قال: بلي، أفلا أكون عبدا شكورا.

ولئن سارت الجبال وسبّحت معه، لقد عمل بمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم ما هو أفضل من هذا،

إذ كنّا معه علي جبل حراء، إذ تحرّك الجبل، فقال له: قرّ فإنّه ليس عليك إلاّ نبيّ أو

صدّيق شهيد، فقرّ الجبل مجيبا لأمره ومنتهيا إلي طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا

الدموع تخرج من بعضه، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: ما يبكيك يا جبل!؟

فقال: يا رسول اللّه! كان المسيح مرّ بي وهو يخوّف الناس من نار وقودها الناس

والحجارة، وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة، قال له: لا تخف تلك الحجارة

الكبريت، فقرّ الجبل وسكن وهدأ وأجاب لقوله صلي الله عليه و آله وسلم.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.

فقال عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه

هبط إليه ملك لم يهبط إلي الأرض قبله، وهو ميكائيل، فقال له: يا محمّد! عش ملكا

منعّما، وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك ويسير معك جبالها ذهبا وفضّة

ولا ينقص لك ممّا ادّخر لك في الآخرة شيء، فأومي إلي جبرئيل - وكان خليله من

الملائكة - فأشار إليه أن تواضع.

فقال له: بل أعيش نبيّا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين، وألحق بإخواني من

الأنبياء، فزاده اللّه تبارك وتعالي الكوثر وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك

الدنيا من أوّلها إلي آخرها سبعين مرّة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة

أقعده اللّه عزّ وجلّ علي العرش، فهذا أفضل ممّا أعطي سليمان.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان قد سخّرت له الرياح، فسارت به في بلاده،

غدوّها شهر ورواحها شهر.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه

أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت

السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة، حتّي انتهي إلي ساق العرش،

فدني بالعلم فتدلّي، فدلّي له من الجنّة رفرف أخضر وغشي النور بصره، فرأي

عظمة ربّه عزّ وجلّ بفؤاده، ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدني،

فأوحي اللّه إلي عبده ما أوحي، وكان فيما أوحي إليه الآية التي في سورة البقرة قوله:

«لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَـوَ تِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ

يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْ ءٍ

قَدِيرٌ»[486] وكانت الآية قد عرضت علي الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلي أن بعث اللّه

تبارك وتعالي محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم، وعرضت علي الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم وعرضها علي أُمّته فقبلوها، فلمّا رأي اللّه تبارك وتعالي منهم

القبول علم أنّهم لا يطيقونها، فلمّا أن صار إلي ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه،

فقال: «ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِي» - فأجاب صلي الله عليه و آله وسلممجيبا عنه وعن

أُمّته - «وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلَـلـءِكَتِهِي وَكُتُبِهِي وَرُسُلِهِي لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ

مِّن رُّسُلِهِي»[487] فقال جلّ ذكره: لهم الجنّة والمغفرة علي أن فعلوا ذلك، فقال

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: أما إذا فعلت ذلك بنا، فغفرانك ربّنا وإليك المصير، يعني المرجع في الآخرة.

قال: فأجابه اللّه عزّ وجلّ: قد فعلت ذلك بك وبأُمّتك، ثمّ قال عزّ وجلّ أما إذا

قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها علي الأُمم فأبوا أن يقبلوها

وقبلتها أُمّتك، فحقّ عليّ أن أرفعها عن أُمّتك، وقال: «لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ

وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ - من خير - وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ» من شرّ.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: - لمّا سمع ذلك - أما إذا فعلت ذلك بي وبأُمّتي فزدني. قال:

سل، قال: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا».

قال اللّه عزّ وجلّ: لست أؤاخذ أُمّتك بالنسيان والخطأ، لكرامتك عليّ، وكانت

الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكّروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعت ذلك

عن أُمّتك، وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه، وقد

رفعت ذلك عن أُمّتك لكرامتك عليّ.

فقال صلي الله عليه و آله وسلم: اللّهمّ إذا أعطيتني ذلك فزدني، قال اللّه تبارك وتعالي له: سل، قال:

«رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُو عَلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا»يعني بالإصر

الشدائد التي كانت علي من كان من قبلنا، فأجابه اللّه عزّ وجلّ إلي ذلك، وقال

تبارك اسمه: قد رفعت عن أُمّتك الآصار التي كانت علي الأمم السالفة كنت لا أقبل

صلاتهم إلاّ في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت

الأرض كلّها لأُمّتك مسجدا وطهورا، فهذه من الآصار التي كانت علي الأمم قبلك

فرفعتها عن أُمّتك.

وكانت الأُمم السالفة إذا أصابهم أذيً من نجاسة قرضوه من أجسادهم وقد

جعلت الماء لأُمّتك طهورا، فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أُمّتك.

وكانت الأُمم السالفة تحمل قرابينها علي أعناقها إلي بيت المقدس، فمن قبلت ذلك

منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا، ومن لم أقبل منه ذلك رجع مثبورا،

وقد جعلت قربان أُمّتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت

ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد

رفعت ذلك عن أُمّتك، وهي من الآصار التي كانت علي الأُمم السالفة قبلك.

وكانت الأُمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار،

وهي من الشدائد التي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك، وفرضت عليهم صلواتهم في

أطراف الليل والنهار، وفي أوقات نشاطهم.

وكانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا وهي من

الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات، وهي

إحدي وخمسون ركعة، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.

وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة وسيّئتهم بسيّئة، وهي من الآصار التي

كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك وجعلت الحسنة بعشرة والسيّئة بواحدة.

وكانت الأمم السالفة إذا نوي أحدهم حسنة ثمّ لم يعملها لم تكتب له، وإن عملها

كتبت له حسنة، وإنّ أُمّتك إذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، وإن

عملها كتبت له عشرة، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أُمّتك.

وكانت الأُمم السالفة إذا همّ أحدهم بسيّئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها

كتبت عليه سيّئة، وإنّ أُمّتك إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة، وهذه

من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك.

وكانت الأُمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم علي أبوابهم، وجعلت توبتهم من

الذنوب أن حرّمت عليهم بعد التوبة أحبّ الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن أُمّتك،

وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم، وجعلت عليهم ستورا كثيفة، وقبلت توبتهم بلا

عقوبة، ولا أعاقبهم بأن أحرّم عليهم أحبّ الطعام إليهم.

وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد إلي اللّه مائة سنة، أو

ثمانين سنة، أو خمسين سنة، ثمّ لا أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، وهي

من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك.

وإنّ الرجل من أُمّتك ليذنب عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، أو مائة

سنة، ثمّ يتوب ويندم طرفة عين، فأغفر ذلك كلّه.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: اللّهمّ إذا أعطيتني ذلك كلّه فزدني. قال: سل، قال: «رَبَّنَا

وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِي» قال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك بأُمّتك وقد رفعت

عنهم عظم بلايا الأُمم، وذلك حكمي في جميع الأُمم أن لا أكلّف خلقا فوق طاقتهم.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: «وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـلـنَا».

قال اللّه عزّ وجلّ: قد فعلت ذلك بتائبي أُمّتك.

ثمّ قال صلي الله عليه و آله وسلم: «فَانصُرْنَا عَلَي الْقَوْمِ الْكَـفِرِينَ»[488].

قال اللّه جلّ اسمه: إنّ أُمّتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم

القادرون، وهم القاهرون، يستخدمون ولا يُستخدمون، لكرامتك عليّ، وحقّ عليّ

أن أظهر دينك علي الأديان، حتّي لا يبقي في شرق الأرض وغربها دين إلاّ دينك،

أو يؤدّون إلي أهل دينك الجزية.

قال اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان سخّرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من

محاريب وتماثيل.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد أعطي محمّد صلي الله عليه و آله وسلم أفضل من هذا، إنّ

الشياطين سخّرت لسليمان وهي مقيمة علي كفرها، ولقد سخّرت لنبوّة محمّد صلي الله عليه و آله وسلم

الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجنّة التسعة من أشرافهم واحد من جنّ نصيبين،

والثمان من بني عمرو بن عامر من إلأحجة منهم شضاه، ومضاه، والهملكان،

والمرزبان، والمازمان، ونضاه، وهاضب، وهضب، وعمرو، وهم الذين يقول اللّه

تبارك اسمه فيهم: «وَ إِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ»[489] وهم

التسعة، فأقبل إليه الجنّ والنبيّ صلي الله عليه و آله وسلم ببطن النخل، فاعتذروا بأنّهم ظنّوا كما ظننتم

أن لن يبعث اللّه أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم، فبايعوه علي الصوم،

والصلاة، والزكاة، والحجّ، والجهاد، ونصح المسلمين، واعتذروا بأنّهم قالوا علي اللّه

شططا، وهذا أفضل ممّا أعطي سليمان، فسبحان من سخّرها لنبوّة محمّد صلي الله عليه و آله وسلمبعد أن

كانت تتمرّد، وتزعم أنّ للّه ولدا، فلقد شمل مبعثه من الجنّ والإنس ما لا يحصي.

قال له اليهوديّ: هذا يحيي بن زكريّا عليه السلام يقال: إنّه أوتي الحكم صبيّا الحلم

والفهم، وإنّه كان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا،

إنّ يحيي بن زكريّا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهليّة، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلمأوتي الحكم

والفهم صبيّا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قطّ، ولم

ينشط لأعيادهم، ولم ير منه كذب قطّ، وكان أمينا، صدوقا، حليما، وكان يواصل

الصوم الأسبوع والأقلّ والأكثر، فيقال له في ذلك، فيقول: إنّي لست كأحدكم، إنّي

أظلّ عند ربّي، فيطعمني ويسقيني، وكان صلي الله عليه و آله وسلم يبكي حتّي يبتلّ مصلاّه خشية من

اللّه عزّ وجلّ من غير جرم.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا عيسي بن مريم، يزعمون أنّه تكلّم في المهد صبيّا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم سقط من بطن أُمّه واضعا يده

اليسري علي الأرض، ورافعا يده اليمني إلي السماء، يحرّك شفتيه بالتوحيد وبدا من

فيه نور رأي أهل مكّة منه قصور بصري من الشام وما يليها والقصور الحمر من

أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من إسطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا

ليلة ولد النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم حتّي فزعت الجنّ والإنس والشياطين، وقالوا: حدث في

الأرض حدث، ولقد رأي الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل، وتسبّح وتقدّس،

وتضطرب النجوم وتتساقط، علامة لميلاده.

ولقد همّ إبليس بالظعن في السماء لمّا رأي من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له

مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع، فلمّا رأوا العجائب أرادوا أن

يسترقوا السمع، فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلّها ورموا بالشهب، دلالة

لنبوّته صلي الله عليه و آله وسلم.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسي عليه السلام يزعمون أنّه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن اللّه

عزّ وجلّ.

فقال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم أعطي ما هو أفضل من ذلك،

أبرأ ذا العاهة من عاهته، بينما هو جالس صلي الله عليه و آله وسلم إذ سأل عن رجل من أصحابه،

فقالوا: يا رسول اللّه! إنّه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه،

فأتاه صلي الله عليه و آله وسلم فإذا هو كهيئة الفرخ من شدّة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحّتك

دعاءً؟

قال: نعم، كنت أقول: يا ربّ أيّما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فجعلها لي في

الدنيا.

فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: ألا قلت: «اللّهمّ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة

حسنة وقنا عذاب النار»، فقالها الرجل فكأنّما نشط من عقال وقام صحيحا

وخرج معنا.

ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطّع من الجذام، فشكا إليه صلي الله عليه و آله وسلمفأخذ

قدحا من ماء فتفل عليه، ثمّ قال: امسح به جسدك، ففعل فبرئ حتّي لم يوجد عليه شيء.

ولقد أتي بعربيّ أبرص فتفل صلي الله عليه و آله وسلم من فيه عليه، فما قام من عنده إلاّ صحيحا.

ولئن زعمت أنّ عيسي أبرأ ذا العاهات من عاهاتهم، فإنّ محمّدا صلي الله عليه و آله وسلمبينما هو

في أصحابه إذ هو بامرأة فقالت: يا رسول اللّه! إنّ ابني أشرف علي حياض الموت،

كلّما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم وقمنا معه، فلمّا أتيناه قال له:

جانب يا عدوّ اللّه وليّ اللّه، فأنا رسول اللّه، فجانبه الشيطان، فقام صحيحا وهو

معنا في عسكرنا.

ولئن زعمت أنّ عيسي أبرأ العميان، فإنّ محمّدا قد فعل ما هو أكثر من هذا، إنّ

قتادة بن ربعيّ كان رجلاً صحيحا، فلمّا أن كان يوم أحد أصابته طعنة في عينه

فبدرت حدقته، فأخذها بيده، ثمّ أتي بها إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم فقال: يا رسول اللّه! إنّ

امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول اللّه من يده، ثمّ وضعها مكانها، فلم تكن

تعرف إلاّ بفضل حسنها وفضل ضوئها علي العين الأخري.

ولقد جرح عبد اللّه بن عبيد وبانت يده يوم حنين، فجاء إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلمليلاً،

فمسح عليه يده، فلم تكن تعرف من اليد الأخري.

ولقد أصاب محمّد بن مسلمة يوم كعب بن الأشرف مثل ذلك في عينه ويده،

فمسحه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمفلم تستبينا.

ولقد أصاب عبد اللّه بن أنيس مثل ذلك في عينه، فمسحها فما عرفت من

الأخري، فهذه كلّها دلالة لنبوّته صلي الله عليه و آله وسلم.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسي يزعمون أنّه أحيي الموتي بإذن اللّه.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد سبّحت في يده تسع حصيات، تسمع

نغماتها في جمودها، ولا روح فيها لتمام حجّة نبوته، ولقد كلّمه الموتي من بعد موتهم،

واستغاثوه ممّا خافوا تبعته، ولقد صلّي بأصحابه ذات يوم، فقال: ما هاهنا من بني النجّار

أحد، وصاحبهم محتبس علي باب الجنّة بثلاثة دراهم لفلان اليهوديّ ـ وكان شهيداـ ؟

ولئن زعمت أنّ عيسي كلّم الموتي، فلقد كان لمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم ما هو أعجب من هذا،

إنّ النبيّ لمّا نزل بالطائف وحاصر أهلها، بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطليّة بسمّ، فنطق

الذراع منها، فقالت: يا رسول اللّه! لا تأكلني فإنّي مسمومة، فلو كلّمته البهيمة وهي

حيّة لكانت من أعظم حجج اللّه عزّ ذكره علي المنكرين لنبوّته، فكيف وقد كلّمته

من بعد ذبح وسلخ وشيّ!

ولقد كان رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم يدعو بالشجرة فتجيبه وتكلّمه البهيمة، وتكلّمه

السباع، وتشهد له بالنبوّة، ويحذّرهم عصيانه، فهذا أكثر ممّا أعطي عيسي عليه السلام.

قال له اليهوديّ: إنّ عيسي يزعمون أنّه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدّخرون في

بيوتهم.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد كان له أكثر من هذا، إنّ عيسي أنبأ قومه

بما كان من وراء الحائط، ومحمّد أنبأ عن موتة وهو عنها غائب، ووصف حربهم،

ومن استشهد منهم وبينه وبينهم مسيرة شهر، وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن

شيء، فيقول صلي الله عليه و آله وسلم: تقول أو أقول؟ فيقول: بل قل يا رسول اللّه! فيقول: جئتني في

كذا وكذا حتّي يفرغ من حاجته.

ولقد كان صلي الله عليه و آله وسلم يخبر أهل مكّة بأسرارهم بمكّة حتّي لا يترك من أسرارهم شيئا،

منها ما كان بين صفوان بن أُميّة وبين عمير بن وهب، إذ أتاه عمير فقال: جئت في

فكاك ابني، فقال له: كذبت بل قلت لصفوان وقد اجتمعتم في الحطيم، وذكرتم قتلي

بدر، وقلتم: واللّه للموت أهون علينا من البقاء مع ما صنع محمّد بنا، وهل حياة بعد

أهل القليب؟ فقلت أنت: لولا عيالي ودين عليّ لأرحتك من محمّد، فقال صفوان:

عليّ أن أقضي دينك، وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهنّ ما يصيبهنّ من خير أو شرّ، فقلت

أنت: فاكتمها عليّ، وجهّزني حتّي أذهب فأقتله، فجئت لقتلي، فقال: صدقت يا رسول اللّه!

فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك رسول اللّه، وأشباه هذا ممّا لا يحصي.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسي يزعمون أنّه خلق من الطين كهيئة الطير، فنفخ فيه

فكان طيرا بإذن اللّه عزّ وجلّ.

فقال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلم قد فعل ما هو شبيه لهذا، إذ أخذ

يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا، ثمّ قال للحجر: انفلق فانفلق

ثلاث فلق، نسمع لكلّ فلقة منها تسبيحا لا يسمع للأخري.

ولقد بعث إلي شجرة يوم البطحاء فأجابته، ولكلّ غصن منها تسبيح وتهليل

وتقديس، ثمّ قال لها: انشقّي، فانشقّت نصفين، ثمّ قال لها: التزقي فالتزقت، ثمّ قال لها:

اشهدي لي بالنبوّة، فشهدت، ثمّ قال لها: ارجعي إلي مكانك بالتسبيح والتهليل

والتقديس ففعلت، وكان موضعها جنب الجزارين بمكّة.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسي يزعمون أنّه كان سيّاحا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد كانت سياحته في الجهاد، واستنفر في

عشر سنين ما لا يحصي من حاضر وباد، فأفني فئاما من العرب من مبعوث بالسيف

لا يداري بالكلام، ولا ينام إلاّ عن دم، ولا يسافر إلاّ وهو متجهّز لقتال عدوّه.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسي يزعمون أنّه كان زاهدا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلي الله عليه و آله وسلمأزهد الأنبياء عليهم السلام كان له ثلاث

عشرة زوجة سوي من يطيف به من الإماء، ما رفعت له مائدة قطّ وعليها طعام،

ولا أكل خبز برّ قطّ، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قطّ، توفّي رسول

اللّه صلي الله عليه و آله وسلم ودرعه مرهونة عند يهوديّ بأربعة دراهم، ما ترك صفراء ولا بيضاء مع

ما وطّي ء له من البلاد، ومكّن له من غنائم العباد، ولقد كان يقسم في اليوم الواحد

ثلثمائة ألف وأربعمائة ألف، ويأتيه السائل بالعشيّ فيقول: والذي بعث محمّدا بالحقّ

ما أمسي في آل محمّد صاع من شعير، ولا صاع من برّ، ولا درهم، ولا دينار.

قال له اليهوديّ: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأشهد أنّه

ما أعطي اللّه نبيّا درجة ولا مرسلاً فضيلة إلاّ وقد جمعها لمحمّد صلي الله عليه و آله وسلم، وزاد محمّدا

علي الأنبياء أضعاف درجات.

فقال ابن عبّاس لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: أشهد يا أبا الحسن! أنّك من الراسخين

في العلم.

فقال: ويحك! وما لي لا أقول ما قلت في نفس من استعظمه اللّه عزّ وجلّ في

عظمته، فقال: «وَ إِنَّكَ لَعَلَي خُلُقٍ عَظِيمٍ[490]»[491].

(3804) 7 ـ الإربليّ رحمه الله: عن موسي بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام، قال الحسين عليه السلام:

جاء رجل إلي أمير المؤمنين عليه السلام يسعي يقوم فأمرني أن دعوت له قنبرا، فقال له

عليّ عليه السلام: اخرج إلي هذا الساعي، فقل له: قد أسمعتنا ما كره اللّه تعالي، فانصرف في

غير حفظ اللّه تعالي[492].

(3805) 8 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: بحذف الإسناد، عن مولانا وسيّدنا موسي

ابن جعفر عليه السلام، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين بن عليّ

أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم أجمعين، قال: قال أبي أمير المؤمنين عليه السلام: يا بنيّ!

ألا أُعلمك سرّا من أسرار اللّه عزّ وجلّ، علّمنيه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، وكان من

أسراره لم يطّلع عليه أحد؟

قلت: بلي، يا أباه! جعلت فداك!

قال: نزل علي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم الروح الأمين جبرائيل عليه السلام، في يوم الأحد،

ويوم الأحد يوم مهول شديد الحرّ، وكان علي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلمجوشن، لا يقدر حمله

لشدّة الحرّ، وحرارة الجوشن.

قال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: فرفعت رأسي نحو السماء، فدعوت اللّه تعالي، فرأيت أبواب

السماء قد فتحت، ونزل عليّ المطوف بالنور جبرائيل عليه السلام، وقال لي: السلام عليك يا

رسول اللّه!

فقلت: وعليك السلام، يا أخي جبرائيل!

فقال: العليّ الأعلي يقرئك السلام، ويخصّك بالتحيّة والإكرام.

ويقول لك: اخلع هذا الجوشن، واقرأ هذا الدعاء، فإذا قرأته وحملته، فهو مثل

الجوشن الذي علي جسدك.

فقلت: يا أخي جبرائيل! هذا الدعاء لي خاصّة، أو لي ولأُمّتي؟

قال: يا رسول اللّه! هذا هديّة من اللّه تعالي إليك، وإلي أُمّتك.

قلت له: يا أخي جبرائيل! ما ثواب هذا الدعاء؟

قال: من قرأ هذا الدعاء وقت الصبح، ووقت العشاء لحقه اللّه تعالي بصالح

الأعمال، وهو في التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وصحف إبراهيم.

قلت: يا أخي جبرائيل! كلّ من يقرأ هذا الدعاء يعطيه اللّه هذا الثواب؟

قال: نعم، ويعطيه اللّه بكلّ حرف زوجتين من الحور العين، فإذا فرغ من قرائته

بني اللّه له بيتا في الجنّة، ويعطيه من الثواب بعدد حروف التوراة، والإنجيل، والزبور،

والفرقان العظيم.

قلت: كلّ هذا الثواب لمن قرأ هذا الدعاء؟

قال: نعم، يا رسول اللّه! والذي بعثك بالحق نبيّا ورسولاً! إنّ اللّه تعالي يعطيه

مثل ثواب إبراهيم الخليل، وموسي الكليم، وعيسي الروح الأمين، ومحمّد الحبيب.

قلت: كلّ هذا الثواب لصاحب هذا الدعاء؟

قال: نعم، يا رسول اللّه! كل من قرأ هذا الدعاء، وحمله كان له أكثر ممّا ذكرت،

والذي بعثك بالحقّ نبيّا! إنّ خلف المغرب أرض بيضاء فيها خلق من خلق اللّه

تعالي، يعبدونه ولا يعصونه، قد تمزّقت لحومهم ووجوههم من البكاء، فأوحي اللّه

إليهم لم تبكون، ولم تعصوني طرفة عين؟

قالوا: نخشي أن يغضب اللّه علينا، أو يعذّبنا بالنار.

فقال عليّ صلوات اللّه عليه: قلت: يا رسول اللّه! ليس هناك إبليس، أو واحد

من بني آدم.

فقال: والذي بعثني بالحقّ نبيّا! ما يعلمون أنّ اللّه خلق آدم، ولا إبليس، ولا

يحصي عددهم إلاّ اللّه، ومسير الشمس في بلادهم أربعين يوما، لا يأكلون، ولا

يشربون، وإنّ اللّه تعالي يعطي ثواب هذا الدعاء ثواب عددهم وعبادتهم.

قال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: يعطيهم اللّه ثواب هذا كلّه؟

قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّا! إنّ اللّه تعالي بني في السماء الرابعة بيتا، يقال له:

البيت المعمور، يدخله في كلّ يوم سبعون ألف ملك، ويخرجون منه، ولا يعودون إليه

إلي يوم القيامة، وإنّ اللّه عزّ وجلّ يعطيه ثواب هؤلاء الملائكة، ويعطيه ثوابا بعدد

المؤمنين والمؤمنات من الإنس والجنّ، من يوم خلقهم اللّه تعالي إلي يوم ينفخ في

الصور، وقال: والذي بعثك بالحقّ نبيّا! من كتب هذا الدعاء في إناء نظيف بماء مطر

وزعفران، ثمّ يغسله ويشربه حسب ما يقدر أن يشرب، عافاه اللّه تعالي من كل داء

في جسده، ويشفيه من كلّ داء وسقم.

قلت: يا أخي جبرئيل! كلّ هذه الفضيلة لهذا الدعاء، وكلّ هذا الثواب يعطيه اللّه

لصاحبه؟

قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّا! إنّ كلّ من قرأه مات موته الشهداء.

فقلت: من شهداء البحر، أم من شهداء البرّ؟

قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّا! إنّ اللّه تعالي يكتب له ثواب سبع مائة ألف شهيد

من شهداء البرّ.

قلت: يا أخي جبرئيل! أيعطيه اللّه كلّ هذا الثواب؟

قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّا! إنّ ليلة يقرأ الإنسان هذا الدعاء، فإنّ اللّه يقبل

عليه، وينظر إليه، ويعطيه جميع ما يسأله من حوائج الدنيا والآخرة.

قلت: يا أخي جبرئيل! زدني، قال: وليلة يقرأ هذا الدعاء يدفع اللّه عنه شرّ

الشياطين وكيدهم، ويقبل أعمالهم كلّها، ويطهر ماله، وكذلك بأعمال المؤمنين

والمؤمنات.

قلت: يا أخي جبرئيل! زدني، قال: يا رسول اللّه! قال لي إسرافيل: إنّ اللّه، قال:

وعزّتي وجلالي! إنّه من آمن بي وصدّق بهذا الدعاء، أعطيته ملكا، وإنّي أنا اللّه لا

ينقص خزائني، ولا يفني نائلي، ولو جعلت الجنّه لعبد من عبادي المؤمنين لم ينقص

ذلك من خزائني قليلاً ولا كثيرا، يا محمّد! أنا الذي إذا أردت أمرا، قلت له: كن

فيكون ما أريد، إنّي إذا أعطيت عبدا أعطيته عطيّة علي قدر عظمتي وسلطاني

وقدرتي، يا محمّد! لو أن عبدا من عبادي قرأه بنيّة خالصة، ويقين صادق سبعين مرّة

علي رؤس أهل البلا في الدنيا من البرص والجذام والجنون، لعافيتهم من ذلك،

وأخرجتها من أجسادهم، طوبي لمن آمن باللّه، وصدّق نبيّه، وصدّق بهذا الدعاء

والثواب، والويل كلّ الويل لمن أنكره وجحده، ولم يؤمن به.

يا نبيّ اللّه! لو كتب إنسان هذا الدعاء في جام بكافور ومسك وغسله، ورشّ

ذلك علي كفن ميّت، أنزل اللّه في قبره مائة ألف نور، ويدفع اللّه عنه هول منكر

ونكير، ويأمن من عذاب القبر، ويبعث اللّه إليه في قبره سبعين ألف ملك، مع كلّ

ملك طبق من نور ينثرونه عليه، ويحملونه إلي الجنّة، ويقولون له: إنّ اللّه تبارك

وتعالي أمرنا بهذا، ونؤنسك إلي يوم القيامة.

ويوسّع اللّه عليه في قبره مدّ بصر، ويفتح له بابا إلي الجنّة، ويوسّدونه مثل

العروس في حجلتها، من حرمة هذا الدعاء وعظمته، ويقول اللّه تعالي إنّني أستحيي

من عبد يكون هذا الدعاء مكتوبا علي سرادق العرش قبل أن أخلق الدنيا بخمسة

آلاف عام، وأيّ عبد دعا بهذا الدعاء بنيّة صادقة خالصة، لا يخالطها شكّ في أوّل

شهر رمضان، أعطاه اللّه ثواب ليلة القدر، ويخلق اللّه في كلّ سماء سبعين ألف ملك،

وببيت المقدس سبعين ألف ملك، وبالمشرق سبعين ألف ملك، وبالمغرب سبعين ألف

ملك، لكلّ ملك عشرون ألف رأس، في كلّ رأس عشرون ألف فم، وفي كلّ فم

عشرون ألف لسان، يسبّحون اللّه تعالي بلغات مختلفة، ويجعلون ثواب تسبيحهم

لمن يدعو بهذا الدعاء.

يا بنيّ اللّه! لم يبق نبيّ إلاّ دعا بهدا الدعاء، وما من عبد دعا بهذا الدعاء إلاّ لم يبق

بين الداعي وبين اللّه سوي حجاب واحد، ولا يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه، وكل من

دعا بهذا الدعاء بعث اللّه تعالي إليه عند خروجه من القبر سبعين ألف ملك، وفي يد

كلّ ملك علم من نور، وسبعين ألف غلام في يد كلّ غلام زمام نجيب، بطنه من لؤلؤ،

وظهره من زبرجد أخضر، وقوائمه من ياقوت أحمر، وعلي ظهر كلّ نجيب قبّة،

وللقبّة أربعمائة فراش من سندس واستبرق، علي كلّ فراش أربعمائة حوريّة، وأربع

مائة وصيفة، لكلّ حوريّة ووصيفة أربع مائة ذوابة من المسك الأذفر، وعلي رأس

كلّ وصيفة تاج من الذهب الأحمر، يسبّحون اللّه ويقدّسونه، ويجعلون ثوابهم لمن

يدعو بهذا الدعاء.

وبعد ذلك يأتيه سبعون ألف ملك، مع كلّ ملك كأس من لؤلؤ أبيض، فيه أربعة

ألوان من شراب وماء غير آسن، ولبن لم يتغيّر طعمه، وخير لذّة للشاربين، وعسل

مصفّي، علي رأس كلّ ملك طبق ومنديل عليه مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، لا شريك له،

وتحت هذه الكتابة مكتوب: هذه هديّة من اللّه تعالي إلي فلان بن فلان، المواظب

علي قرائة هذا الدعاء في عرصات القيامة.

والخلق كلّهم ينظرون إليه، ويقولون: من هذا ممّا يكون حوله من الغلمان والوصائف

وهم علي النجيب، والملائكة من بين يديه ومن خلفه، يسوقونه إلي تحت العرش؟

فينادي مناد، من قبل الرحمن: يا عبدي! ادخل الجنّة بغير حساب.

يا رسول اللّه! أيّ عبد دعا بهدا الدعاء يكون ملائكته في تعب ممّا يكتبون له من

الحسنات، ويمحون عنه السيّئات.

قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم: ما من عبد من أُمّتي دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان

ثلاث مرّات، وإن قرأه مرّة واحدة أجزاه، إلاّ وقد حرّم اللّه جسده علي النار،

ووجبت له الجنّة، فقدره علي اللّه عظيم، ومنزلته جليل.

ومن دعا بهذا الدعاء وكلّ اللّه عزّ وجلّ به ملائكة يحفظونه من المعاصي،

ويسبّحون ويقدّسون اللّه، ويحفظونه من البلايا كلّها، ويفتحون له أبواب الجنّة،

ويغلقون عنه أبواب جهنّم، وما دام حيّا فهو في أمان اللّه وعند وفاته، وقد أعدّ اللّه

ما وصفت لك.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: يا أخي جبرائيل! شوّقتني إلي هذا الدعاء، فقال جبرائيل: يا

محمّد! لا تعلّم هذا الدعاء إلاّ لمؤمن يسحقّه، لا يتوانا في حفظه، ويستهزيء به، وإذا

قرأه يقرأه بنيّة صادقة خالصة.

وإذا علّقه عليه يكون علي طهارة لأنّه لا يمسّه إلاّ المطهّرون.

قال الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما: أوصاني أبي أمير المؤمنين عليّ بن

أبي طالب عليه السلام، وصيّة عظيمة بهذا الدعاء وحفظه، وقال لي: يا بنيّ! اكتب هذا

الدعاء علي كفني.

وقال الحسين عليه السلام: فعلت كما أمرني أبي به، وهو سريع الإجابة، خصّ اللّه به

عباده المقرّبين، وما منعه عن الأولياء والأصفياء، وهو كنز من كنوز اللّه، وهو

المعروف بدعاء الجوشن.

أيّها الحامل لهذا الدعاء المطّلع عليه! ناشدتك اللّه لا تسمح بهذا الدعاء إلاّ لمؤمن

موال يستحقّه حقّي به، وإن بذلته لغير مستحقّه ممّن لا يعرف حقّه، ومن يستهزء به

فاسئل اللّه العظيم أن يحرمه ثوابه، وأن يجعل النفع ضرّا، وهذه وصيّتي إليك في

الحرز، والدعاء المعروف بحرز الجوشن جعله اللّه حرزا وأمانا لمن يدعو به من

آفات الدنيا والآخرة.

وقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: يا عليّ! علّمه لأهلك، وولدك،

وحثّهم علي الدعاء والتوسّل إلي اللّه تعالي، وبالاعتراف بنعمته، وقد حرمت عليهم

ألاّ يعلّموه مشركا، فإنّه لا يسأل اللّه حاجة إلاّ أعطاه، وكفاه، ووقاه.

وقال النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: يا عليّ! قد عرّفني جبرائيل عليه السلام من فضيلة هذا الدعاء ما لا

أقدر أن أصفه، ولا يحصيه إلاّ اللّه تعالي عزّ جلاله، وتعالي شأنه، والحمد للّه ربّ

العالمين[493].

(3806) 9 ـ السيّد شرف الدين الأستراباديّ رحمه الله: قال محمّد بن العبّاس رحمه الله:

حدّثنا أحمد بن الفضيل الأهوازيّ، عن بكر بن محمّد بن إبراهيم غلام الخليل، قال:

حدّثنا زيد بن موسي، عن أبيه موسي، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ

بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام في قول اللّه عزّ وجلّ:

«وَ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ عَنِ الصِّرَ طِ لَنَـكِبُونَ»[494]، قال: عن ولايتنا أهل

البيت[495].

(3807) 10 ـ العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: كتاب المسلسلات: حدّثنا محمّد بن عليّ بن

عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي، عن حبيب بن الحسن التغلبيّ، عن عبد اللّه

ابن المنصور، عن أبيه، قال: سألت مولانا أبا الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام، عن قوله

عزّ وجلّ: «يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَي»[496].

قال: فقال لي: سألت أبي، قال: سألت جدّي، قال: سألت أبي عليّ بن الحسين

قال: سألت أبي الحسين بن عليّ، قال: سألت النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم عن قول اللّه عزّ وجلّ:

«يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَي».

قال: سألت اللّه عزّ وجلّ، فأوحي إليّ: أنّي خلقت في قلب آدم عرقين يتحرّكان

بشيء من الهواء، فإن يكن في طاعتي كتبت له حسنات، وإن يكن في معصيتي لم

أكتب عليه شيئا حتّي يواقع الخطيئة، فاذكروا اللّه علي ما أعطاكم أيّها المؤمنون[497].

(3808) 11 ـ الخوارزميّ: أخبرني والدي، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم

الإمام، أخبرنا قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبّار بن أحمد الأسد آباديّ، حدّثنا

أبو حاتم أحمد بن الحسن بن هارون ـ بالريّ ـ، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد البغداديّ،

حدّثنا محمّد بن سهل مولي عمر بن عبد العزيز، حدّثنا عمرو بن عبد الجبّار، عن

أبيه، عن موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن

أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم السلام: أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم كان إذا عطس،

قال له عليّ عليه السلام: أعلي اللّه ذكرك، يا رسول اللّه! وإذا عطس عليّ عليه السلام، قال له

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم: أعلي اللّه عقبك، يا عليّ![498].

الراوون عنه عليه السلام

ابن عرفة، 12

إسحاق بن موسي بن جعفر، 108

الحسن بن راشد، 10

الحسين بن إسحاق بن جعفر، 127

أبو الحريش أحمد بن عيسي الكوفيّ، 191

أبو الخطّاب، 29

أبو عمران موسي بن إبراهيم المروزيّ، 139

جعفر بن بشير، 209

حصين، 170

حمّاد بن عيسي، عمّن أخبره، 86

زيد بن موسي بن جعفر، 110

سليمان بن جعفر الجوهريّ، 66

سليمان بن مقبل المدينيّ، 191

صدقة بن موسي، 121

عبد الحميد، 87، 133

عبد الحميد الطائيّ، 135

عبد الحميد بن عواض الطائيّ، 112

عبد اللّه بن المغيرة، 66

عبد اللّه بن المنصور، 266

عبد اللّه بن بكر المراديّ، 231

عبد اللّه بن عبد الرحمن، 135

عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، 34

عليّ بن عبيد اللّه، 199

عمرو بن عبد الجبّار، 266

عيسي الضرير، 123

مبارك غلام شعيب، 12

محمّد بن المفضّل، 207

محمّد بن ثابت، 158

محمّد بن صدقة، 128

محمّد بن عليّ بن جعفر، 118

محمّد بن مروان، 34

موسي المروزيّ، 107

موسي بن إبراهيم المروزيّ، 82، 107، 128

موسي بن إسماعيل بن موسي، 127

يزيد بن الحسن، 108، 224

پاورقي

[464] الأمالي: 36، ح 4.

عنه وسائل الشيعة: 12/197، س 8، ضمن ح 16074، أشار إليه.

من لا يحضره الفقيه: 4/284، ح 837، مرسلاً.

روضة الواعظين: 405، س 2، مرسلاً.

[465] إبراهيم: 14/27.

[466] التوحيد: 234، ح 2. عنه وعن المعاني البحار: 2/319، ح 4.

معاني الأخبار: 44، ح 2.

[467] في المعاني والبحار: «إذ صعد».

[468] التوحيد: 238، ح 1. عنه وعن المعاني، البحار: 81/131، ح 24، ووسائل الشيعة:

5/420، ح 6979، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 4/65، ح 4187.

معاني الأخبار: 38، ح 1.

فلاح السائل: 144، 13، بتفاوت يسير.

[469] ثواب الأعمال: 209، ح 11. عنه وسائل الشيعة: 5/87، ح 6000، والجواهر السنيّة:

195، س 15، و248، س 2.

عدّة الداعي: 130 س 9، مرسلاً، وبتفاوت يسير.

المناقب لابن شهر آشوب: 3/302 س 5، عن موسي بن جعفر، عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم.

عنه البحار: 42/62 س 1، ضمن، ح 1، ومستدرك الوسائل: 3/294، ح 3617.

جامع الأخبار: 134، س 21، بتفاوت يسير.

[470] الحجّ: 22/11.

[471] من لا يحضره الفقيه: 4/273 ح 829. عنه وعن الأمالي، وسائل الشيعة: 7/82 ح 8790،

قطعة منه.

الأمالي للصدوق: 321 ح 4، بتفاوت يسير. عنه وعن المعاني والغايات، البحار: 66/272 ح 4، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 5/168 ح 5582، و170 ح 5591، و11/234 ح 12839، و290 ح 13055، و12/151 ح 13756، و226 ح 13949، قِطَع منه .

معاني الأخبار: 197 ح 4. عنه وعن الأمالي للطوسيّ والصدوق، البحار: 72/311 ح 13، قطعة منه، و74/376 ح 1، و90/290 ح 8، قطعة منه.

الأمالي للطوسيّ: 434 ح 974، نحو ما في أمالي الصدوق.

المواعظ للصدوق: 39، س 2، بتفاوت يسير.

الأربعون للشهيد: 61 ح 27.

[472] أزري به وأزراه: عابه ووضع من حقّه. المنجد: 298.

[473] الفتح: 48/2.

[474] الشرح: 94/4.

[475] هود: 11/45 و46.

[476] الأحزاب: 33/9.

[477] يس: 36/9.

[478] الإسراء: 17/45.

[479] يس: 36/8.

[480] يس: 36/ 78 و79.

[481] الفتح: 48/27.

[482] التوبة: 9/40.

[483] الحجر:15/94 و95.

[484] الشعراء: 26/61.

[485] طه: 20/1 و2.

[486] البقرة: 2/284.

[487] البقرة: 2/285 ـ 286.

[488] البقرة: 2/285 و286.

[489] الأحقاف: 46/29.

[490] القلم: 68/4.

[491] الاحتجاج: 1/497 ح 127. عنه البحار: 3/320، ح 16، قطعة منه، و10/28، ح 1،

.............................................................................................................

أورده بتمامه، و11/139، ح 5، و277، ح 6، و12/2، ح 1، قطعتان منه، و17/273، ح 7،

أورده بتمامه، و18/339، ح 42، و34، ح 10، قطعتان منه، ونور الثقلين: 1/43، ح58،

و57، ح 100، و82، ح 205، و83، ح 215، و200، ح 730، و302، ح 1215، و306، ح 1227، و417، ح 463، و2/46، ح 185، و219، ح 155، و367، ح 135، و453، ح 154، و469، ح 211، و3/28، ح 107، و35، ح 126، و207، ح 395، و325، ح 34، و350، ح 113، و367، ح 10، و379، ح 65، و384، ح 85، و433، ح 82، و438، ح 101، و444، ح 120، و4/50، ح 21، و242، ح 31، و316، ح 14، و319، ح 20، و321، ح 24، و377، ح 20، و395، ح 88، و428، ح 91، و457، ح 49، و555، ح 73، و5/20، ح 32، و55، ح 14، و64، ح 48، و75، ح 82، و151، ح 28، و154، ح 38، و180، ح 18، و413، ح 12، و435، ح 18، و560، ح 39، و603، ح 8، قِطَع منه، والبرهان: 1/264، ح 1، و2/355، ح 4، و356، ح 8، و423، ح 2، و3/301، ح 5، و4/4، ح 1، و14، ح 5، قِطَع منه، وحلية الأبرار: 1/31، ح 1، 52، ح 6، و115، ح 9، 125، ح 5، و244، ح 3، و342، ح 4، قِطَع منه، ومستدرك الوسائل: 1/96، ح 78، و176، ح 293، و186، ح 301، و2/413، ح 2337، و530، ح 2638، و3/13، ح 2894، و50، ح 2995، و329، ح 3705، و4/478، ح 5216، و11/133، ح 12633، و240، ح 12855، و13/393، ح 15700، و16/215، ح 19636، قِطَع منه، وإثبات الهداة: 1/337، ح 333 ـ 353، قِطَع منه.

الخصال: 279، ح 25، قطعة منه. عنه البحار: 18/55، ح 9، وحلية الأبرار: 1/123، ح 4.

إرشاد القلوب للديلميّ: 406 س 23، مرفوعا إلي الإمام موسي بن جعفر عليهماالسلام، بتفاوت يسير. عنه البحار: 16/341، ح 33، أورده بتمامه، و56/4، ح 10، و66/39 س 15، و77/10، ح 9، و150، ح 12، و79/274، ح 22، و80/110، ح 10، 89/26، ح 55، و269، ح 20، و91/69، ح 59، و101/398، ح 45، قطعات منه، ووسائل الشيعة: 29/55، ح 35137، ومستدرك الوسائل: 5/332، ح 6020.

قصص الأنبياء عليهم السلام للراونديّ: 309، ح 384، وفيه: عن ابن بابويه، حدّثنا الحسن بن حمزة العلويّ، حدّثنا محمّد بن داود، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن محمّد الكوفيّ، حدّثنا أبو سعيد سهل بن صالح العبّاسيّ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الأعلي، حدّثنا موسي بن جعفر عليهماالسلام، عن آبائه عليهم السلام، باختصار. عنه البحار: 17/249، ح 3، و20/113، ح 42.

الخرائج والجرائح: 2/505، ح 18، نحو ما في القصص، مرسلاً.

تفسير العيّاشيّ: 2/252، ح 46، أشار إلي قطعة منه مرفوعا.

[492] كشف الغمّة: 2/218، س 16. عنه البحار: 41/119 ح 27، وأعيان الشيعة: 2/9، س 19.

[493] مهج الدعوات: 276، س 6. عنه البحار: 91/397 ح 3.

[494] المؤمنون: 23/74.

[495] تأويل الآيات الظاهرة: 352 س 5. عنه البحار: 24/22، ح 43، والبرهان: 1/338، ح

23.ينابيع المودّة: 1/338، ح 23، عن المناقب.

[496] طه: 20/7.

[497] بحار الأنوار: 68/250 ح 13. مستدرك الوسائل: 1/96 ح 79، كذا عن كتاب

المسلسلات، بحذف الذيل.

[498] مقتل الحسين عليه السلام: 163، ح 70.

المناقب للخوارزميّ: 325، ح 334.

بشارة المصطفي: 258، س 13، بتفاوت.

المناقب لابن شهرآشوب: 2/219، س 15، مرسلاً وبتفاوت يسير. عنه البحار: 38/298 س 5.